أسماء وأسئلة : إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الكاتب حميد الببكاري المقيم في بلجيكا
1.كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
حميد الببكاري خريج (قلعة ظهر المهراز)جامعة محمد بن عبد الله بفاس تخصص علم الإجتماع٠
فتوقف الزمن، و تعطلت عجلة القطار فعاودنا فتح بلاد الأندلس ٠٠٠
أصعب الأسئلة أن تعرف نفسك، كأنك تزيح الستار عن ذاتك، عن جسدك العاري لتقف أمام مرآة الحقيقة المرة٠
2.ماذا تقرأ الآن ؟وماهو أجمل كتاب قرأته؟
أما بخصوص القراءة، أقرأ حاليا “إعترافات قناع ” للكاتب الياباني يوكيو ميشيما٠
بفضل القراءة، توقفت في أكثر من محطة، وسافرت إلى أمكنة بعيدة بدون تذكرة، وعشت أجمل قصص العشق،
وكنت شاهدا على إنتحار الكثير من الأبطال، والتقيت بالرهبان، دخلت الأديرة و الكنائس وصليت الصلوات في غير موعدها٠تألمت، وعشت أفراحا، ولحظات من اليأس وأنا أنام على الرصيف مع المنبوذين والمهمشين، وعشت نشوة الإنتصار وأنا أتعقب خطوات جنود عادوا من معارك ضارية٠
بفضل القراءة، والسفر بين أوراق الكتب، أحتفظ الآن بأكثر من ذكرى، بأكثر من فكرة، بأكثر من قصة، بأكثر من حكاية، وأحتفظ برواية كالقبلة الأولى، رواية “عشيق الليدي شاترلي”
كتبها لورانس وهو متمرد على المجتمع البورجوازي٠القراءة أوكسجين الحياة التي لا يمكن الإستغناء عنها٠٠٠
3.متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
الكتابة موهبة، لعنة وجنون، عندما تحاول الكتابة تتم عملية الإنفجار، فشخصيا بدأت الكتابة بخربشات متواضعة،
تأثرت كثيرا بكتاب الهامش في البداية، لكن في السنين الأخيرة إن لم أقل تعرفت على الكتاب قبل أن أنجر إلى الكتابة و المغامرة الأولى، لكن لم يأت ذلك من فراغ بل من القراءة المستمرة والإحتكاك بالواقع٠فالكتابة سلاح الكاتب، أمانة يحملها على عاتقه أمام المجتمع، فالكاتب مرٱة مجتمعه وكاشف عيوبه وظواهره
المختلفة٠٠٠
4.ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
فاس مدينة فاتنة، وقعت أسير حبها من اللقاء الأول، بساحة فلورنسا كانت الخطوة الأولى، فاس بتاريخها
وأسوارها وقلاعها، تحفة تسر العابرين والعاشقين، فتنت بها، أحببت أهلها ولكنتهم الجميلة، كسبت ود الكثير من الأصدقاء، دروبها وأزقتها لازالت موشومة في الذاكرة٠٠٠
زرته مرات عديدة ومازلت أحن إلى مزار مولاي إدريس وجنان سبيل ورشفة شاي بمقهى الناعورة٠٠٠
5.هل أنت راض على إنتاجاتك وماهي أعمالك المقبلة؟
أكيد راض على عملي الأول، فكتابة الرواية مغامرة في حد ذاتها، فالمجتمع المغربي مجتمع قصة لا مجتمع رواية كما يقول العروي٠٠٠أم الأعمال القادمة رهينة بالزمن الذي أستغله وقت الفراغ وكذلك الأمكنة التي أتنقل فيها٠٠٠٠
6.متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة؟
أنا لست بلاعب كرة لكي أعتزل، كيف يمكن إعتزال الكتابة وأنا لازلت في بداية الطريق٠٠٠
7.ماهو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
صراحة أنا مدمن على قراءة الأدب الروسي، تمنيت لمرات عديدة أن أكون ولو من باب الحلم كاتب رواية “الجريمة والعقاب ” لدوستويفسكي، التي أقحم فيها علم النفس والغوص في النفس البشرية، وكيف تؤدي الظروف الإجتماعية إلى ارتكاب جرائم عديدة تخلق صراعا داخليا داخل عقل الإنسان٠
أنا لست بكاتب محترف، أنا قارئ فطقوس الكتابة عندي لاتتطلب أكثر من مكان يسوده الهدوء، مزاجي يختلف باختلالف الفصول ألأربعة٠٠٠
8.هل المبدع والمثقف له دور فعلي في المنظومة الإجتماعية
التي يعيش فيها ويتفاعل معها، أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
قلت مسبقا بأن الكاتب أو السوسيولوجي، يجب ان يكون مرآة مجتمعه، يتفاعل ويتجاوب مع المحيط الذي يعيش فيه، فالمجتمع تتحكم فيه مجموعة من الميكانيزمات تتطلب دائما التفكيك وتحليل كل الظواهر التي تطفو على السطح،فالمبدع يحولها إلى قالب روائي، والشاعر يكتبها قصيدة يتغنى بها،فالسوسيولوجي يترجمها إلى بحث ميداني يتسلح بأدوات وتقنيات ممنهجة٠٠٠فالمبدع الحقيقي لايمكن أن يعيش خارج المحيط أو الفلك الذي يدور حوله٠
9.ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟وهل العزلة قيد أم حريةبالنسبة للكاتب؟
العزلة راحة والمصالحة مع الذات وليس لدي أجمل من هذه المقولة لشوبنهاور “أولى ثمار العزلة هي راحة البال، وهي ثمرة طبيعية للتحرر من واجب مخالطة الغير والوقوع الدائم تحت وطأة أنظار الآخرين، وبالتالي التحرر من الإنشغال الهوسي بآرائهم في الأشخاص وفي أشياء هذا العالم، وبه ذا يكون المرء قد ربح العودة إلى ذاته وإلى نفسه٠”
10 .شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
لن أطير بعيدا ولن أغالط نفسي، من زمان كنت أمني النفس باللقاء مع محمد برادة، الأشعري، عبد القادر الشاوي
٠٠٠إلتقيت بهم جميعا وفي أماكن مختلفة، أوقعوني في عشق الأدب منذ الطفولة٠٠٠
11.ماذاكنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لايمكن أن نستحم في النهر مرتين، الحياة في سيرورة، وليس كل مايتمناه المرء يدركه٠
12.ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أو الفراغ؟
تبقى الدروس والعبر، فالغصن الذي تحركه الريح مرات عديدة ينكسر٠
13.صياغة الأدب لايأتي من فراغ، بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية٠
حدثنا عن إصدارك الإبداعي”اللون الأحمر في مكعب روبيك”
كيف كتب وفي أي ظرف؟
مصائب قوم عند قوم فوائد، كنت دائما أحلم بكتابة رواية أو مجموعة قصصية، لكن مع مرور الوقت والإصرار على كتابة هذا العمل أتيحت لي الفرصة بدخول العالم في نفق الوباء (كورونا) حيث بدأت في المسودة الأولى ثم الثانية، ففتح الباب على مصراعيه، فبدت معالم الرواية تتضح أكثر٠
الرواية فيها كل شيئ، ثقافة مجتمع وتاريخ٠
تاريخ الريف تحت نير الإستعمارالإسباني، تاريخ الحفريات بشمال المغرب، تاريخ اليهود بالمغرب، التاريخ العميق لمدينة فاس بعلمائها وكبار فقهائها ومامر بها من كبار المفكرين والمؤرخين كابن خلدون، بن عربي ٠٠٠
مشاركة المغاربة إلى جانب فرانكو في الحرب الأهلية، الحرب التي شارك فيها كبار الكتاب، ارنست همنغواي وجورج أورويل ولوركا الشاعر الإسباني٠٠٠
عندما أتحدث عن المجتمع فإني أتحدث عن الظواهر الإجتماعية التي كانت تطفو على السطح في تلك الفترة كظاهرة الهجرة السرية، ظاهرة التهريب، وظاهرة الدعارة، والإجرام الذي تفشى بشكل كبير في الأحياء الهامشية٠٠٠
ظواهر اجتماعية صيغت في قالب روائي تعطي للقارئ نظرة شاملة عن المجتمع المغربي الذي قال عنه السوسيولوجي المغربي عبد الصمد الديالمي”المجتمع المغربي معقد والكتابة عنه أكثر تعقيدا”٠
14.ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وماعلاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الإبداعية ليسكن الأرض؟
الكتابة نبض الحياة، سالح المبدع، بالكلمة يمكن أن يترك شيئا من روحه داخل المجتمع الذي يعيش فيه٠٠٠
15.هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب، أم يعيش هو بأحالمه داخل وطنه؟
كل مبدع يحمل هموم وطنه في حقائب سفره٠
16.كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الإجتماعي؟
تجربة إيجابية، حيث يتم التواصل بشكل مباشر بين القارئ والكاتب المفضل عنده٠٠٠
17.أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
الحياة أفراح وأتراح، كل الذكريات الجميلة ندفنها مع من نحب٠
18.كلمة أخيرة أو شيء ترغب الحديث عنه؟
شكرا صديقي رضوان على هذه الإلتفاتة والإستضافة، وأحييك على هذه النافذة التي تطل من خلالها على المبدعين وعشاق الكلمة ومروضي القافية، وأقول للجميع دمتم جميعا أوفياء للصدق وللعمل النبيل على أداء الرسالة داخل المجتمع بكل أمانة ٠٠٠