في زقاق شعبي تجمهر الناس على مشادات بين خمسيني ببدلة بهت لونها وشابة بوجه ملطخ بالأصباغ وفستان ضيق يبرز مفاتنها.
ـــ أيضربك؟
ــ لا إلا حين أستحق ذلك لأنه من غير اللائق أن أقوم بتصرف طائش.
ـــ لأي سبب؟
ــــ خروجي من البيت دون إذنه، تورطي في مشاحنات مع الجيران
ـــ أضرب مبرح؟أيترك ندوبًا في جسدك أو كدمات على وجهك؟
ــــ ليس تعنيفا كما تتخيل لكنه مؤلم بعض الشيء، وقد أبقى مرضضة لمدة أسابيع.
ـــ من أدراك بتعنيفها؟ أأنت شقيقيها؟
يجيب الشاب:—نعم أنا شقيقها
ـــ و هل أنت قريبته؟
ـــ سأفي بالغرض إنني السيدة رحمة قريبته وأخته بالرضاعة
لماذا لا تريدين أن تريني؟
ـالفتاة:ــ إنه مجرد عنف منزلي محتمل، ولم يعد يؤلمني ولكنه لا زال بداخلي
السيدة:ـــأنا لا أقصد الإساءة إليك لا تقف عندك تعالي لزوجك
أود أن أسدي لك نصيحة لإنهاء المسألة عند هذا الحد لننه الأمر إتفاق بيننا
الفتاة:ــ لا تقحمي نفسك في شؤون الأخرين، عدم إضفاء الشرعية أن تكوني متواطئة معه دون حياد، ربما تعرفين تصرفه الأرعن وتجاوزاته
هو مزهو كثيرا غير مكتمل الرجولة، حين يكون على غير سجيته يمسح بي الأرض
رحمة:__أيمكنك سماعي؟ أتسمعينني ؟ لايحظى الجميع بما لديك، أنصحك بالعودة لبيتك
ــأنا لا أريده بشدة أكره أن يذكرني به أحد لأنه غير جدير بالذكر
أتركني لشأني
الفتاةـــ سأشرح قضيتي التي أنا مقتنعة بها، لن أدع الأمر يمضي، الندم لقد شعرت بالقليل منه
في بادئ الأمر لم يرمني مثل نسالة أو غطاء زجاجة ، بل أظهر لي حبا وتعاطفا وأكرمني، لم يقلل من احترامي رغم أنني في نظر المجتمع مجرد فتاة مثيرة للغاية، لا تجيد شيئا إلا مواعدة الرجال ، لقد غير عالمي وصرت ما أنا الآن عليه، اهتم بي، وجعلني أمثولة لربة البيت ، لم تكن الأمور سيئة كان الوضع جد عاديا ، كنا نشكل ثنائيا مميزا، أضحت علاقتي به هوسا، أنتظر عودته يوميا بشوق ولهفة كزوجة نمطية ، أتم شؤوني المنزلية لأتلهى بسقي النباتات وتشذيبها، وجلوس أمام التلفاز أو تقليم أظافري، مر تأقلم مضني ،وانفجرت فقاقيع الوهم لأكتشف أنني بإقامة جبرية ، وازدادت تعاستي بقيامه بتعنيفي وتذكيري بالماضي بعد أي مشادات بيننا، مما رسخ يقيني أنني محاصرة بمكان يكتنفه الروتين ذاته كل ليلة، دون لمسة حنان أو كلمة حب، ينفتح باب بيتنا على مصراعيه لغرباء، لينغلق على سهرات لعب الدومينو أو متابعة مباراة كرة القدم ناهيك عن رائحة تزكم أنفي وتحبس أنفاسي للفائف القنب الهندي، وبين الفينة و الأخرى يعلو دوي تصفيرهم وهتافهم يصم أذني، وأنا ضائعة في تقمص سخيف لدور نادلة، لضيوفه المزعجين ، وإثر مغادرتهم يغرق في موجة نوم عميقة يلعلع غطيطه كباخرة بخارية قديمة، ينتابني حنق شديد له، وقهر مذل لنفسي أسترق النظر من شقوق الباب أو ثقب المفتاح توقا لرؤية أبعاد أكثر شاعرية كتعويض يدغدغ مشاعري المتأججة.
شقيقة الزوج: ـــ يبدو الأمر غريبا بعض الشيء لم لم تحركي ساكنا من قبل؟
الفتاة: ـــ هذا السؤال يغيظني ويثيرني….. هل يجدر بي تبليغ أحد ما؟ لأسباب خاصة التزمت بصمت دون اعتراض ، سايرت الوضع على مضض
الزوج: ــ تبا لهذه الحجج الواهية، أنت كاذبة مريضة ……لدى الجميع قصة سيئة،لنترك هذه المسألة بيننا، أم أنك لا بد أن تحدثي جلبة كالعادة
— أتدعوني أن أجمل ما حدث؟ الحقيقة نحن نتبادل الكراهية، يعاملني كخادمة دائمة الشكوى، أعامله كمزعج عنيف.
ــــ ما أود الإفصاح عنه أخطأت بتركي الحبل على الغارب، طالما نصحتك أن لا تعتادي على التسكع بشوارع المدينة، لكنك عنيدة لعينة كمهرة جامحة عصية عن الترويض
ــــ أنت عجوز بوجه قبيح
الزوج : ـــ لم آت لأجاملك ،طالما تغاضيت عن طيشك، وتغافلت عن أحشائك غير الخصبة، لقد أدركت ما أنت عليه أكثر مما ترينه في نفسك، ما أردته هو زوجة صالحة، و ليس صرافا آليا لمشترياتك، لقد إكتفيت منك لحظة رؤية رسائل فظة فحواها جنسي بهاتفك، أفقدني صوابي، خنت ثقتي بحقارة، طالما سألتك أهناك من تحبينه؟، أهناك من تريدينه؟، كانت غلطتي الوقوع في حبائلك، وغروري أنك تحبينني وخداعك أفقدني كبربائي كرجل
الفتاة منفجرة بالضحك:ـــ أتصدقونه، محض بهتان وافتراء، عجوز عديم الأهلية، ضائع في شكوك ، كان حريا بي مغادرة كوخك، وتجنب العناء بسوء معاملتك المسببة لنوبات القلق التي داهمتني مؤخرا
الزوج: —أتساءلت يوما أين كنت من قبل؟
السيدة: ـــ أنصتي إلي بتمعن، لم آت لأصعب الموقف لم أردك أن تتعرضي لأي أذى، أحاول إسداء نصيحة لم تطلبيها، كل ما تقولينه، ليس مسوغا لما أقدمت على فعله
ـــ لقد جعلني عصبية مهووسة بالإكتئاب .
–هل أدعه ينجو بفعلته؟ ما أكره أن يكون أحدهم وصيا علي ، يملي علي أوامره، يؤلمني مجرد التفكير بذلك .
ـــ متغطرسة
ـــ أنا أعبر عن ذاتي
قالت إمرأة واقفة بجانبها: —- تجاوزي عنادك أيتها المشاكسة
–أنا أتبع قناعاتي، ربما أبدو مختلفة لمتلبد الشعور ومتصلب الفكر مثلك، فلتبق بعيدا عني
ــــ ربما أبدو مختلفة لمتلبد الشعور، متصلب الفكر، فلتبق بعيدا عني .
شقيقة الزوج: ــــ لا أود إغضابك، أفكارك غير منطقية.
الفتاة: ـــ أنتم لطفاء حقا، ولست متضايقة منكم، هل يمكنني الإختلاء بنفسي؟
ـــــ من فضلكم دعوني وشأني يمكنني تولي الأمر
إحدى صحيباتها: —حاولت توطيد علاقتها به لكن تراودني أفكار سوداء حيال ما يحصل لها من أمور سيئة، ما يغضبني أن يضرب رجل امرأة
الزوج : —تنالين ما تستحقينه، حريا بك أن تفعلي ما في وسعك حيال البيت الذي انتشلك من قاع …..أيتها المشاكسة السوقية
أخ الفتاة: — يعاملها بوحشية، لا يحق له ذلك؟
السيدة: — هل التوبيخ أو الشتم مؤشر عدائي؟
إحدى صحيباتها: — أتفهم ألمك هذا أمر متوقع لديه الغلبة عليك
أحد الحاضرين: —شهود عيان في كل مكان ألم ير أحد مشهد تعنيفك؟
الفتاة: ــــ أوقفوه دون إبداء الأسباب
شقيقة الزوج: — من الممكن أنها كذبت إفادة بعض الشهود في ما تقحم نفسها فيه تعتبره مسليا
أحد الحاضرين: ـــ يمكن توكيل المحامي لتمثيلها والدفاع عنها
أحد جيران الزوج : ـــ لا دليل حسي يمكن رفعه الدفاع، وضعها مشكوك بأمره، وثمة أقاويل بذهابها لأماكن مشبوهة.
السيدة : ـــ لحد الآن ليس هناك تسوية أو مصالحة.
شقيق الفتاة :— لأجل إسكاتها من له علاقة بطرفي النزاع ؟
السيدة رحمة: — المسألة ليست بها خطورة للمثول أو عدمه أمام القضاء ….أفلا تقلقين حيال نفسك؟
الزوج: –أرغب في وجوب تحسين وضعك
الفتاة: —أتود حقا إغضابي لن أذعن لأحد
أحد جيران الزوج: — دعوها وشأنها
الفتاة: — حاذر ألفاظك
أخت الزوج:—أترافقينني أود التحدث معك ومعه لطي هذه الصفحة.
إدخلي لبيتك وكفي عن العبث لم يبق ما تفعلينه.
الفتاة: –طلبت منك أن تدعني وشأني أنا في مزاج سيء للغاية، مجرد ذكر اسمه يدفعني للتقيؤ
الزوج: — قبل أن تسهبي بالثرثرة أيتها الخبيثة الماكرة
أنت لست فراشة إنسيابية كما يراك البعض أو عصفورة في قفص كما يتخيك البعض الآخر سافلة لعينة.
–أيها المنحط الهروب من جحيمك يشعرني بالرضى والإرتياح
–يالي من مسكين أنا وسط معضلة إخلاقية هل سأهان من قبل ساقطة؟
السيدة رحمة:—- الهروب لا يجدي إذا كان ما تهرب منه ينمو بداخلك وآخر ما أود قوله أن زوجك قد يبدو مزاجيًّا متقلبًا، لكنه يتصف بصفة إنسانية نبيلة ألا وهي عطفه وحنانه
الفتاة: — لقد اكتفيت من كل شيء لم أعد أكثرت لما سيقع أو ما ستؤول إليه أحوالي، طالما حاولت ملاطفته وترقيق مشاعره، لكن همجيته تدفعه لإذلالي وتعذيبي، الآن اعتزمت أن أتركه للأبد، لقد وصلت للمنتصف، لذا اخترت عن قناعة طريق اللاعودة.