ضرب أحدهم كرة، تدحرجت بعيدا، حاول الكثيرون الإمساك بها دون جدوى، اختفت عن الأنظار وتوغلت في المجهول. ضحك عجوز متهالك، وقال: الكرة الآن قي بطن المحيط. نظروا إليه بدهشة، قال أحدهم: نحن في صحراء جرداء، وضحك، نظروا إليه بصمت، كف عن الضحك وشعر بالتبلد. قال آخر موضحا: أين نحن من المحيط؟ قال شخص: هو هناك، وأشار بيده إلى أمام. نظروا حيث أشار. قال أحدهم: ليس أمامنا إلا الأفق المتصل بصحرائنا هذه. قال العجوز بثقة: أنظر خلف الأفق ، تر المحيط. ضحكت الجموع لجموح خيال العجوز، بينما وقف الشخص وشَخَص بنظره إلى الأمام، وقال: صدق العجوز، أراه مهيبا، واسعا، يبتلع الكرة، وينتفخ ويغضب ويهدر وينفث ماءه، ثم يغلف الكرة الأرضية بأكملها.
قال رجل: المحيط لا يغلف الكرة الأرضية يا جاهل.
صرخ آخر: بل يغلفها.
احتد النقاش، وتضاربت الآراء فيما إذا كان يغلفها أو لا يغلفها، وتداخلت العبارات وتبودلت الشتائم، والعجوز قابع في مكانه في صمت، والشخص يجلس قربه بهدوء، يترقبان ما يدور بمتعة ربما، أو بمكر، أو ربما كانا عابثين، لا أحد يحزر، قال رجل: العجوز أثار الفتن، وعلينا أن نقمعه، أيدت الجموع: هذا عجوز النحس.
قال الشخص مندفعا: العجوز لم يكذب. وقد رأيت المحيط بعين قلبي.
أحاطت الجموع بالإثنين الشاذين، وكممت فاهيهما ، وربطوهما معا وتركوهما ثم غادروا باتجاه الأفق.