إلى متى سنبقى نسير في هذه المتاهة؟ طريقها محفوف بالشوك، متى سنفك لغزها وننفذ منه إلى العالم الرحب، لنحتكم لقانون العدالة المفقود هنا، لكنه هناك أيضا مفقود، وإلا وجدنا من يضع الحد على الجرائم التي تُمارَس علينا بكل شراسة وهمجية دون رادع … نحن نعاني والعالم يتفرج، نحن بلا حقوق، حُرمنا من أبسط حقوقنا في الطعام والشراب … أطفالنا تموت جوعا، ونحن إذ نعيش هذا الويل نموت قهرا، لكننا مع كل هذا الظلم لن نغادر أرضنا … جذورنا ضاربة فيها حتى النخاع، سنطالب تطبيق القانون هنا في متاهتنا الضيقة، التي صنعتم منها متاهة، مع أنها كانت تتسع لنا برحابة، لكنكم بممارساتكم هدمتم كل سلاسة كنا نعيشها لنجد أنفسنا غارقين، مقيدين، حُرمنا من أبسط حقوقنا … وتقولون القانون يحكم العالم، آين هو القانون الذي تتشدقون به ولا تطبقونه. نحن نصرخ لعل صراخنا يخترق مسامعكم، قبل أن يصيبكم الصمم، صوتنا حاد النبرات، سقيلا، تشكله آهاتنا فيخرج متسقا يهز المشاعر لمن يمتلكها … وينفذ إلى أدمغة المتسيدين على الكون، الظانين أنفسهم أصحاب القرار، عندما يسمعوننا يختل توازنهم، يتبلمون، ويحارون كيف يواجهوننا، لا يملكون الحجة الدامغة لردعنا، أو إجابتنا فيلجأون للنار، ويقولون التأديب وجب، وذنبنا أننا لا زلنا نحيا على أرضنا، ذنبنا أننا نصرخ من فوهات قبور أطفالنا، شلال الدماء. حولنا يمنحنا القوة والصلابة للمضي قدما، لا تخيفنا بنادقكم، ولا طياراتكم، ولا قذائفكم، وقصفكم الهمجي … دماؤنا تروي أرضنا فتُنبت السنابل والزيتون، الذي تسرقون ثماره، وتحرقون بعض أشجاره، لكننا صامدون، جذورنا مغروسة في الأعماق كما الزيتون، من دمائنا سنتكاثر، ولتعلموا أننا عندما نستشهد لا نسجل نهايتنا ، بل هي بداية جديدة لأننا سنترك بعدنا جيلا يقاومكم، نحن رسمنا لهم أولى خطواتهم، وسنتركهم يتابعون الدرب بوعيهم، وإدراكهم، آخذين بنظر الاعتبار التطورات التي ستجابههم، نحن نثق بهم، أرواحنا تساندهم، وتعلمهم الصمود، سيتابعون المسيرة حتى يكتب الله لنا نهاية عادلة، إلى ذلك الحين سنبقى نقاوم بأظافرنا، وحناجرنا، وأقلامنا، وبعزمنا وإرادتنا سنحقق المستحيل.