الشاعرة لطيفة حساني الفائزة بجائزة البابطين للشعر  في حوار لآفاق حرة 

حاورها :معتصم الشاعر
لطيفة حساني شاعرة جزائرية، فازت حديثا بجائزة  عبد العزيز سعود البابطين للشعر2024، لها عدد من المجموعات الشعرية منها: شهقة السنديان، أغنية تشبهني، ظلي الذي أتبعه، وشاية الماء، فلسفة الفراشة.
تأهلت إلى نهائيات برنامج أمير الشعراء بالإمارات العربية المتحدة 2017
وكذلك مسابقة عكاظ بالمملكة العربية السعودية 2019.
وفازت بعدد من الجوائز :
جائزة أفضل قصيدة .الجزائر 2021
جائزة في حبي للعربية . الجزائر 2021
الجائزة الأولى بمسابقة أول نوفمبر الجزائر
الجائزة الأولى بمسابقة البابطين الشعرية فرع أفضل قصيدة بدولة الكويت 2018
جائزة حسن عبد الله القرشي بجمهورية  مصر  العربية  2017
الجائزة الأولى بمسابقة الشعر الفصيح بالجزائر 2014
الجائزة الأولى بمسابقة شعر وذاكرة بالجزائر 2013
الجائزة الأولى بمسابقة الشعر النسوي بالجزائر 2012

** الشاعرة لطيفة حساني، في البدء أبارك لك فوزك بجائزة عبد العزيز سعود البابطين في الشعر عن ديوانك فلسفة الفراشة، ما شعورك وأنت تفوزين بواحدة من أهم الجوائز  العربية في الشعر، إن لم تكن أهمها على الإطلاق؟.
شعوري وأنا أسمع خبر فوزي بجائزة البابطين كان شعورا بدهشة،  خبرتني بفوزي إحدى الصديقات فقط بعد قراءتها للخبر لأنني حين شاركت كنت في الجزائر والآن أنا مقيمة بفرنسا لذلك تعذر على القائمين على الجائزة الاتصال بي . والغريب أن أكثر الجوائز التي أفوز بها أنسى أنني شاركت فيها.
**الجوائز الأدبية بمثابة اعتراف للمبدع بأن مجهوده في صناعة الجمال لم يضع سدى، وأن احتراقه قد أضاء للناس الطريق، ولقد فزت بجوائز كثيرة، في رأيك ما هي الفوائد  الأخرى للجوائز إضافة إلى قيمتها المعنوية؟.
الجوائز لها دور جميل في التعريف بالشاعر ولها أثر في نفوس الجمهور العادي أو حتى في الوسط الثقافي كأن المتلقي لا يكتفي بذوقه بل يحتاج إعجابه بالكاتب إلى ما هو ملموس.
**بالنظر إلى ما قام به عبد العزيز سعود البابطين، ذلك  الرجل المفتون بالشعر والذي لا يمل من خدمته، في رأيك ما هو دور أصحاب الأموال في وطننا العربي للارتقاء بالواقع الثقافي، وما هي نظرتك لحاجتنا إلى الشجاعة في الاستثمار الثقافي؟
الدكتور عبد العزيز سعود البابطين رحمه الله وجزاه جنة عرضها السماوات والأرض  كان مثالا للرجل العربي الغيور على الموروث، بصراحة حين زرت الكويت ذهلت من كم العطاءات التي قدمها الدكتور عبد العزيز سعود البابطين عليه رحمة الله ورضوانه. أيضا هناك مبادرات راقية في دعم الشعر والشعراء كبيت الشعر بالشارقة والبرامج التلفزيونية بالسعودية والإمارات. والكثير من المبادرات الجميلة بمختلف البلدان العربية كالمهرجانات والنشر وغيرها..
** المنتج الثقافي كثير جدا، ومن المستحيل الإحاطة به، وهنالك ضعف للترويج للإبداع، وأحيانا تكون الجوائز كتحريك للبركة الراكدة، عبرها قد يصل صوت المبدع إلى آفاق جديدة، يحدث هذا حتى بالنسبة للفائزين بنوبل، وبعد الفوز تنشط الترجمة وحركة النقد والصحافة، ما هي خطتك في استثمار زخم الفوز لدفع مسيرتك الإبداعية؟.
فعلا المنتج الثقافي والشعري كثير جدا، والكثير منه نوعي ذو مستوى عال، لكن ما ألاحظه أن الجوائز تجعل العالم ينتبه ونفس القراء الذين تعرفوا على الشاعر قبل الجائزة تجدهم يغيرون نظرتهم، مع أنهم متأكدون ومؤمنون بمستوى الشاعر لكن أن تنال جائزة وتمثل بلدك في واحدة من أهم الجوائز فهذا إنجاز تفتخر به. ويفتخر به أبناء بلدك والأحبة والأصدقاء.
في الحقيقة ليست لدي خطة محددة غير الرهان على النص ومحاولة تقديمه بصورة أجمل وأحدث..
**في عصر الانترنت وسهولة النشر، كثر أدعياء الموهبة، وقد يحكم القارئ على الإبداع الجديد كله بدرجة واحدة إذا تكررت قراءاته المحبطة، وقد تضيع أصوات جميلة وسط الضوضاء، في رأيك كيف نصنع بيئة إبداعية تقلل من ظهور من لا يستحق وتفسح المجال لمن يستحق؟
الأنترنت هي من أهم الأشياء التي جعلتني أقدم نصي وكثرة الكتابة الرديئة لا يمكن أن تخلط الموازين إلا على الذين لا يفرقون بين الرديء والجيد ..
هنالك فرق في صناعة الكتاب عندنا والغرب مثلا، هنا يقوم الكاتب بالدور الأكبر، عليه أن يكتب ويطور أدواته دون أن يتوقع عائدا ماديا من كتابته، عليه أن يعمل في شيء آخر لمعاشه، وعليه في كثير من الأحيان أن يتكفل  بطباعة إنتاجه، وعليه أن يقوم بالترويج لنفسه بنفسه، هل تعتقدين أن غياب الدور الاحترافي لدور النشر هو السبب وراء ضعف وصول الكاتب إلى شريحة أكبر من القراء، وما هي رؤيتك لتطوير صناعة النشر في عالمنا العربي؟
الشيء المؤسف أن الكاتب صار بائسا يجب أن ينشر على حسابه ويوزع ويقوم بالإشهار لنفسه ولعمله فأكثر دور النشر تشعر أنهم لا يرون الكاتب مبدعا بقدر ما يرون ما بيده من مال. وهم من أسباب تناقص جمهور الأدب القليل بسبب قبولهم أعمالا رديئة لا يصلح أصحابها إلا أن يكونوا جمهورا متلقيا. لا يمنع أن هناك دور نشر محترمة و لا تقبل بأقل من المستوى.
**ربما هنالك عدد من القراء لم تتح لهم الفرصة لمعرفتك، فلا بد لنا أن نستغل هذه السانحة في التعريف بك، حدثينا قليلا عن نفسك؟
أنا شاعرة جزائرية عصامية من مدينة بسكرة تحديدا من سيدي عقبة، هذه المنطقة التي تزخر بالنخل و الشعر  و بالعلماء. علمني والدي الشيخ الإمام الهاشمي حساني رحمه الله النحو والعروض حين اكتشف موهبتي وحبي للكتابة، وقتها كنت أسأله هل أصير شاعرة جيدة يا أبي ذات يوم؟ كان رده : إذا بلغت همة ابن آدم الثريا يدركها.
**كيف كانت بدايتك الشعرية، وكيف عثرت على صوتك الخاص لتكتبي الأغنية التي تشبهك؟
كانت البداية مصادفة وعن غير قصد، منذ صغري كان الشعر يستهويني أذكر أنني  كنت بسن الثامنة وقرأت لامية الشنفري الأزدي في المدرسة لزميلاتي فانصرفن فحدثتني نفسي. بأن هذا الجمال والرقي ليس من الطبيعي أن يقابل بهذا البرود، لكن لم أكن أعتقد ولم أكن أحلم أن أكون شاعرة رغم قراءتي والتغني بعيون الشعر العربي، وقت قررت الكتابة كنت أغني قصيدة وصف الحمى للمتنبي كتبت أنا وأختي معارضة لها عن غير قصد. هي اعتبرتها تسلية وأنا وجدت ضالتي في هذا العالم الخيالي الراقي والحمد لله.

**أحد شعرائنا قال:” إن تكن أنت بعيدا عن يدي، فأنا شاعر يستنطق الصخر العصيا”، إلى أي مدى يحتاج الشاعر إلى تطوير حسه الجمالي الفطري ليصل إلى  مرحلة يسمع فيها ” وشاية الماء” “وشهقة السنديان” وليترجم للآخرين “فلسفة الفراشة”؟
الشعر شأنه شأن العلوم الأخرى يحتاج اجتهادا ومثابرة وتنويع قراءات وانفتاح على العالم وعدم رضى عما يكتب فالشعر يعطيك على قدر عطائك.
يقولون: الشعر ديوان العرب، وتقريبا نستطيع أن نجد روح كل عصر كامنة في شعره، في رأيك هل ما زال الشعر العربي مواكبا لحركة التاريخ أم انفصل قليلا عن الواقع وموضوعاته الكبرى؟.
لا يمكن للشعر أن يتجرد من الواقع وإن كان رمزا في النص والشاعر لسان عصره وإن لم يشعر بهذا ..
تقولين في إحدى قصائدك:” لي فكرة ضاق الكلام بأفقها، وتمردت عن ممكنات الناس”، هل نعيش في عصر مثقل بالجراحات التي تعجز اللغة عن وصفها؟ أم أننا لا نستطيع الكلام لاعتبارات أخرى، الخوف إحداها كما قلت في قصيدتك: “تترنم الكلمات ملء سكوتنا والخوف فينا ساكن مسكون”؟
هذا الوقت من أصعب الأوقات والتناقضات التي به تجعلك في مد وجزر ليتنا بقينا صغارا لنبقى نعتقد أن كل البشر ملائكة وإخوة..
تكتبين معظم قصائدك بالطريقة العمودية، هل ترين أن الشعر الحر وقصيدة النثر قد أذهبا ببريق الشعر العمودي؟
نعم معظم القصائد أكتبها عمودية وهذا راجع لذوقي فأنا أحب كتابة الشعر العمودي أما القراءة فأنا أحب قراءة كل جميل شعرا كان أو رواية، هناك قصائد نثر راقية جدا ونستفيد من فلسفتها وعمقها.
**يرى البعض أن الشعر العمودي هو دعوة للوراء، وأننا لا بد أن نتقدم بتركه والاتجاه إلى طرق جديدة في التعبير الشعري، شعر يطير بجناحيه وليس بالضرورة أن يسبح في بحور الخليل بن أحمد، ماذا تقولين لهؤلاء؟.
من يقول أن القصيدة العمودية دعوة للوراء هو واهم لأن الجمهور العربي حتى غير القارئ منه يحب الشعر العمودي ويستدل به في أبسط الأشياء والمواقف. والذين يدعون إلى هدم الموروث يعدون على رؤوس الأصابع.
**فوضى هذا العصر وطوفان المعلومات دون تأمل وتسارع إيقاع الحياة، أصابت ذائقة الكثيرين بالعطب، هنالك استسهال غريب، يريد الكثيرون أن يكون كل شيء في متناول اليد، يريدون أشياء يفهمونها من الوهلة الأولى، أما التعابير التي تحتاج إلى إعمال الفكر والخيال فلم تعد لها شعبية،  برأيك كيف نرتقي بذائقة الشباب ونمنع لغتنا من الانحطاط؟.
صدقني المتلقي ليس ساذجا لكي لا يفرق بين غث الشعر و سمينه.
**وأنت تعيشين في باريس، هل فكرت في كتابة الشعر باللغة الفرنسية للوصول لجمهور أكبر، وهل هناك فرق بين أن تجيد لغة أجنبية وأن تبدع بها؟.
نعم ليتني أستطيع الكتابة بلغات أخرى على الرغم من أن الشعر العربي العمودي هو ما أحب.
**هل تُرجمت أيا من دواوينك الشعرية إلى لغات أخرى؟
لم يترجم لي ديوان كامل أحيانا بعض النصوص تترجم وأنا أتمنى أن تترجم دواويني لعدة لغات.
** وماذا تودين أن تقولي لجمهور الشعر في الوطن العربي؟.
أوجِّه تحيتي لكم ولكل محبي الشعر وأهدي فوزي لبلدي الحبيب الجزائر الذي مهما قدمت لها فهو قليل وأهديه لأمي الغالية ولزوجي الحبيب الذي شجعني على أن أواصل مسيرتي الشعرية.
 **نود أن تودِّعي جمهورك بقصيدة، ماذا تختارين؟
سوف أختار قصيدة نشرتها في ديواني الأخير فلسفة الفراشة قصيدة على الرغم من أنها قديمة إلا أنها من القصائد القريبة من القلب ..
أصارع الموج والمجذاف لي قلم
وذكرياتي وأحلامي مراكبُهُ
بحزن قلبي بأناتي بأمنيتي
بصمت أمسي وتغريبي أخاطبُهُ
هو الحنين وسر الماء في لغتي
قراح ضوء وما خابت مشاربُهُ
هو المسير مع النجمات أرشدها
وكم تغنت على كفي كواكبُهُ
هو المدينة في قلب كم ابتعدت
عنه المدينة بل كانت تغربُهُ
مسافر يقتفي آثار سوسنة
غابت وأرجعها شيء يؤنٌبُهُ
ذرفت حالي على أطلال من نكأوا
جراح أمس …ولا حيٌ أعاتبُهُ
وحط نسر الأسى في الروح أزمنة
وكم سرت في شراييني مخالبُهُ
ما بي وقد كنت أسرابا مسالمة
أعدٌ جيشا وفي آنٍ أحاربهُ.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!