أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في أحد المجالات الحيوية، في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الأسبوع: الكاتب المغربي عبد العالي بركات
1. كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟
عبد العالي بركات، كاتب قصص قصيرة. اشتغل في ميدان الصحافة الثقافية. له مجموعة من الإصدارات في القصة والمقال الأدبي. نالت مجموعته القصصية الأولى “أشياء صغيرة” جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، دورة 1994.
2. ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أعكف خلال هذه الأيام على قراءة النصوص المسرحية، سواء لكتاب مغاربة أو أجانب، أما أجمل كتاب قرأته، فلا يمكن تحديده هكذا بشكل مطلق، هناك العديد من الكتب التي قرأتها ووجدتها في غاية الجمال والروعة.
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
أعتقد أن فترة الدراسة بالتعليم الإعدادي كانت حاسمة في انخراطي في مجال الكتابة الإبداعية، بالنظر إلى أن أساتذة اللغتين العربية والفرنسية كانوا ينوهون دائما بكتاباتي الإنشائية، فضلا عن ذلك كنت متأثرا بالمقاطع التي كانت تتضمنها المقررات الدراسية للأدباء المغاربيين الذين يكتبون باللغة الفرنسية: أحمد الصفريوي، الطاهر بن جلون، مولود فرعون، محمد ديب.. وغيرهم، بالنظر إلى أنني كنت أجد شخوص قصصهم تحمل أسماء أليفة لدي، كما أن الفضاء ينتمي إلى أوساطنا الاجتماعية، كل ذلك معبر عنه بلغة جذابة هي اللغة الفرنسية.
أما السبب الذي يجعلني أواظب على الكتابة، فهو مقاومة الجنون بكل بساطة.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
أجدني دائما منجذبا إلى المدن التي لم يسبق لي أن زرتها. لا أحب أن أكرر العودة إلى المدينة نفسها. كما أنني لا أحب أن أمكث في كل مدينة أكثر من ليلة واحدة، باستثناء المدينة التي أقيم فيها، مكره أخاك لا بطل.
5. هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
لو كنت راضيا تمام الرضا على ما أنتجته من كتابات، لما فكرت في الاستمرار في الإنتاج، ولفضلت أن أصير مجنونا. إنني دائم الانشغال بإنتاج أفضل ما يمكن من نصوص قصصية، ومقالات أدبية. إنه الممكن من المستحيل.
بالنسبة لأعمالي المقبلة، ستصدر لي قريبا مجموعتان قصصيتان:
“كمامات.. كمامات” جنستها بقصص وبائية، وهي عن تجربة سنتين مجنونتين (2020 و2021) من وباء كورونا الذي لا أظن أننا سنتخلص بسهولة من آثاره وإن كان قد تم إنهاء حالة الطوارئ الصحية.
المجموعة القصصية الأخرى التي ستصدر لي كذلك عما قريب، فتحمل عنوان “مكر الليل والنهار”.
6. متى ستحرق أوراقك الإبداعية وتعتزل الكتابة؟
التوقف عن الكتابة بالنسبة إلي بمثابة الارتماء في أحضان الجنون، وأنا لا أريد أن أجن.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
كنت متعودا على الكتابة على الورق، غير أنني خلال السنوات الأخيرة، أرغمت نفسي على الكتابة مباشرة في ذاكرة الحاسوب، هذا يجنبني متاعب نقل ما هو محبر على الورق، ليس هناك عمل أكثر ضجرا من التصفيف الإلكتروني لما كنت قد كتبته سلفا في المسودات الورقية.
أقسم فترة الصباح بين القراءة والكتابة، لقد صرت متفرغا منذ بداية هذه السنة. بالنسبة لفترة المساء أكرسها للتجوال ولمشاهدة التلفاز.
8. هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
مسألة المساهمة في التغيير بواسطة الكتابة الفكرية أو القصصية أو الشعرية أو ما إلى ذلك، غير ممكنة، هناك أطنان من الكتب التي رحل أصحابها دون أن يتحقق شيء مما كانوا ينشدونه، بل إن الوضع ما فتئ يزداد سوأ، يحضرني اللحظة المرحوم محمد عابد الجابري، يا ما ألف من الكتب والدراسات، لكن هل تغير شيء في وطننا وفي عالمنا العربي ككل، مما كان يدعو إليه؟ لا شيء، هذا مجرد مثال من بين أمثلة عديدة.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
العزلة ضرورية لحظة الرغبة في الكتابة والقراءة على حد سواء، لكن دوامها غير صحي، لا بد من الاختلاط بالناس وعراكهم بين الفينة والأخرى، للحفاظ على شيء من التوازن.
10. شخصية في الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
كل الذين أعجبت بكتاباتهم وفنونهم المسرحية والغنائية والتشكيلية ووو… أتمنى أن ألتقي بهم وأجالسهم، في كثير من الأحيان أتساءل: كيف سيكون العيش إذا تم تخصيص إقامة سكنية محددة لعباقرة الفكر والفن. لا شك أن العيش بينهم سيكون رائعا، عوض العيش بين جيران لا أحد منا يعرف الآخر أو لا يريد أن يعرفه.
11. ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
مضت فترات من حياتي لم أحسن استغلالها، لكنني أرى أنه لا فائدة من التحسر على الماضي.
يجب المواظبة على العمل والتعلم وعدم الركون للكسل. هذه هي فلسفتي في الحياة.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
لن يبقى أي شيء، أي شيء على الإطلاق، صدقني.
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ، بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثنا عن مجموعتك القصصية الأولى : “أشياء صغيرة”، كيف كتبت وفي أي ظرف؟
مجموعتي القصصية الأولى التي تحمل عنوان “أشياء صغيرة” كتبتها في ظروف اجتماعية صعبة، كنت بدون عمل وفي الآن نفسه كنت أعشق أديبة مغربية وأتمنى الزواج بها، لم يكن ممكنا الجمع بين البطالة والزواج، وقد كان لهذا الوضع انعكاس في كتاباتي القصصية التي كتبتها في تلك الفترة والتي طغى عليها العبث والجنون والإحساس باللاجدوى.
14. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الإبداعية ليسكن الأرض؟
في نظري أن الكتابات الإبداعية ينبغي أن تعكس الواقع، أن توثق كل ما يقع في الحياة، طبعا دون السقوط في المباشرة، وإلا لما سمي ذلك إبداعا. أفضل ذكر الشخوص والأماكن بأسمائها الحقيقية. عموما، أنا أمقت كل ما هو تخييلي.
15. كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
من الملاحظ أن بعض الكتاب صاروا يكتفون بما يدونونه في الصفحات الاجتماعية ولم يعد يهمهم إصدار كتب. كما أن البعض منهم، صاروا يجدون متعتهم في التقاط الصور لأنفسهم. يسافرون ليس لأجل متعة السفر في حد ذاته، بل لالتقاط صورهم وهم في سفر. في كثير من الأحيان أتساءل: هل هم هناك لكي يتصورون أم أنهم يتصورون لأنهم هناك؟ لقد أدى التواصل الافتراضي إلى انقلاب كبير في السلوك البشري.
16. أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
لا أفضل صراحة هذه الصيغ التفضيلية، إيمانا مني بأن كل شيء نسبي في حياتنا.
17. كلمة أخيرة أو شيء ترغب الحديث عنه؟
لقد بات الحقد على بعضنا البعض مستشريا في مجتمعنا، و(شي ما بقى يحمل شي) هل هذا من مخلفات كورونا؟ لا أعرف. على أي، ينبغي نبذ هذا السلوك، لأنه مدمر.