أدب الشوارع
الآن من أدب الشوارع
“أسوء الأصحاب، هم من يسألونك:
كيف حالك؟”
(بيت شعر في جدار
لا يمر به أحدْ)
“يا حب، هل مازلت تأتي
في الصباح وتجمع العشاق
من حيٍّ لحيْ؟
يا حب،
هل مازلت حيْ؟”
( قصيدة امرأة تفتش عن حبيبٍ)
قال لي المجنون مبتسما لشيء غامض:
“العب على الشطآن، واترك
كبرياء البحر للبحار”
قال المنزل المهجور:
“لا أخشى علي من الغياب”
عبارة كتبت على باب الطبيب النفسجي
تقول: “لكن حين يبتسم الجدار إليك يا ولدي
تعال، فأنت مجنون تماما”
قالت البنت المصابة بالندى لحبيبها:
“أمس انتظرتك في المنام ولم تجئني،
أين كنت؟
بأي ليل؟”
قال لي السجناء: ” لكن لا فوارق بيننا،
فالكل متهم هنا، والكل يلزمه عقابُ”
عبارة كتبت
على سور الحديقة:
“حين أنوي أن أقول: أنا أحبك
تهرب الكلمات مني، ثم تخرج:
كيف حالك؟
دائما،
والآن أكتب هكذا:
أنا كيف حالك؟ للأبدْ”
” لا أعرف الرجل الذي قاتلت قرب السور
كان يريد قتلي حينها،
وأنا كذلك
كنت أنوي قتله”
(نقش على قبر قديم في خزيمةْ)
شارع سيقول:
“ينقصني غريب عابر”
ورسائل وقعت على ساعي البريد
ولم تصل للآن:
واحدة: من الأم التي فقدت لتو طفلها:
” يا رب، هل أشكوك؟
كيف وأنت لم تولد ولم تلدِ؟”
وثانية: لشخص ما يعاتب نفسه فيها..
كما يبدو من العنوان
– يبدو أنها امرأة
وثالثة: إلى البنت التي لم تنتظر أحدا سواها:
” في غيابك لم أزل حيا”
ورابعة: إلى ساعي البريد
رسالة كانت بلا عنوان
(لكن الغبي
من الأمانة لم يحاول فتحها)
فرسائل الغرباء للغرباء
تفشل عادة،
لا ريح تحمل للغريب
سلامه:
قال المسافر حين ودع ظله.
” 1- لا تتنتظرها
ربما هي في مكان ما
وأيضا في انتظارك،
2- كلنا جرحى المكان”
(عبارتان صغيرتان
على بقايا حائط)
محفورتان بقسوة، ومصابتان
بحكمة الزمن الجبان.
كأنها شخصية..
وكأنها كتبت إلي،
ولم أجد حجرا
لأترك للغريب رسالتي:
(لا تنتظرها
إنها لا تستحق الإنتظار)
وفي المساء
كتبت سطرا واحداً لغيابها
وسرقتُ من كتب القدامى،
ما تيسر
ثمَّ أكملتُ القصيدةْ.
(لم يكن حبا، ولكني أحبك.)
لم أجدْ
وصفا سواهُ .. ولا
يليقُ به سوى هذا المسمى،
إن سطرا واحدا
يكفي لأكثر من غياب
وفي الصباح قرأتها
وضحكت ملء قصيدتي
ولأنها لا تستحق الإنتظار
محوتها
واخترت
من أدب الشوارع
ما يليق بخيبتي
وغيابها:
“بعض الشتائم لا تليق
سوى بها”