قراءة: أحلام حسين غانم
تصدير
“إن أعظم الانتصارات لا تساوي فقدان نفس بشرية واحدة ”
” رحلة حلم ” د. فيصل سلمان الذهبي
على سبيل السيمياء
حينما يكون المنهج السيميائي في حقيقته تساؤلاً عن المعنى يصبح ذا أهمية بالغة في مقاربة النص الحديث لما له من قدرة على استكشاف نواحٍ جمالية في ما وراء المعنى .
إنَّ المتتبع لجذور السيمياء في اللغة يجدها قديمة جدًا ، فقد ورد لفظ (السيمياء) في القرآن الكريم بمعنى العلامة قال تعالى :” ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ ” البقرة : آية رقم 273، كما ورد في لسان العرب :” عليه سيما حسنة معناه علامة .”
على سبيل السؤال:
إلى أي مدى يمكن للمنهج السيميائي أن يحفزنا على قراءة العالمات والسيمات التي تضمنتها المجموعة القصصية “رحلة حلم ” للأديب أ.د .فيصل سلمان الذهبي الصادرة عن دار الحداثة 2022- بغداد ..؟
هل تمكننا السيميائية بالفعل من فك شفرات “رحلة حلم ؟ وهل كفيلة برصد تحولات الشخصيات ، واستلهام وظائفها السردية ..؟
من الضروري القول: تكرار الأسئلة يعكس الحيرة والبحث عن إجابات ، لكن قبل الخوض في لب هذه المغامرة نرى أنه من الأهمية الإضاءة عن ماهية لمفهوم السيمياء لعل العلامة تشكل وظيفة أساسية في حياة الإنسان وتشكل للقارئ بوصلة المعنى التي تحدد له اتجاهات ” رحلة حلم..
و في هذا الإطار أكد كل من “بيرس” و “دي سوسير ” على أن :” السيميائية تشير إلى نظرية أنظمة العلامة في اللغة “..و قد ساهمت في فتح آفاق جديدة أمام الفكر النقدي .
نتيجة لذلك ،وصفت السيميائية بأنها العلم العام لكل أنساق التواصل اللسانية وغير اللسانية ,فهي نشاط معرفي بالغ الخصوصية من حيث أصوله وامتداداته ومن حيث مردوديته وأساليبه التحليلية , له علاقة بمجموعة من الحقول المعرفية مثل: اللسانيات والفلسفة والمنطق والتحليل النفسي والأنثروبولوجيا ، كما أنها :” علم يدرس حياة الدلائل والعلامات داخل النسق الاجتماعي”.
ناهيك عن ذلك ، تعتبر السيميائيات أداة لقراءة السلوك الإنساني في مظاهره المختلفة بدءا ً بالانفعالات البسيطة ومرورا ً بالطقوس الاجتماعية وانتهاء بالأنساق الايدولوجية الكبرى(1)
على سبيل الحلم
ضمن سياق القراءة السيميائية يرحل بنا صاحب الملكة الذهنية الأديب أ.د. فيصل سلمان الذهبي عبر مجموعته القصصية الموسومة ب” رحلة حلم ” والمؤلفة من أحد عشر قصة لعتبات النص، وهو ما يطلق عليه “بمواقع اللاتحديد أو الفراغات النصية”، والتي لها دور في توجيه الفعل التأويلي للقارئ/للحلم .
أو ما أسماه “ميشيل أوتان “مواضع الشك وهي “الأماكن المُتدرجة في الغموض، والتي تولد تعدد المعنى في النص كنقاط الحذف، البياضات، انعدام التتابع، الانقطاعات”.
ما وراء الواقع:
وضعنا القاص أمام لقطات حياتية لا نملك الاقتراب منها في الواقع، من خلال استخدام الصور الحسية مثل حلم في ليلة شتاء ، فيخلق تواصلاً عاطفيًا مع القارئ المتعطش لرومانسية الحب ..
و عليه ،وجدت نفسي أمام سجلات إنسانية/عاطفية محفوظة في دهاليز الحياة تجسد حالات عشق /إنسانية غير مستهلكة تبرز في فضاء الألوان والحركة النابضة بشخوصها الحالمة التي تنظر عبر نافذة ما وراء الواقع.
رحلة حلم :
بعد المقدمة يتنامى الحدث القصصي ولتكون ” رحلة حلم ” مرتبطة عضوياً بمقدمتها ..حيث تتوجه الشخصية الحالمة نحو الماضي في إشارة إلى قيمة الطفولة في تشكيل زمن ماضٍ غير محدد مما يعكس حالة من التأمل والبحث عن المعنى..
قبلة التعدّد :
من خلال القراءة الأولية ؛ تُختزل “رحلة حلم ” في عناوين فرعية مختارة بدقة ومكثفة دلالياً ومحملة سيميائياً بطاقات رمزية كثيرة ،مما يجعلها قبلة للتعدّد القرائي من ناحية وأخرى تعالج مواضيع وقضايا اجتماعية محضة من أثر الواقع ، بأسلوب رصين وواضح .
سيميائية المعنى في “رحلة حلم” للأديب العراقي أ.د. فيصل سلمان الذهبي
ـــــــ قراءة: أحلام حسين غانم
تصدير
“إن أعظم الانتصارات لا تساوي فقدان نفس بشرية واحدة ”
” رحلة حلم ” د. فيصل سلمان الذهبي
على سبيل السيمياء
حينما يكون المنهج السيميائي في حقيقته تساؤلاً عن المعنى يصبح ذا أهمية بالغة في مقاربة النص الحديث لما له من قدرة على استكشاف نواحٍ جمالية في ما وراء المعنى .
إنَّ المتتبع لجذور السيمياء في اللغة يجدها قديمة جدًا ، فقد ورد لفظ (السيمياء) في القرآن الكريم بمعنى العلامة قال تعالى :” ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ ” البقرة : آية رقم 273، كما ورد في لسان العرب :” عليه سيما حسنة معناه علامة .”
على سبيل السؤال:
إلى أي مدى يمكن للمنهج السيميائي أن يحفزنا على قراءة العالمات والسيمات التي تضمنتها المجموعة القصصية “رحلة حلم ” للأديب أ.د .فيصل سلمان الذهبي الصادرة عن دار الحداثة 2022- بغداد ..؟
هل تمكننا السيميائية بالفعل من فك شفرات “رحلة حلم ؟ وهل كفيلة برصد تحولات الشخصيات ، واستلهام وظائفها السردية ..؟
من الضروري القول: تكرار الأسئلة يعكس الحيرة والبحث عن إجابات ، لكن قبل الخوض في لب هذه المغامرة نرى أنه من الأهمية الإضاءة عن ماهية لمفهوم السيمياء لعل العلامة تشكل وظيفة أساسية في حياة الإنسان وتشكل للقارئ بوصلة المعنى التي تحدد له اتجاهات ” رحلة حلم..
و في هذا الإطار أكد كل من “بيرس” و “دي سوسير ” على أن :” السيميائية تشير إلى نظرية أنظمة العلامة في اللغة “..و قد ساهمت في فتح آفاق جديدة أمام الفكر النقدي .
نتيجة لذلك ،وصفت السيميائية بأنها العلم العام لكل أنساق التواصل اللسانية وغير اللسانية ,فهي نشاط معرفي بالغ الخصوصية من حيث أصوله وامتداداته ومن حيث مردوديته وأساليبه التحليلية , له علاقة بمجموعة من الحقول المعرفية مثل: اللسانيات والفلسفة والمنطق والتحليل النفسي والأنثروبولوجيا ، كما أنها :” علم يدرس حياة الدلائل والعلامات داخل النسق الاجتماعي”.
ناهيك عن ذلك ، تعتبر السيميائيات أداة لقراءة السلوك الإنساني في مظاهره المختلفة بدءا ً بالانفعالات البسيطة ومرورا ً بالطقوس الاجتماعية وانتهاء بالأنساق الايدولوجية الكبرى(1)
على سبيل الحلم
ضمن سياق القراءة السيميائية يرحل بنا صاحب الملكة الذهنية الأديب أ.د. فيصل سلمان الذهبي عبر مجموعته القصصية الموسومة ب” رحلة حلم ” والمؤلفة من أحد عشر قصة لعتبات النص، وهو ما يطلق عليه “بمواقع اللاتحديد أو الفراغات النصية”، والتي لها دور في توجيه الفعل التأويلي للقارئ/للحلم .
أو ما أسماه “ميشيل أوتان “مواضع الشك وهي “الأماكن المُتدرجة في الغموض، والتي تولد تعدد المعنى في النص كنقاط الحذف، البياضات، انعدام التتابع، الانقطاعات”.
ما وراء الواقع:
وضعنا القاص أمام لقطات حياتية لا نملك الاقتراب منها في الواقع، من خلال استخدام الصور الحسية مثل حلم في ليلة شتاء ، فيخلق تواصلاً عاطفيًا مع القارئ المتعطش لرومانسية الحب ..
و عليه ،وجدت نفسي أمام سجلات إنسانية/عاطفية محفوظة في دهاليز الحياة تجسد حالات عشق /إنسانية غير مستهلكة تبرز في فضاء الألوان والحركة النابضة بشخوصها الحالمة التي تنظر عبر نافذة ما وراء الواقع.
رحلة حلم :
بعد المقدمة يتنامى الحدث القصصي ولتكون ” رحلة حلم ” مرتبطة عضوياً بمقدمتها ..حيث تتوجه الشخصية الحالمة نحو الماضي في إشارة إلى قيمة الطفولة في تشكيل زمن ماضٍ غير محدد مما يعكس حالة من التأمل والبحث عن المعنى..
قبلة التعدّد :
من خلال القراءة الأولية ؛ تُختزل “رحلة حلم ” في عناوين فرعية مختارة بدقة ومكثفة دلالياً ومحملة سيميائياً بطاقات رمزية كثيرة ،مما يجعلها قبلة للتعدّد القرائي من ناحية وأخرى تعالج مواضيع وقضايا اجتماعية محضة من أثر الواقع ، بأسلوب رصين وواضح