قصيدة في كلّ يوم للشاعرة المميزة خولة عبيد/بقلم:علي جاسم

هذه القصيدة تحمل طابعًا تأمليًا عميقًا، حيث تمزج بين الرمزية والعاطفة بأسلوب شعري رقيق.
تتناول القصيدة رحلة الذات في مواجهة التحولات والعزلة، حيث تعبر عن إحساس الشاعرة بالتمرد على الرتابة والبحث عن النور الداخلي. تبدأ بإهداء نجم يومي للسيد/ة، وهو تعبير عن العطاء المستمر، لكنها تشير لاحقًا إلى الاضطراب الكوني وعدم مبالاة الآخرين بما تهبه، مما يعكس إحساسًا بالغربة أو عدم التقدير.
ثم تنتقل إلى مرحلة من التحرر الشخصي، حيث تؤكد أنها ليست مقيدة بقيود المجتمع أو نظرة الآخرين، بل تسير وفق إيقاعها الخاص دون تأخير. هذا المقطع يبرز شخصيتها المستقلة والمتحررة.
تعتمد القصيدة بشكل كبير على الرموز، مثل:
النجمة: قد ترمز إلى الأحلام أو الأمل الذي تقدمه يوميًا للآخرين.
عطر المنفى: قد يرمز إلى تجربة الوحدة أو الابتعاد عن المألوف.
الكوخ القابع في الغابة: يعكس العزلة الاختيارية، أو المكان الذي تجد فيه الذات راحتها.
الشمعة الحمراء والورد السكيني: تشيران إلى أجواء روحية وطقوس خاصة بالتأمل والتطهر الداخلي.
القهوة المفضلة والياسمين النقي: يضيفان طابعًا حميميًا ومريحًا للمشهد، مما يعكس شعور الشاعرة بالأمان في هذه العزلة.
لحظة الفجر: ترمز إلى بداية جديدة أو الوضوح بعد رحلة من الغموض والبحث.
التكرار والتوازي: تكرار بعض العبارات، مثل “كل هذا كان بالانتظار وطفلة في مهد ، يعزز الإيقاع الداخلي للنص ويمنحه طابعًا تأمليًا.
اللغة الرقيقة والموسيقية: استخدام ألفاظ مثل عطر، نور، سكينة، تراتيل، يضفي بعدًا روحانيًا على النص، ويجعله قريبًا من النثر الصوفي.
الانتقالات السلسة بين الصور: حيث تتحول من الحديث عن الواقع الخارجي إلى العمق النفسي بسلاسة، مما يجعل القارئ يتنقل بين مشاهد متعددة دون انقطاع.
القصيدة تطرح فكرة الوجود الفردي والبحث عن الذات في عالم لا يقدّر دائمًا العطاء. هناك بعد فلسفي يظهر في التأمل حول الزمن، الانتظار، والتجلي عند الفجر، حيث تمثل هذه اللحظة نقطة تحول أو وعيًا جديدًا.
تنتهي القصيدة بجملة تحمل طابعًا دائريًا: و مهدٌ … طفلة في مهد، مما يعكس العودة إلى البدايات أو إعادة الولادة، وكأن الشاعرة وجدت في هذا البحث الداخلي نقطة انطلاق جديدة. هذه النهاية المفتوحة تترك أثرًا عاطفيًا قويًا لدى القارئ.
القصيدة تعد نموذجًا للشعر الحداثي الذي يعتمد على الصور الحسية والرمزية العميقة. أسلوبها رقيق ومتأمل، يتيح للقارئ الغوص في عالم الشاعرة الداخلي. يمكن القول إنها قصيدة تفيض بالعاطفة والبحث عن المعنى، وتستحق التأمل العميق في دلالاتها المتعددة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!