لآفاق حرة
.من ذكريات نقد ال ( ق ق ج)
قراءة لقصة ” حالـــة ” للدكتور نبيل العساوي
حالـــة
في الصباح عند باب العمارة، كان وجه مسودا قاتما. بعد ساعة في مكتبه وجدت وجهه استعاد بياضه المعتاد. في المساء خروجا من العمل طلب مني ان يصاحبني في سيارتي. لم نتكلم إلا قليلا طوال الطريق.. و لكن حين غادر و التفت ليودعني كان وجه كانه طلي بحبر اسود .!
حكيت الأمر لزوجتي فلم تهتم. سألت حارس الأمن في الشركة ابتسم و لم يعقب. هل وحدي أرى ما أرى؟!
في المساء، ارتفع صراخ امرأة في الطابق الرابع. هبّ سكان العمارة مندفعين، حين اقتحمنا الشقة، كانت زوجته تتشبث به تمنعه من القفز من الشرفة. و كان وجهه و جه زنجي يستعطفها أن تحلق معه.
الدكتور/الطبيب نبيل العساوي
نص” حالة “هو فعلا يروم حالة ما ( Situation) تجعل المتلقي أمام شخصية غير عادية، من جهة تلون وجهها من البياض إلى السواد و العكس.. هذا من حيث الشكل. أمّا من حيث السّلوك فالشخصية قد تتصرف عادية كأي شاب في مقتبل العمر . و قد تاتيها حالة مرضية كمحاولة القفز من شرفة في الطابق الرابع رغبة في التحليق.
إذًا ،عدم اتزان الشّخصىة، يشعر بمعاناتها المرضية ، و معاناة من يعاشرها أيضا.
و السّؤال: إذا كانت شخصية النص ترغب في التحليق/ الانتحار.فماذا عن تغيير لون الوجه؟
إن تغيير لون الوجه نتيجة، كتحصيل حاصل للمعاناة المرضية. فالطب الحديث ــ كما يعلم د نبيل العساوي ــ يثبت أن تغيير لون البشرة يعود لبعض الأمراض التي يهمل معالجتها في وقت مبكر .من ذلك :
أمراض الكبد.،و مرض أديسون (قصور الغدة الكظرية).و داء ترسب الأصبغة الدموية (داء يتسبب في زيادة امتصاص الحديد) و أورام الغدة النخامية. و السّكري.. و لكن أعراض هذه الأمراض تبقى ما بقي المرض و لم يعالج كدليل عنها .إلا أ.نّ شخصية النص لا تلازم لونا واجدا . و هذا يحيلنا على مرض أخر غير عضوي بل نفسي . و إنّ ‘خرجة” النص، و رغبة الشخّصية في الانتحار، لأبلغ دليلٍ عن ذلك . إذًا، نحن أمام شخصية سيكوباتية، تعاني من اضطراب عصبي نفسي، يؤدي غالبا إلى سلوك غير اجتماعي، وأحيانا إجرامي ، عن غير قصد ..
من حيث المكونات البنيوية :
ــ المفارقة في النص : الوضع العادي مقابل الوضع المرضي.
ــ اللغة، لغة حكي،سريع و مركز، تتناول موضوعا محصورا ،لا توضح، و لا تفسّر. . تترك للمتلقي حرية التّأمل و التّأويل
فهي لغة الإحالة ((Langage de référence
ــ الرؤية السردية تبدو واضحة من خلال السيّاق, لذا لازم السّارد جانب الحياد في تحديد مسار النّص، و اكتفى فقط باندهاشه و تساؤله . ( هل وحدي أرى ما أرى؟! )
ــ السارد حاضر في النص ( Narrateur homdiegetique) كما أّنّه مشارك في بناء الحدث :[ وجدت وجهه..طلب مني ..إلتفت ليودعني .. حكيت الأمر لزوجتي ..سالت حارس الأمن ..]
ــ كما أنّ نص ” حالة ” احتفى بالتّعبيرية السّردية حسب ما يسمح به حجم النص، و ذلك من خلال المشهدية الشّعرية : (في الصباح عند باب العمارة، كان وجه مسودا قاتما. بعد ساعة في مكتبه وجدت وجهه استعاد بياضه المعتاد. في المساء خروجا من العمل طلب مني ان يصاحبني في سيارتي.)
أخيرا نلاحظ أنّ الرّعب في النّص هو وليد الدّهشة و الغرابة ليس إلا و كذلك كل النصوص التي تعالج حالات سوسيو بسيكولوجية
في الأدب العجائبي، الغرائبي، لغرض” جعل المعنى كيانا قادرا على التّدليل” ( Mettre le sens en état de signifier) ) على حدّ تعبير كريماص:
* مسلك *