كتب الدكتور سمير محمد ايوب
ناجي العلي ، لم يأكله ذِئبٌ ولا ضبعٌ !!!
ناجي قمر بدرٌ في سماوات أمة العرب . عاش من أجل كلّ فلسطين . ما همّه سوى البوح الصريح بالحقائق ، كما كان يلتقطها وعيه الوطني المتقدم ، وببراعة يمسك بها ويقدمها بجرأة . قال كثيرا ، وأبدع في قول ما لَمْ يعتادوا على سماعه وهم أحياء. مزّق الكثير من الأسمالِ التي كانت تحجب الكثير من عوراتهم الوطنية ، وواقعهم المريض .
من المعروف ، أن بعض المتنفذين ممن لا يحتملون وهج الحقائق ، ينقمون عادة على من يقلق راحتهم ، أو يمزق الحجب الساترة لواقعهم المريض . وقد تعرض ناجي مرارا وتكرارا ، للإيذاء الجسدي والمادي والمعنوي ، كان يدرك مخاطرهم . لكن حب فلسطين كان طاغيا لديه . والنضال من اجلها كان عنده ، أهم من أمنه الشخصي . فلم يكن يقيم اعتبارا لوقع كلماته على الفاسدين الواهمين المفرطين .
بدلا من الاحتفاء بابداعات ناجي ، غَضِبَ الشريرالأكبر ومنظومات زبانيته ، هددوه برزقه ومقامه في الكويت ، فأبعدوه منها إلى لندن تمهيدا لقتله هناك بلا كثير من الحرج . وكأيِّ مُناضلٍ مُتألّقٍ صَلبٍ صادق ، كان ناجي مِمن يحملون منذ بداية مسيرتهم ، دمه على راحته . لم يأبه بما وصله من تهديدات جادة جدا ، كان أهمها ما وصله عن طريق الشهيد أبو إياد ( صلاح خلف ) .
أبَى ناجي أنْ يختزل مشروعه الوطني في أمنه الذاتي ، كما يفعل الجبناء في العادة ، بل فعل كما يفعل طالبوا الشهادة ، أذاب ذاته بحماس في مشروعه الوطني بعيدا عن التمجيد او التمنين . وأبقى ديناميات فكره تعمل بلا كلل رغم ارتقاع وتيرة التهديد ، وبقيت ريشة حنظلة تعمل بلا ملل ، ولا تخاف الاعلان عما كان يؤمن به ناجي ، من أسباب وضرورات التغيير . تحرك ناجي باستمرار لفتح ثغرات في الفساد المتكلس في العمل من أجل فلسطين .
ناجي العلي ، ايها العربي الفلسطيني المختلف ، لقد ظلمك حتى الرمق الأخير ، قاتِلُك الآثم ، ومن تواطئ معه من أجهزة ومرتزقة . وظلمك جُلُّ المثقفين الفلسطينيين ، الذين صمتوا على جريمة اغتيالك الجبانة ، وخاصة من مسخها في خلافك مع الشرير ، حول خصوصياته . ناهيك عن أن كثرة من أهلك الجبارين ، ظلموا كلّ أمة العرب والإنسانية ، بجريمة الصمت عن ضياع دمك هدرا ، دون تدقيق أو حتى تمحيص جدي أو كلمةٍ فصلْ .
سيبقى اغتيالك يا ناجي العلي جريمة لن تغتفر . ولكننا ولله الحمد ، ممن يؤمنون بعدالة الله التي تقول:وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين !!!
أيها الجبارون الشرفاء في كلّ أمة العرب ، أيها الشهداء في السماء ، والأسرى خلف قضبان العدو ، يا أحرار المثقفين والإنسانية ، ناجي العلي لم يأكله الذئب ولا السبع ولا الضبع يا حنظلة ، بل من هو أبشع . لقد قتلوه ويتّموك يا حنظلة ، يا للخسارة ، يا للعار، ولكننا أهلك ودمه لن يضيع .