كان يظنه ثعلبا ، وهو يتصنع المسكنة في الخان ،وعند مربط الخيل ، لذا كان يركله بقدمه ، وما كانت يده اليمنى ترتعش من خوف ، أو مرض ، بل كانت تستقيم؛ وتمتد إلى الرقاب العاتية فتكسرها ، وإلى غياهب الجِباب، والأفران ،والصناديق المحكمة الغلق ، فتخرج سرائرها ومكنوناتها…
في الحقيقة؛ لم يكن في علم القائد الهالك “إلينجاك ” ولا غيره في سوغوت ، أن زانغوتش الأحدب المسكين ما هو إلا حيّة قرعاء ، قد حان وقت خروجها ، وبدء اصطياد فرائسها ، حتى بدا له وتبين ، وحينئذٍ لم يتمالك نفسه من الدهشة، مع علمه أن صفقة كهذه لا تعطيه عمرا إضافيا ، بقدر ما تخلصه من مُرجان وسياطه ..
وعلى الفور ؛ قهقه وأبان عن حيرته ، بعبارة وجيزة : (يا للهول أيها الأحدب المشؤوم!).
الهالك إلينجاك ، كنت محقا من تشاؤمك بهذا الخبيث الماكر ،منذ مجيئك ، ولعل عيناك كانت مبصرة، وعينا أرطغرل لم تعلم..
حقا دراغوس هو عدو المسلمين وأرطغرل الأكبر ، هو الولايات أو الإمارات ! وما ألباستي وأخته سيرما إلا كحال آل سعود في شبه جزيرة العرب.
لم يكن ولم يزل وسيبقى هم آل سعود إلا السيادة والملك ،إنهم يقتلون إخوتهم بأيديهم ،ويسعون بالتحريش كسيرما ، ويحسبون أنهم يبنون مجدا .
عزيزتي حفصة : كل ما حل وسيحل بك من نوائب لم يكن لولا سذاجتك، وخفة عقلك ، أنت كقنطرة مروا عليها …
أخبريني كيف وثقت بأفعى كسيرما ؟ أصدقتي كذباتها ؟ ليتك رأيتها ، وهي مستلقية بظهرها على الأرض ترقب أخاها الجبان حين أخذ منك ابنك!..
الشجاعة والقوة لا تكفيان في مواجهة عدو كخاطف ابنك يا حفصة، وماذا عسى زوجك أن يفعله ، وإن كان يزأر كالأسد..
بامسي أأدّركت الآن وقد بالغت في عنادك ، فداحة تهورك ؟ أأدّركت أن ألباستي ما زال حيا ؟ ألم يكن بقاء إلينجاك بيد أرطغرل ، هو الأفضل والأصلح لحالكما أجمع ؟ ترى من سيُقتل أولا ؟ أنت أم ابنك؟!..
أتظن -يا بامسي يا رئيس المحاربين – أن أرطغرل وكذا تورغوت لم يهتما بأمر ابنك ؟ ألم يقعَ عثمان في الأسر ؟
وهل ذهب أرطغرل لتخليصه؟ كما ذهبت أنت وسالجان..
وعلى كلٍ بامسي ، لا تعاتب نفسك الآن كثيرا ، وقد قيل أن البكاء على اللبن المسكوب لا يجدي نفعا ، حاول فقط ، أن تلعب كما يلعب سيدك ، حتى يصل إليك!..