في صدور الغائبين عن الحضارة منابع عديدة من الاشتياق، وفي عقول الهائمين عن الأمان سرائر خبأت العديد من الأوجاع، في صدقية المنادين لرسو الارتباح مطالب مشروعة، فكان الأجدر أن ترافق هذه المشاعر والرغبات والآهات كل من تنحوا جانبا عن قارعة الطريق ،عسى قافلة الطمأنينة تمر في شوارع الحيارى فتحملهم على متنها حيث لن يكون هناك ضياع ولا يأس ولا قلق، لأن العابثين بأسطر الكلام لم يرسموا أبعاده الحقيقية الا وشعاع الأمل يدفىء صفحات السائحين شعاعا لامعا …
أيا كان مسمى الهدف وأيا كانت مواثيقه التي تستحق أن تكتب معها تلك اللحظات التي انتظرها دعاة السلام والصبر ، فالرحلة لم تكن شاقة بالنسبة لهم ، لكن الانتضار كان متعبا جدا ، وعليه يعتبر مرور القافلة وكأنها تعيد سيرة رحلة العزيز التي مرت سيارتها على سيدنا يوسف في بطن البئر التي احتوت فيه الخوف والوحدة..
شتات هو بالنسبة لأقوام أرادت لها العيش واستعادة ما تم فقده يوما ما ، سواء كان بالخطأ أو بالعمد ، المهم أن يعود ذاك الخيط الواهن من السراب الحقيقي ،ولست أعتقده واهيا ولا باليا ، فكل ما تحملته تلك القلوب الرائعة في زمن الغش والرداءة والخديعة يستحيل أن يخدع لحظات كانت بمثابة الجمر تحت النار..هشيم هي أم رماد ؟ ، لا يعنيني معناها بقدر ما يعنيني فحواها أن بردا وسلاما على الحالمين بعودة الابن الضال لمن ضيع قطعة من كبده أم هو حق سائب لم تراعي فيه شروط الرفق بالمفقود..
لا يهم في كل هذه الكلمات المتناثرة ولو ليست بانتظام ، فما يهم هو أن الله بالغ أمره ولو بعد حين.