من بلد الرذائل..
من بلد القتل والتشريد والظلم..
من بلد اللصوص والجرائم..
أكتب لكم حروفي وأنا في الدرك الأسفل من الوجع..
أقف بداخل مبنى كبير يسمى الوطن!
حيث تتعالى فيه صرخات الثكالى، وأنين الأرامل…
أمشي بداخله أرى شاباً يبلغ من العمر ثلاثة وعشرون رصاصة وعكازين، يترنح في مشيته بعد أن فقد ساقه بقذيفه اضلت السبيل عن الهدف..
أمشي فتغرق قدماي بهرمون الجيرلين الذي افرزتهُ بطون الفقراء..
الوح بيداي إلى ذلك الشاب الواقف على الكرسي في نهاية الممر، ولكنه لا يراني فإن شضايا الحرب أفقدته بصره وأصبح ضرير لا يرى سواء حبيبته التي هجرته بعد الحادثة ببضع أيام..
ألتفت إلى الخلف أصرخ بأعلى صوتي إلى ذلك الرجل الواقف أمام النافذة ولكن لا جواب لمن أنادي فإنه قد فقد السمع بعد أن انفجرت عبوة ناسفة بالقرب منه..
عندها مرت بجواري فتاة تبلغ من العمر ثمانية عشرة دمعة تبكي بحرقه وتهذي بأسم محمد الراحل، حبيبها محمد الذي ذهب لشراء خاتم خطوبته ولكن الرصاص الطائشه البستهُ الكفن قبل أن يلبس الخاتم..
حينها القشعريرة ارتسمت على جسدي فهرعتُ أمشي بخطواتٌ مسرعة مضطربه أنزل من على الدرج، وبينما أنا ألتفت إلى الخلف، اصطدمت برجل كبير السن..اعتذرت له ولكنه لم يجب أدخل يده إلى جيب المعطف، وأخرج علاج (كنكور) تناول كبسولة واحدة ومسح دموعه وذهب، لم أكن أعلم بأنه فقد إبنه الوحيد الذي تكسرت عظامه تحت عجلات مركبة عسكرية كان يقودها جندي سكران..
مشيت وعندما وصلت إلى حديقة المبنى سمعت كلماتٌ تبكي الحجر..
كانت هنالك امرأة تقف بجوار الشجرة وتقول:
علي أيها الراحل عن أحضاني والقابع في فؤادي..
علي أيها الوردة المغروسة في الحشا بأي ذنبٌ قطفوك..
علي يا شهيداً من أجل وطن أضحى في أيادي اللصوص..
لقد ذهبت عن أمك وتركتها جسداً بغير روح.