كلما أزور خالتي أجد ابنها في نفس الوضعية ! وكنتُ أتيها ثلاث مرات في الأسبوع .
بمجرد أن تفتح ابنتها الصغيرة مروة الباب تقع عيناي عليه في الصالة مستلقيا على الأريكة يقرأ كتابا…
الصالة واسعة ، تتوسطها أربع أرائك لونها أزرق غامق ، وُضعت وسطها طاولة زجاجية صغيرة ، ثُبتت فوقها مزهرية ورود بلاستيكية حمراء وبنفسجية .
خلف الأريكة التي يستلقي فوقها ابن خالتي زكي ، تقفُ خزانة صغيرة وُضعت فوقها مزهريتان صغيرتان من البورسلان ..
أجده مضطجعا على ظهره، على طول الأريكة، رافعاَ الكتاب أمامه ينظر إليه؛ يقرأ بصمت..
أحييه فلا يرد علي!..
أساله عن عنوان الكتاب ، فلا يرد ! أساله فضولاَ وليس اهتماماَ…
أذهبُ إلى المطبخ، أسلم على خالتي، أنقلُ لها تحياتي أختها أو توصياتها، ثم أعود إليه… أجلس فوق إحدى القطع المحاذية !..
أتأمل فيه، وهو يقرأ صامت ْ أتفكر في حاله، وسرعان ما اشعر بالملل، فأنهض وأعود إلى المطبخ أثرثر مع خالتي، أو أودعها وأخرج…
تعودتُ أن تسرق عيناي بعض الأسطر مما يكون زكي منهمك في قراءته … السطر الأولى..وفي أغلب الأحيان من السطر الأخير من الصفحة اليسرى ..
الأمس فقط لمحتُ عبارة ربما تشرح حال ابن خالتي زكي؛ لا تتحدى شخص متصالح مع وحدته، ولا يهتم لكونه وحيدا، لأنك ستخسر دائما…
رغم أني لم أفكر في تحديه ، وإنما أريد فقط أن أثرثر معه لبضع دقائق …