إلَّا دقيقتَين
يقولون:”أن تصلَ مُتأخرًا خيرٌ من ألَّا تصل”
ثم …..
أن تصلَ مُتأخِّرًا كأنكَ ـ يومًا ـ ما وصَلت.
ما يفعَلُ العُشبُ بغَيثٍ متأخر ؟!
أتُراه يُعِيدُ للجذورِ فضيلةَ التمسُّكِ بقداسةِ الأرض؟!
أَ يُعيدُ لها لهفةَ السُّقيا ؟!
أَ وَ يغسِلُ الغيثُ وجهَ الوردِ المُغبرِّ لطولِ ما انتظر ؟!
ما يفعلُ الهدفُ المدهشُ في مَرمى خصمٍ بعدَ أن أطلَقَ الحَكَمُ صافرةَ النهاية؟!
بمَ يُفيدُ عزاءُ الفاقدينَ بعدَ أن جَفَّ الدمعُ، و استوطنتِ الفجيعةُ بلاطَ القلب، و ساسَت دِيارَ الروح؟!
مايفيدُ أن أحتضنَك بعد أن قطعتَ خريفاتِكَ ـ وحدك ـ مُبلَّلًا بوحشةِ الأبجدية؟!
أن أبكيَ بَعدَكَ،
لا مَعَك!
أن أُهديَكَ ساعةَ التَّذكار،
وَ لا أنتبِه لمواعيدِ لُقيانا ؟!
ماقيمةُ حُبٍ بعد عتَب؟!
لا قيمة له.
لا قيمةَ للأشياء التي تأتي بعدَ دقيقةٍ من شعورِنا بها .
بعدَ انقضاءِ لهفتنا عليها ،
و تشييعِ شَغَفِنا بِها؟!
أن يعبُرَ قطارُ الوقتِ على سِكَّةِ قلبي المصفوفِ بنبضاتِ انتظار!
لا أحدَ يعلمُ حقيقةَ أنَّكَ مشروطٌ بمواقيتَ؛
لا تغفِرُ لباعةِ الوقت،
ولا تعفو عن لُصُوصِ التفاصيل.
يدُكَ تلكَ التي أمسكَت يدي حين أضعتُ دمعًا ثمينًا،
حينَ اقتحمتني المراثي….
لا تُشبِهُ يدَكَ حين عثرتُ على الدَّمعِ وحدي،
جمعتُ قطراتِهِ ـ وحدي ـ في قِنِّينةِ عُزلة!
وتعلمتُ الكتابةَ في الغَزَل.
نبضُكَ المُمَوسَقُ، وَ أنتَ تخضُّ الوقتَ ليسرعَ ؛لتُهنِّئَني بمناسبةٍ خاصة،
لا يُشبِهُ نبضَكَ وَ أنتَ تجترُّهُ بعدها بخمس دقائق.
ثمَّةَ تأخيرٌ لا يُغضِبُ عقاربَ الوقتِ!
لكنَّهُ يغتالُ الحب،
يغتالُهُ بهدوءٍ
دونَ أن ندري!
يبتلعُ الوُجوه كدَوَّامةٍ رمليَّة؛
بساعةٍ مُعطَّلة.
ليتَكَ لم تصِل متأخرًا عن كُوبِ شايِك!
لعرفتَ أنَّ للدقيقةِ قيامةً في عُرفِ الشعور.
يُشبِهُ الأمرُ أن تعتذرَ لقبرٍ بباقةِ وردٍ كما يقولون!
أَ يُعِيدُ الوردُ للغافينَ هناك عبيرَ وُجود؟!
أَ للوردِ معنىً في برزَخِ الأبجديةٍ ؟!