الشُّعراء/ بقلم:حسين المحالبي(اليمن)

مِن مَنطِقِ الطَّيرِ خَفَّاقِ الجَناحَاتِ
نَمتَدُّ .. نَمتَدُّ صَوبَ اللا نِهاياتِ
.نُعِيدُ تَأهِيلَ آفاقِ الكَلامِ
بِتَحرِيرِ المَعانِي
وتَوسِيعِ الخَيَالَاتِ
نُضِيفُ للضَّوءِ إِيقاعًا يَليقُ بِهِ
ودَهشَةً حُرَّةً للإِنعِكَاسَاتِ
ولِلنُّجومِ الغِنائِيَّاتِ..
ساهِرَةً
لا تَنثَنِي عَن مَوَاعِيدِ الحِكَايَاتِ
تَرنُو إِلَينا، فَنَحنُو…
كَيفَ مِن قَبَسٍ
نُجِيدُ تَفسِيرَ آلامٍ عَمِيقَاتِ؟!
ما كانَ للصَّمتِ أَن يتلو قَصائِدَهُ
إِن لَمْ تَكُن كرُسومٍ فَوقَ لَوحاتِ!

—–

يا شِعرُ
يا فُسحَةَ الأَوقاتِ
في زَمَنٍ / قَيدٍ
ويا زَمَنًا مِن دُونِ أَوقاتِ!
قَد كُنتَ تَسأَلُ عَنَّا المُمكِنَاتِ وَلَمْ…
ونَحنُ نَسأَلُ عَنكَ المُستَحِيلاتِ
عَن أَوَّلِ البَوحِ
والصَّمتُ العَتِيقُ صَدىً للرُّوحِ..
عَن نَظرَةٍ قَبلَ البُكَاءَاتِ..!
عَن أُغنِيَاتِ ضِفافٍ تَشتَهي نَهَرًا
إذا أَحَنَّت إلى بَعضِ الشُّجَيرَاتِ..
عَن غُربَةِ القَمَرِ (السَّيَّابِ)..
مَا التَمَسَت
لَهُ القَنَادِيلُ عُذرًا في الغِيَابَاتِ!
كَانَ الخَليجُ يُوَاسِيهِ
إذا ارتَحَلَت مَنازِلٌ ..
وهوَ أَحرَى بِالمُوَاسَاةِ
لأَنَّهُ لَمْ يُزَيِّفْ رُوحَهُ أَلَقًا..
ولَمْ يُآمِنْ بأَنصَافِ المَدَارَاتِ
لكِنَّه رُغمَ هذا
خَانَ نَجمَتَهُ بَدرًا
وغادَرَ مِن كُلِّ المَسَاءَاتِ!

—–

– هَلْ عُدتَ تَسأَلُ؟!
– مَفتُونٌ بِخَمرَتِكُم
ولَستُ أَعرِفُ عَنكُم غَيرَ رَشْفَاتِ
– مَن أَنتُمُو؟
– نَحنُ والأَيَّامُ أَجوِبَةٌ:
ما ليسَ يُمكِنُ مِن كُلِّ الإِجابَاتِ..!
نَمُرُّ مِن طَلَلِ الدُّنيا فنَدخُلُها
ولا نُغَادِرُ إِلَّا بِالخَسَارَاتِ
– ومَا الخَسَارَاتُ؟
– أَوطَانٌ مُؤَجَّلَةٌ
تِلكَ التِي كمَنَافِيها البَعِيدَاتِ!
لا تَصدَحُ الآنَ فيها أَيُّ مِئذَنَةٍ
ولَمْ يَعُدْ للحَزانَى أَيُّ مِيقَاتِ..
– مَتَى تُعِيدُونَها؟
– لا بُدَّ مِن وَجَعٍ حَقٍّ
لِكَي نَعتَلِي زَيفَ السِّيَاجَاتِ!
– أَلَا تُعانُونَ؟
– …لَكِنَّا على ثِقَةٍ
أَنَّ البَلايَا على قَدْرِ الكَرَامَاتِ
“يَومًا سنَرجِعُ” إِيمانًا نُرَدِّدُها..
– مَا حَجمُ إِيمَانِكُم؟
– فَوقَ المُعانَاةِ!

—–

– يَا أَنتُمو، كُلُّ كَأسٍ بَعدَكُم ظَمَأٌ
ولا أَزَالُ… فَهَلْ نَبقَى لِسَاعَاتِ؟
– لا بَأسَ!
إِنْ شِئتَ خُذْ إِبرِيقَنا لُغَةً
تُنبِيكَ عَنَّا وعَن مَجدِ الغوَايَاتِ
الشَّاعِرِيُّونَ نَحنُ، النَّازِفُونَ سُدَىً
والحَارِسونَ حُقولَ الأَبجَدِيَّاتِ
“الدَّاخِلونَ إلى المَعنَى”
– إذا انغَلَقَت أَبوابُهُ –
مِن ثُقوبِ المَا وَرَاءَاتِ
الخَارِجونَ
وفَوقَ المَاءِ فِكرَتُنَا
ما عادَ يُقلِقُها رَميُ الحِجَارَاتِ
الوَاقِفونَ على النِّيرانِ
يُرهِقُنا هذا التَّجَلِّي
وُقوفًا واحتِراقَاتِ

الصَّائِبونَ سِوَى في الحُبِّ
نُخطِئُهُ دَومًا
وتَغتَالُنا رِيحُ الخِيَانَاتِ
المُستَجِيرُونَ
مِن رَمْضَاءِ أَدمُعِهِم
بِالنَّارِ في ضَحَكَاتِ النَّرجسِيَّاتِ
المُرهَفونَ
لَنَا في الحُزنِ صَومَعَةٌ
نَأوِي إِلَيها قَراطِيسًا ورِيشَاتِ
ونَقدَحُ الوَهَجَ المَكنونَ دَاخِلَنا
حَتَّى.. ويَعرُجُ مِنَّا للسَّماوَاتِ
هَذا العُروجُ
بِأَقصَى شاعِرِيَّتِهِ
يَكادُ يَجتازُ ما بَعدَ النُّبوءَاتِ!
يَا جَدَّنا (المُتَنَبِّي) مَن يُبَلِّغُنا
ما لَيسَ يَبلُغُهُ ماضٍ ولا آتِ؟
كَالسِّرِّ نُبحِرُ نَحوَ الصُّبحِ
قُمْ لِتَرَى
مُستَقبَلَ المَوجِ في إِبحارِنا العَاتِي
مِن ذَاتِ أَفكارِنا الغَيبِيَّةِ
انبَثَقَت شِعرًا
قَصائِدُنا الغَيبِيَّةُ الذَّاتِ ..!
الجَاذِبِيَّةُ
مِن تُفَّاحِنا سَقَطَت ..
ومَا سَقَطنا
بِرُغمِ الجَاذِبِيَّاتِ
تَفِرُّ مِن وَحشَةِ المُكتَظِّ
وَحشَتُنا
حَدَّ الغِيابِ عَميقًا
في الفَراغَاتِ
نَهوَى الجِراحاتِ
تَهوَانا الجِراحُ
ولا نُمارِسُ الشِّعرَ
إلَّا بالجِراحَاتِ

—–

ها نَحنُ في رُكنِ مَقهىً للجُنُونِ..
وهَلْ غَيرَ الجُنُونِ لَدَينَا أَيُّ غَايَاتِ؟
على شَبابِيكِهِ الأَنداءُ يابِسَةٌ
وذَابِلاتٌ عُيونُ المَزهَرِيَّاتِ
هُناكَ سِربُ نُوَاسِيِّينَ
تَنقُصُهم كَأسٌ
لِكَي يَصِلوا طَورَ القَداسَاتِ
“أَصَخرَةٌ أنا، مَا لِي…؟”
رَبُّ طاوِلَةٍ يَرتَابُ
مِن بَعدِ كَاسَاتٍ وكَاسَاتِ!
كُلُّ الوُجُوهِ
جَدِيرَاتُ الذُّهولِ بِهَا
وكُلُّ قَلبٍ
مَليءٌ بالإِصابَاتِ
وِجدانُنا جِدُّ شَفَّافٍ
مَشاعِرُنَا جَيَّاشَةٌ
كالأَهازِيجِ القَدِيماتِ
نَندى
إذا لامَسَتنا كَفُّ أُغنِيَةٍ
وإِنْ بَكَينا احتَرَقنا كَالفَراشَاتِ
والليلُ آيَتُهُ: أَنَّا…
وآيَتُنا:
أَنْ يَعتَرِينا سُهَادُ الإنكِسَارَاتِ!
نُقَدِّسُ الحُبَّ
نَستَسقِي الهَوَى سُحُبًا
وإِنْ عَشِقنا
تَدَفَّقْنا كغَيماتِ!
إذا عَشِقنا
عَشِقنا أَجمَلَ امرَأَةٍ
لِأَنَّنا قَد خُلِقنا للجَمِيلاتِ

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!