هذا ندايَ أما سمعتِ ندائــــــــي إنّي سليلُ الشِّعرِ والشُّـعراءِ
إنّي وليدُ العشـقِ تلكَ هويّتــــــي الغيمُ بيتي والمدى صحرائي
بدويُّ هذي الأرض أشربُ رملها ملحاً وما ملأ الغريبُ دلائي
فلاّحُها المعجونُ في قسماتهــــــا خبزاً بطعمِ تنهّــدِ الفقــــــراءِ
قرويُّها المســــكونُ همَّ حجـارةٍ سوداءَ ما سلِمت من الإقصاءِ
مدنيُّها المطبــوعُ فوق تُرابهـــا ما بدَّلتهُ ســفاســفُ الأزيـــاءِ
يا زارعاتِ الوردِ في جنباتهـــا هذي التي قد جئتُ ذاتَ مساءِ
السّــابقاتُ عرفنَ سِـرَّ نبوءتـي حينَ اقتسمنَ بكيدهنَّ عشائي
وقطفنني من ســروةٍ ختيـــارةٍ لا تمنحُ النظراتِ للغربــــــاءِ
علّقنَ آخر أحرفي بعيونِهــــــا حتى تظلَّ عصيّةَ الإمحـــــاءِ
وزرعنني في دربــــهنَّ بلابلاً كي لا يكونَ لغيرهنَّ غنائـــي
أدركنَ بعد ذبولهنَّ خُرافتـــــي وعرفن أنّي لا أبيــعُ ردائـــي
يا زارعاتِ الوردِ خُذنَ قصيدتي خبأنَ في رئةِ الجنوبِ هوائي
إنّي اكتفيتُ وبعدَ ألفِ صبابـــةٍ تعِبَ المسيرُ وجفَّ ريقُ حُدائي
ووقفتُ أستجدي المروءةَ فاتحاً قلبي العجوزَ وممعناً برجائي
فوجدتها نحو الجنوبِ تقودني وتحطُّ فوقَ رمالهِ أشــــلائي
ووجدتها عربيّـــــةً وضّــــاءةً وقرأتُها كركيّـــةَ الأســـــماءِ
ولمحتُ في وجهِ الكرامةِ مؤتةً تزهو بجعفرَ ســـيِّدِ النُّبـــلاءِ
وقرأتُ في لوحِ المزارِ حكايةً لا تنتهي من عــزّةٍ وإبـــاءِ
يا حاملاتِ الشّوقِ نحو مؤابها طرّزنَ بالدحنونِ ثوبَ بهاءِ
من ميشعٍ حتى أتى هزّاعُها ظلّتْ خناجرَ في دمِ الأعداءِ
يا ناقشاتِ العزِّ فوق زنودها عند اختلاطِ العطرِ بالحنّاءِ
الأرضُ لا تلدُ الرّجال وإنّمـا حمَلَ الأُباةَ الغُرَّ بطنُ نساءِ
فانسِجنَ للتاريخِ خير عبــاءةٍ واكتُبنَ للأحرارِ سطرَ وفاءِ
أطلقنها بأبي وأمي في المدى ترويدةًكركيّــة الأصـــداءِ
لا ينحني المجدُ التليدُ مهابــةً إلاّ لأهلِ “الهيّةِ” الشرفاءِ