آدم وحواء / كتاب هادف، هو المعادلة الصعبة، التي لم ولن نجد لها حلًا منطقيًا، يفض الاشتباكات بينهما، منذ بدء الخليقة.
المادة كبيرة جدًا وشيّقة، وتتناول أكثر من جانب وعنوان، لكنني سأكتفي بالإضاءة على بعض ما أتت به الكاتبة.
أثار إعجابي في المقدمة، تنسيب سببية فرحة الشيطان، لحدوث الانفصال أو العراك المؤدي إلى الطلاق.
وهذا ما يعيدنا إلى فطرة الدين، وشرائع الكتب السماوية، من أساسيات الزواج والحفاظ على الأسرة، وأيضًا أخلاق الاختلاف والخلاف، حتى لو كان / كما وصفت الكاتبة/ أحد الزوجين غرابًا، وهنا لاننسى أن الغراب علّم قابيل، كيف يواري سوءة أخيه، وهو من أذكى الطيور وأمكرها، وكما هو معروف في مجتمعه لديه محكمة لعقاب المخطىء.
أما الطرف الآخر فقد يكون هدهدًا، والهدهد أتى بأخبار الملكة بلقيس التي أسلمت بعد أن تزوجها النبي سليمان عليه السلام، وبالمناسبة الهدهد زوج وفي .
وهنا الإيحاءات متشعبة الملامح، تحتاج إلى مجلد من توضيح.
بدأت الكاتبة نسرين دراستها الاجتماعية، قبل أن تبدأ بالرواية كحدث.
بدأت من عنوان / المحكمة/ ففيها البداية فعلًا، وقد يكون فيها النهاية، إذا ما آلت الأمور إلى مرتبة اللاحل، إلى طريق لم يُعبد بالمحبة المتوازنة.
الأهم هنا، محكمة الأزواج لضميرهم، لأنفسهم، وما يجب عليهم من حقوق وواجبات.
وأنا على ثقة، لو اتبعنا نصف ما أوصت به الكاتبة نسرين في كتابها، في مجال العلاقات الزوجية، لطالت البطالة جميع من امتهن القانون الشرعي مسلكًا.
انتابتني هواجس عديدة، وأسئلة كثيرة وأنا أقرأ الكتاب، فهل حقًا الرجل ( آدم) تواق للحرية والانفصال عادة أكثر من المرأة؟ بل ويجد حريته وراحته في حريته؟
لا أعتقد أبدًا.
بل هي المدة الزمنية للشعور بالاحتراق، فحساسية المرأة المفرطة، تُشعرها بلسعة النار الفورية، أما صلابة الرجل فتحتاج إلى بعض الوقت، حتى يناله الندم والأسى الأكبر.
وهذه مجرد وجهة نظر شخصية.
وفي المحصلة الانفصال ليست حربًا، كما يعتقد ويمارس الأغلبية، إنّما هي مرحلة توابعها مؤلمة للطرفين.
نتألم لنتعلم ومن ثمّ نصبح أقوى…
العناوين الرئيسية في الكتاب، اختصرت كل التجارب مابين آدم وحواء، في وقتنا الراهن، ولكن إن سُمح لي سأضيف عنوانًا آخر ، إلى قيّم ما ذكرت الكاتبة، ألا وهو الروتين والتعود، فالإنسان كائن يتعود على كل شيء، فإن أَلِفَهُ، أصابه النسيان والزهد فيه…
لا أنكر أنني تهت كثيرًا بين فصول الرواية ومنصة الإرشاد والتوعية قبل كل عنوان، ولكن في النهاية كل الطرق تؤدي إلى خير المقصد، وفي بعض التوهان، جديلة من تريثٍ وتفكير للوصول إلى الحقيقة.
أخيرًا لابدّ لي من الإشادة بنقطتين:
أولهما الجرأة المحمودة في التطرق لبعض مشكلات العلاقة الزوجية المستترة، تحت باب الحياء والسرية، دون ابتذال في اللفظ أو المشهد، ومنها موضوع الخيانة الفكرية الزوجية، وآثارها النفسية المدمرة إن تفاقم السلوك الخيالي المريض.
والنقطة الثانية
أود أن أشيد باللغة النثرية العالية،التي صاغت بها الأديبة مفرداتها، مقطوعات موسيقية بارعة، تتناسب في قوافيها الجمال والمجاز، والاستعارات البليغة.
مبارك الإنجاز للكاتبة نسرين، وكل أمنيات التوفيق في إنجازات مبدعة أخرى.