لصحيفة آفاق حرة:
______________
النص الأول: “صيد- بقلم نزار الحاج علي”
(أخرج من محفظته ورقة؛ رسم عليها قلباً.
نظرت إليه بهدوء؛ تناولت قلماً، أضافت خطاً، ثمّ
ابتسمت بغموض ومضت. تاركةً إياه يجاهد… لانتزاع النبلة) .
___
القراءة النقديّة للنصّ: “صيد”
بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد
(صيد) كلمة العنوان فسّرتها القفلة (النُّبلة)، وهي من لوازم وأسياسيّات الصيد قديمًا. هذه القرائن تفسّر بعضها بعضًا بدلالات اِتِّساقها، وإن اختلفت لفظًا.
(ورقة)، (قلم)، (رسم)، هذه الكلمات الثلاث دارت عليها أحداث النص الصّامت ظاهرًا، المُتفرٍد نُطقًا بالكلام الكثير ضِمنًا.
كما أنّ لفظتيْ (قلب)، و(ابتسمت)، تآلفت مع لغة العُيون، لتعيد سيرة القلوب والمشاعر والأحاسيس.
والابتسامة جزء مُهمٌّ من لغة إشارات الجسد التعبيريّة، تتوافق نظرتها له، بعين الرضا، لترمي الكرة في مرماه، وتتركه، ليتّخذ موقفه الشّجاع، بمتابعة خطّها الذي رسمته له، ليستلّ نباله، ويرمي قلبها الذي هو قاب قوسين من مرمى قلبه.
بعد خروجه لنور الحب من حالة الوهم والغموض التي تلفّ الموقف. بروح مبادرتها فتحت آفاق النص، ولتمنحه بُعدًا عاطفيًا جديرًا بالتأمّل للمراقب. لتفسير ثنائيّة الدلالات اللفظيّة، بتوجّهاتها الإيحائيّة بتوزيع مفاتيح النص على القارئ بهدوء تام، وتتركه وحيدًا يفتح مغاليق النصّ برويّة على حوافّ متعة التذوّق الأدبيّ.
_____
✍️النص الثاني: ” إِيثَار/ بقلم: محمد علي مدخلي”
(شكوتُ إلى الطبيب من إعياءٍ متكرّر. أطفأ النور، أشار بمؤشر إلى بداية ضمور كِلية صديقي).
……
القراءة النقدية على النص:(إيثار)
بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد
نصٌّ جميلٌ مليءٌ بالحركة الداخليّة المثيرة للقارئ. ثلاثة أفعال بصيغة الماضي (شكوتُ، أطفأَ، أشارَ) اتّساقها الحكائيّ مُفصحٌ عن حكاية الألم للطبيب والمريض المُعالَج، انتقال صادم عندما (أطفأ): ظننتُ أنّه دلالة الموت، ليستقر استفزاز أعصابي عندما (أشار) تسلسل سلس بمنطقيّته في إدارة النص بمهارة فائقة، لتأتي القفلة بانزياحها، وتسدل السّتارة على مأساة صديق للشخص المريض.
وهنا تتبدّى لي قضيّة إنسانيّة كبرى، موضوع الإحساس بآلام الآخرين، وفي ذلك ورد الحديث النبويّ الشّريف (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى) أو بما معناه. دهشة النصّ مثيرة بخبرة كاتبها العريقة.
بالطبع لا بدّ من الاشارة للمشاهد الخفية في النصّ. بتكامليّة الفضاء الزمنيّ الماضي، مع الفضاء المكانيّ غير المُعلن صراحة، بل ضمنيّ مفهوم بدلالة الألفاظ: وهو عيادة الطبيب، والعيادة كانت ميدان النصّ الذي احتوى الحدث.
جاء به الكاتب الحاذق. كما أنّ الأفعال مُحمّلة بحورايّة متكافئة بين المريض وجواب الطبيب.
كما أنّ العنوان “إيثار” موحٍ للقارئ، بعمق الصّداقة التي دفعت الصّديق يتبرع لصديقه المريض بجزء من جسده، ليتشاركا الحياة سويًا
….
عمّان – الأردنّ
مساء الخير
قرأت قراءتك النقدية الفاخرة الهادفة لنص أ. نزار البهي وقبلها لنصي المتواضع .
تملك مخزون نقدي إيجابي يخدم النص بعيدا عن المجاملات والمفردات المقعرة الفلسفية.
بوركت أيها الجميل المختلف
تحياتي لك وتقديري ايها المبدع.. أقرأ النصوص بمحبة .. كي أرى جمالياتها.