البرونوغرافيا وتجسيد المشاهد الوصفية في ورشة داليانس

بقلم: حجـــــــازي سلــــــيمان حجازي

يعد الوصف أحد المكونات الأساسية في البناء الروائي، نظراً لكونه يحيل بصورة واضحة على طرائق اشتغال اللغة في الرواية، ويؤشر في نفس الوقت على الأفق الفني الذي تعبر عنه الرواية، وبالنظر إلي نصوص الحساسية في الرواية القديمة وتقنيات السرد في هذه الرواية ، نلاحظ أن الوصف يهدف في معظم الأحوال إلي تشيد إطارات ديكورية للأحداث، وإلى رسم الملامح الفيزيقية والنفسية للأبطال والشخصيات الروائية.وقد يكون الوصف أخذ حيزاً كبيراً في مخيلة العمل الروائي بصورة تجعل من أحداثه وقائع يمكن تمثيلها بلغة رفيعة وصياغة عالية، حيث بثت اللغة بين ثنايا السرد قيمة جمالية للوصف وأضفي علي وجه الرواية صبغة واضحة المعالم قد لن تنفك من القارئ وستلازم مخيلته، لأن النص سيتحول بمجمله في الذاكرة كمشاهد تختزنها أرفف الذاكرة وحين العودة إليها يكون المشهد حاضراً بلغته الحية التي ترافق عملية (الفلاش باك) في استراجع الحكي ولو كان ذلك عن طريق السفر عبر خيال أحد الحكايات.
وإذا اعتبرنا أن المكان هو المنشود في صياغ الوصف فيكون قد احظي بملمح سيكون خالداً في دهاليز تلك الرواية، فهي رواية مكان ذات مسرح وصفي متحرك بدأ من الغابة ثم طاف بالمراكب وتراتيبة الأحداث مروراً بالنيل كثيمة غالب عليها طابع المسرح الفلكوري حيث بث على الهواء عادات وتقاليد مجتمع ما قبل الإستقلال وغاص في جزء يخص حياتهم اليومية دون ذكر أسباب التوغل التي أدت إلي تجول كاميرا الرواية وتفننت في التصوير للخضرة والنضار والفتيات والحسان. وكانت علي غرار واحد كل تفاصيلها، ثم بعد النيل شملت المدينة والنقلة النوعية من مجتمع القرية إلى مدينة أم درمان ذاك المسرح الكبير للرواية، كانت كحلم للصبي سروب، لكنها أضحت فيما بعد مسكنه وداره، ولكن فيما بعد هذه أتت بعد أحداث كثيرة وليالي عامرة بالحكي والسرد وحين سأل أبوه عن الشمال لم يكن يعلم خباياه ولا يعرف من هي ساندرا أو من هو حاج مختار، عباس الأفندي ، قماري ، توفيق، بيان، فريال، بدينة، الجاه وداليانس صاحب الورشة واسم الرواية ومكانها الوصفي البديع.
عرف فيليف هامون الوصف بأنه ( الوصف ليس دائماً وصفاً للواقع، بل هو ممارسة نصية). فهذا ما نجحت فيه الرواية زيمكانياً رواية للتاريخ المحكي والمكان الذي يضج بالحكايات فهو مسرحاً للسرد والمشاهد.
فتكون بذلك حققت طرق الوصف في ادق صور كرونولوجيا ، طوبوغرافيا وبرونوغرافيا، كما تميزت في تتبع حياة البطل سروب من أول يوم وهو صبي صغير لم يقو علي حمل الفأس،ونزوله الماء كقائد لطوف مستقل، إلي أن وصل به الحال وتجول في أرجاء المدينة وهرب من العودة مرات عديدة، إلي أن برز في مجتمعه الجديد وتفنن في لبس العمامة والجلابية من أفخم خامات القماش، بهذا التتبع الدقيق في تفاصل ومظهر الشخصيات وخصوصاً شخصية سروب، فتكون قد تحققت الرواية من ثيمة البرونوغرافيا.
سمة التميز الذي صاحب الرواية وجعلها بهذا القدر من الجمال لوصفها الدقيق للأماكن والشخصيات، وعلاقتها مع بعضها البعض ليس مجرد سرد فحسب بل هي مصبوغة بالوصف والدقة في تحديد الأماكن وتأريخ الفترة ما قبل الإستقلال إلى ما بعده، وكيف لشخصية بسيطة أن تؤثر في مجتمع يعج بالمستنيرين، علي الرغم من بساطة البطل إلا أنه كان شخصاً له أهمية وله مشاركة فاعلة في التحرر من المستعمر منذ قدومه إلى أم درمان وكان ذلك في الحوارات المكثفة التي أجراها مع صاحب الورشة اليوناني وكيف لقنه درساً وطنيناً عظيماً قد يكون تفوق علي أصحاب الدرس والقلم في ذاك الزمان.
وهنا تكمن إشارة ورمزية عالية تلقي بعض ظلال الإحترام للإنسان السوداني وإن لم يكن متعلماً فهو بطريقة أو بأخري خُلق رافضاً للإهانة طالباً للحرية وباحثاً عن الجمال أين ما وجد.
بدأت الرواية بوصفها لحدث بسيط لكنه كان بمثابة مفتاح لها فادخل في كوة السرد وإدير بعناية حتى تمكنا من الرؤية عبربوابة تفتح علي كل المشاهد،
“عند الصباح وعلى الشاطئ الغربي للنهر الموسمي العميق، تمتد الغابة الكثيفة طولاً وعرضاً، تفتحت أرضها من فرط وطأة أشجارها العاتية، سيقان عظيمة كجبال سوداء حالكة، لا تئن من كثافة الأغصان والأوراق وأسراب الطيور التي تحملها، تظللت سمائها بخضرة داكنة، نسمات منعشة بدأت التسلل بين الغصون وحاولت فك عناقها الحميم، لا تلبث لحظات إلا وتعاود إشتياقها من جديد، غير آبهة، إختط الأفق على أطراف السماء الصافية وظهرت الشمس بهالة صفراء عظيمة شرعت في التدحرج نحو الغابة مرسلة خيوط ضوء طلى سقفها بالذهب، صحت الطيور قبل إطلاق الشمس سنائها وهي في عافية وسرور وبدأت في عزف لحن الصباح بأنغامها الملونة وسيمفونيتها الساحرة”.
هنا مشهد وصفي للحياة وكيف تتمدد على أطاف غابة وتتفن في إغداقها خضرة ونسيم
“فأس وحيدة شذ صوتها بين ألحان تلك اللوحة البديعة وشقت أرجاء الغابة المتسعة، يرفعها صبي ويهوي بها منهمكاً في قطع جذع أحدى أشجار السنط السوداء يصدر أنة متعمدة من جوف صدره اللاهث العاري في كل مرة تغوص فيها شفرة فأسه جذع الشجرة العجوز التي يفوق عمرها أيام خبرته الوليدة، يعمل في دقة وحذر تتداخلهما خوف ورهبة، ترنحت الشجرة وقاربت على السقوط، وبعد أنين منها وأوجاع هوت على جارتها التي حاولت إمساكها.”
وصف الحياة والموت في حوار بديع بين الإنسان والبيئة وكيفية تحقيق أحلامه على حياة غيره وهي الحياة والمشاركة فيها تكون بالهد والتعمير وتحويل ماتجود به الأرض من خيرات في خدمة الإنسان ورفعته.
رمزية سروب وتسميته بهذا الإسم فهي دلالة للتحرر من الإستعمار كأنه يريد أن يقول رافضاً أي ذاك الشمال وكما النهر تماماً يبحث عن مصبه وينحدر دون توقف إلى تحقيق الغايات.

“إحذر من كثرة الإلتفات والإنشغال من مقدمة الطوف ، أمسك المجاديف جيداً بكلتا يديك وأفعل ما يفعله جبارة، فلا وقت لدينا لننتشلك وحطبك من الماء.
كلمات قالها الخير مع طلوع الشمس وهم يتقافزون فوق أطوافهم ويحكمون بسيطرتهم عليها ممسكين بحبالها بكل ما يملكون من قوة.”
يظهر الحوار هنا بين رفقا سروب وهو بن الثمانية عشر عاماً وحديث عهد بركوب النهر، فكان حوارهم معه كتوجيهات خوفاً عليه من الغرق لأنه أبن صديقهم ووصية والدته.
هنا يأتي وصف الحوار ليكتمل المشهد ويكون الزخرف بديعاً في المسرح المشغول بالحياة وصراعاتها.
كما أن للفلكلور مكاناً خاصاً في الرواية( القرقف، لحاء الأشجار الجاف، الكسرة ، ملاح الويكة، الروب، الأندراب ، العمبج، المهوقني، المريسة، الطلح، البخور، البرد، الطبطب، ملاح اللبن وإلخ … من تراث وموروثات ثقافية وشعبية.).
وجود صبرو ملك دولة الفونج وجواريه كان يشرب اللبن قبل أن تختفى رغوته، وذلك عن طريق أربعين جارية، تحلب أحداهن ثم تناول الأخري الحليب إلى أن يصل إليه في مكانه برغوته، وكذلك خطابه يخرج من داره ويصل إلى أمه أيضا عبر مماليكه. هنا الواقعية السحرية الإجتماعية تظهرفي ملمح سردي يختفي المكان الواقعي ويحول دون وجود ثم يكون المكان التخيلي رمزاً لعبقرية الحكي.
فالفضاء الروائى أكثر شمولاً وإتساعاً من المكان، فهو أمكنة الرواية كلها إضافة إلى علاقتها بالحوادث ومنظورات الشخصيات، وهو ينشأ من وجهات نظر متعددة، لأنه يعاش على عدة مستويات، من طرف الراوي بوصفه كائناً مشخصاً وتخيلياً أساساً ومن خلال اللغة ثم من طرف الشخصيات الأخري التي يحتويها المكان، وفي المقام الأخير من طرف القارئ الذي يدرج بدوره وجهة نظر غاية في الدقة.
وهكذا يتجاوز المكان وظيفته الأولية المحددة بوصفه مكاناً لوقوع الأحداث إلى فضاء يتسع لبنية الرواية ويؤثر فيها من خلال زاوية أساسية هي زاوية الإنسان الذي ينظر إليه.
كما أمتزج هنا تارخ وخيال فصاغا لنا أجمل رواية تاريخة ذات طابع خاص في السرد وتصوير المشاهد، فكان في عهد الإستعمار وتصوير المجتمع القروي البسيط وكيفية تعاطيه مع الحياة والمحافظة على ممتلكاته، وأستمرت في سرد الوقائع التاريخية إلى مابعد الإستقلال.
“أعرف غابة مليئة بالأندراب والمهوقني، سأتيك بحطبها، فما رايك؟
صمت داليانس للحظة، تحسس وجهه بيده اليسرى، تذكر الضرب الذي كاله له قبل أسابيع، شعر بأوجاعه مرة أخرى، فكر في كلمات هذا الصبي، أمرهم بإفساح الطريق له حتى يقترب منه، إقترب سروب حتى كاد أن يلامس كرسيه الذي يميل للوراء والأمام، أنزل داليانس رجليه وثبتها على الأرض، امسكه من أذنه اليسرى بيمناه وجذبه عليه ببطء، حتى اشتم رائحة وجهه النحاسية، قال له محذراً
: ياولد، ما عايز لعب عيال لو شفتك تاني قدامي ح اسجنك.”
هنا وصف اللغة في طريقة الحوار بين صاحب الورشة الذي نهب خيرات البلد وبين سروب الصبي الذي اختزن كل ماهو محفز ليثور على هذا الخواجة العجوز، وقد كان، بالعمل والتفكير المختلف استطاع تحقيق رغباته وأمنياته.
صبغة الإستعمار لم تلق بظلالها على الشخصية القروية، فشخصية سروب ذاك الهارب من واقعه المتحدي لنفسه، الذي نشأ مقامراَ، وكان في باله الإجابة على سؤاله لوالد، أين الشمال؟ فظل لاهثاً خلف ذاك السؤال وهو يتردد في دواخله فعاشه حقيقة، مثلت الشخصية التي نافحت الواقع والإستعمار ببساطتها، من غير تعليم وتثقيف وإدراك بخطورة نهب الموارد ولكن عبر مقارعة الحياة فوصل به المقام إلى سادة القوم حتى أصبح شخصية قومية معتبرة.
دخل نادي الخريجين وتعرف على رواده فأصبح منهم، على طريقته يشرب القهوة ويتجاذب أطراف الحديث معهم. وشراب الويكسي لم ينسه مريسة الجاه !
إذا كان الزمن في الخطاب الأدبي التقليدي يكتسب منطق التسلسل والتتابع المنطقي فإن اللامنطق هو الذي يتحكم في بنية الزمن من خلال التداخل، والإسترجاع والإستذكار حيث تتداخل الأمكنة والأزمنة لتسهم جميعها في تكسير عمودية السرد،
كان مطر الخرصان النقي والصواعق الكثيرة قد زاحم الطوف عند وصوله ود مدني ومجمل الزمن من البداية حتى وصوله موردة الحطب لا يتجاوز العشرة أيام، فكان طوفهم يسمى (البوغة) والبوغة هي الموية في أول الخريف تقال للشربة الأولى للزرع وغالبا ما تكون في الضراع لأنها عينة الزراعة. وبهذا قد يكون تداخل الزمن. زمن الإبداع، الأحداث المصرفة آنياً وفقاً لتسلسلها الزمني غير المنطقي. فاعلية الإنفتاح على أزمان أخرى.
الضراع والخرصان هي عِين من عِينات الخريف،،
إبتداع الصور المدهشة وفتح جسراً بين أزمان مختلفة تعبره الحكايات دون توقف وكأن الأحداث تسابق بعضها في العبور ولا تدري ماتفعله في مخيلة القارئ حيث تذهب وتعود محملةً بغبار الحكايات القديمة.
المسرح المتجول بداية من الغابة والنيل وأم درمان شكل زخرفاً بديعاً من حيث المشاهد العابرة والصور المأخوذة من الطبيعة وحكايات الأنس وإنسان الضفاف العاشق للحياة.
سروب لم يكن ذاك الصبي الذي يعرفونه أصدقاء والده وأصطحبوه معهم كي تقر عين والدته، لكنه كان كاميرا دقيقة التصوير حيث غاص في الأشياء كاشفاً لنا حياة الأطواف وقاطني الضفاف، وتعاملهم في الطريق وتصوير النيل وإنحداراته.
قبل أن أنهئ قراءة الرواية تمنيت أن لا يعود سروب إلي الجنوب تارة أخرى ظناً مني إنه كالنهر يجري قاصداً مصبه حيث لا يعنيه المنبع مرة أخرى ولا يمكن بـأي حال من الأحوال عودته. لكن عندما أنهيت القراءة وجدته قد عاد إلي قريته في شكل جديد وصورة صاخبة الجمال بعربة فارهة وقد كان يمثل أحد أعيان السودان قاطبة، فعلمت حينها أن النيل يمكن أن يعود إلى منبعه ليس مغيراً لجغرايفا الأرض ولكن كسحاب يتبخر ثم يتكثف فتسوقه الرياح ليعود من جديد مغسول من كل اثم و وعثاء سفر.

الطابع الصوفي أخذ حيزاً مقدراً في الرواية حيث تم كشف الطريق للبطل بعد تعرفه على مكان الذكر وطريقة إحتفائهم، فتبين لون الكرم والسخاء فكان بمثابة مساعدة جعلت من مواصلة سروب لحياته ممكنة، هنا لمحة من الأدب الصوفي عن طريق وشكل الضيافة وإتساع الدار، فنجد مضامين الخوض في المجتمع بشقيه القروي والمدني، وسبر أغوار الحياة الإجتماعية، من كشف حياة المواطن في فترة الإستعمار وكيفية التعامل معه قد غاص فيها هذا العمل الروائي بإمتياز،
” توجه قاصداً الشجرة، صديقة وحدته وملاذه، وقف تحتها، لم تعد تلك الشجرة الوارفة ذات الساق المظلم بالخضرة، عندما لجأ إليها كانت طاعنة السن، خيرها وفير وخضرتها مترعة، الآن ذهبت أوراقها إلى غير رجعة وتيبست أوصالها، تشقق ساقها، ولم تعد تقو على الحياة.”
محمد الأمين مصطفى
ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة في فناء دارنا، فعلمت أن الحياة لا تزال بخير.. أنظر إلى جذعها القوي المعتدل، وإلى عروقها الضاربة في الأرض، وإلى الجريد المنهدل فوق هامتها.. فاحس بالطأمنينة، أحس أنني لست ريشة في مهب الريح.. ولكنني مثل تلك النخلة مخلوق له أصل له جذور، له هدف.
الطيب صالح..
المقاربة بين هذين المجتزاين، فإن مصطفي سعيد عاد من الغربة البعيدة بحنينه الدفيق إلى دياره ووسط أهله وهكذا كانت الحياة تبدو له من خلال طبيعة المنطقة وإنسانها وحميمية المجتمع. عاد ليزرع بينهم كإنسان بسيط رغم علمه وذاكرته المليئة بالأصوات والضجيج والعلم والأفكار إلا أنه أختار الحياة أن تكون كذلك.
أما سروب فقد بدأ بقطع الشجرة محاولاً بناء طوفه الخاص ومنها تفنن في طريقة العيش رغم وصايا والده له.
يا بني إذا أردت أن تعيش دع الغابة ولا تؤذيها
كيف ندعها تعيش وأنت تققطع أشجارها كل يوم يا أبي؟
نحن نقطع أشجارها بقدر حوجتنا.
وأين تذهبون بها؟
نذهب شمالاً
وأين ذاك هو الشمال يا أبي؟
من هذا الحوار بدأت رحلة حياة سروب وقاد بمفرده طوفه الأول وكان الأخير.
تصاوير المشاهد وتراتيبة الصور جعلت منه بطلاً رغم يفاعة سنه ولكن مصطفى سعيد كان بطلاً برؤية تخص النخيل والزرع.
اتمني أن تكون هناك مقاربات بين المواضع التي توجد فها مقاربات بين الروايات السودانية حتى يمكننا التعرف على تعدد الثقافات بين الكتاب.
العنوان، المقدمة والإهداء عبارة عن إستحالات تـأثرية للنص الروائي وفنارات تدلك من بعيد علي موضع السفينة والشاطئ الرحيب…

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!