أنشدَ الموتُ/ بقلم:أوس مطهر الإرياني( اليمن)

إلا أعجزَ الشُّعَرَا

أن يتركوا برثاءِ العاجزِ الأثرا

هل ينزفُ الحرف؟

مثلي.. هل يسيلُ دماً؟

هل يبحثُ الحرفُ عن أمٍّ إذا انكسرا؟

هل يستجيرُ بحضنٍ

لا يلوذُ بِهِ إلا ليرفعَ عنهُ الهمَّ والضجرا؟

وكيفَ يشرحُ حزناً فيه مضطرباً

مَنْ خانَهُ الدّمعُ

رغم الفقدِ ما انهمرا

مشوَّشٌ

لم يزلْ يحصي خسائرَهُ

وليس يحصي الفتى بالعدِّ ما خسِرَا

مشتَّتُ الفكرِ

لا تأتيه خاطرةٌ

إلا وفرَّقَ هولُ الصدمةِ الفِكَرَا

وكيف تُوصفُ نارٌ لا يعنُّ لَهُ

في منطقِ الشعرِ إلا وصفُها سَقَرَا

يا ليتهم عرفوا فقداً شُويتُ بهِ

ما كلُّ ما يحرقُ الإنسانَ ما استعرا

أمي..

ويصمتُ هذا الكونُ مُنتظراً ماذا أقولُ..

ليبقى الكونُ منتظرا

ماذا أقولُ

وعقلي لا يطاوعني

والحرفُ خانَ خيالَ الشعرِ، والصورا

أمي..

وتنسكبُ الذكرى

وترجعني إلى زمانٍ مضى..

أنعِمْ بِهِ عُمُرَا

طفلٌ تهدهدُهُ كفُّ السماء بها

فالأمُّ كفُّ سماءٍ تخضِعُ الحجَرَا

ما كان يشغلني أمرٌ ليحرمَني نوماً

وأمي لأمري تطلبُ السَّهَرَا

أمي..

ملائكةُ الرحمنِ تشبهُهَا

في كلِّ شيءٍ سوى في كونِها بشرا

كانت بها خيمتي في الأرضِ ثابتةً

هبَّ الغيابُ مُطيحاً بعدَهَا الأُصُرَا

فانهدّ بنيانُ روحي

لم يعدْ أثرٌ باقٍ

وقد أزمعَتْ للجنَّةِ السفرا

أتتركيني؟!

ولو كان القضا بيدي

ما اخترتُ ثانيةً أن أدفعَ القدرا

فالعيشُ صارَ عذاباً

كلُّ ثانيةٍ تمضي تمرُّ على أحرارِهِ كدرا

أمي..

وكلُّ الذي فيني يسائلُني

“هل أدمعَتْ غيمةٌ في فقدِها مطرا؟”

(وما انتفاع أخي الدنيا بناظرِهِ)

ما دامَ لم يلقَ مَنْ يستوقفُ النظَرَا

والعينُ إن لم تكحّلْها برؤيتِها

عندَ انسدادِ المدى

هل يا تُرى ستَرَى؟!

والقلبُ إن لم ينغّمْ نبضَهُ طرباً (نبيلةٌ)

ليسَ قلباً..

ليتَهُ انفطرا

والروحُ إن لم تصلِّ الخمسَ

داعيةً لروحها لم تنلْ من أجرِها ثمَرَا

أمي..

وتسألني الدنيا: “أتفقدُها؟”

هل تُفقَدُ الروحُ إنْ لم تسكنِ البصرا

موجودةٌ هي حولي

لا تفارقُني

ولن تفارقَني

مهما عدا، وجرى

موجودةٌ

في تعاليمِ السماءِ لنا

من تحتِ أقدامها عَرفُ الجِنانِ سرى

موجودةٌ

ما أقامَ اللهُ دولتَهُ

وما تساوى لديهِ العبدُ بالأُمَرَا

ما مدَّ ربُّكَ للباغينَ غفلتَهُم

من امتطى الدينَ نحوَ الحكمِ قد فجرا

ما (أيمنَ) الناسُ في حملِ الكتابِ

وما علا (انتصار) الضيا في الليلِ، وانفجَرَا

وما شدا الطيرً (نشواناً) على فننٍ

وما “(علي) ولد زايدْ” صيتُهُ انتشرا

ما فاحَ عطرٌ، وما هبَّ النسيمُ،

وما غصن القنا وارداً وادي بنا خَطَرَا

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!