بطاقة تعريفية بديوان “أول طقوس الرحيل” للشاعر”عاقل محمد الخوالدة”، بقلم محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة:

 

 

بطاقة تعريفية بديوان

“أول طقوس الرحيل” للشاعر”عاقل محمد الخوالدة”. الأردن.

 

المحرر الثقافي – محمد فتحي المقداد

 

صدر حديثًا ديوان “أوّل طقوس الرحيل”، للشاعر الأردني “عاقل الخوالدة”.

الطقوسيّة مُرتبطة بالاستمرار والديمومة، وهو ما يعطي فكرة الرّحيل والارتحال، وهما على الأغلب من إرادة واختيار المُرتَحِل، وذلك على خلاف “الترحيل”، وهو قسريّ بأمر جهة ما.

(الطّقْسُ : النظام والترتيب، والطّقْسُ : حَالَةُ الْجَوِّ مِنْ بَرْدٍ وَحَرَارَةٍ وَاعْتِدَالٍ فِي مَكَانٍ وَزَمَانٍ، مُعَيَّنَيْنِ، منطاد الطقس: منطاد يستخدم لحمل أجهزة رصد تجمع معلومات عن الأحوال الجويّة، الطَّقْسُ عِنْدَ الْمَسِيحِيِّينَ: نِظَامُ العِبَادَاتِ الدِّينِيَّةِ وَأَشْكالِها، شَعاَئِرُهَا وَاحْتِفَالاَتُهَا) قاموس المعاني.

وحسب موقع “ويكيبيديا” الإلكترونيّ: فإنّ (الطقوس هي مجموعة من الإجراءات التي يؤديها بعض الأشخاص، والتي تُقام أساسًا لقيمتها الرمزية. وقد يحدد تلك الطقوس أو المراسم تراث الجماعة المشتركة، بما في ذلك المجتمعات الدينية. ويشير المصطلح عامةً إلى مجموعة الأفعال الثابتة والمرتبة، ويُستثنى من ذلك الأفعال التي يقوم بها المؤدون للطقوس اعتباطًا) .

وبالنظر إلى أنّ عنوان المجموعة الشعريّة “أول طقوس الرحيل”، فيكون هو عنوان النص الأول للمجموعة؛ فبذلك دليل على أن النص هذا الأول هو بداية الرّحيل الفكريِّ والنفسيِّ عبر النُّصوص التي تُعبِّر بشكل أو بآخر عن رحيلٍ إراديٍّ للشاعر، ولم يترك للقارئ وحيدًا رهن الانتظار والخوف والترقُّب، بل سعى لأخذه عنوة على بساط نصوص التفعيلة والعمودي، إمّا للهروب من واقع مكانيّ سيّئ، بمعطيات ظروف قاهرة، جعلت الرَّحيل من أجل البحث عن الأفضل على كافّة الصُّعُد على الإطلاق. ولكن ما القول أمام رحيل الشّاعر، لا شكّ أنّه مؤشِّر الصّعود والهبوط لمحيطه، لقياس حجم المأساة والمُعاناة.

السرديَّة الشعريَّة  أو “القصَّة الشَّاعرة”، وهو لون أدبي جديد ما زال مثار جدل، وأخذ وردٍّ بين مُنظّري هذا اللّون وُمناصريه وخصومهم المُحافظين.

وقد بدت هذه الظاهرة في قصائد الديوان واضحة جليّةً؛ مُعلنةً عن نفسها للقارئ: “ها أنا ذا”. جاءت تتهادى بطريقها الشعريّ بحركتها الداخليّة للنصوص؛ فللأفعال بصيغتها المُضارعة المُتراوحة بين صيغة المُتكلم على الأغلب، امتدّت ما بين الحاضر والماضي والمُستقبل زمانيًّا؛ فكانت نابضة بالحياة، بأسلوب السهل الممتنع، تدخل القلب بلا استئذان، وتتربَّع في العقل والذاكرة مُقيمة لا تغادره. كل ذلك على محمل اللّغة السليمة المُنتقاة بعناية خبيرة بمقاصدها الرساليّة. ومن نماذج الأفعال على سبيل المثال: “أرحلُ، أموتُ، أسكنُ، أعود، تدغدع، ترتحل، تدري، تسرق، تُلهمها، تسمع، تحُطّ، أرهقها

ولإثبات ما ذهب إليه منحى المقال تجاه السرديَّة الشعريَّة، نقرأ ممّا ورد في نصوص الكتاب؛ لإيراد ما يهمّنا:

  • حين أرحل نحو الحياة..// كريشة طير… بكف الرياح..// كسنبلة.. نقبتها الطيور..// كنسمة صبح.. تمر بصمت..// تدغدغ عمري..// وفي الحال تمضي..// تحاول وصل الغروب الشروق“ص٧.
  • غداً حين أرحل نحو الحياة..// أنا العربي.. أموت جزافاً..//

ويعرف قومي بأن رحيلي..” ص٧

 

  • غداً .. حين أسكن.. قلب الثرى..// سيفرح -حتما- في قريتي..// من كان تزعجه رؤيتي… ويفرح قلبي… رغم الممات..// ورغم دموع الرفاق علي..// سيفرح قلبي.. كقطرة غيث// كحبة قمح.. لأني أعود لوجه الحياة..// لأني أعود إلى تربتي” ص8.

وهناك العديد من مثل هذه النُّصوص الفريدة، ببعدها التفاعليّ القصصيّ التي حدثت من فعل وفاعل، ومكان لحدوث الفعل وهو ما يُشكّل رؤية الشاعر للبُعد المكانيّ، فمن انطلاقه في مسقط الرأس جاء نص “رواية حب…. للبلدة الحبيبة (بلعما)”، لينظر غربًا ويُركّز نظره على ربوع الوطن: “وللعشاق في عجلون قلب“، و”كلام عن وجه المدينة” ولعلّها عمّان، ولم ينس أن يُحيي عروس الشمال: “أشواق إربدية“، وانطلق من حاضرة الوطن الأصغر الأردن إلى رحاب الوطن المُحيط فنسج رؤاه في قصائد حُبٍّ إلى دمشق وغزة وشهدائها.

وللحياة مواسمها في بيئة الشاعر، فمن مواسم الرحيل، وتجفيف التمر، ومواسم تشرين من كل عام وانتظار رفد الحياة بالمطر والغيث، ومواسم الأرواح بلقاء خالقها كلّ يوم خمس مرّات، ومرة في موسم رمضاني شامل

فمن شُرفة بيته غي قريته ” بلعما” في ربوع التاريخ والحضارة، قريبًا منه في جرش، يتذكر الشهيد ابن عمه، ويحنّ إلى لوازم بيئة الأرياف والفلّاحين من رعاة الأغنام والماعز؛ فهو ابن الأرض والبيئة؛ فلا أن تنعكس على نتاجه الأدبيّ تأثُرًا وتأثيرًا. ولم يبتعد كثيرًا بمحاكاته لوباء الكورونا الذي غير كثيرًا من ملامح الحياة عمومًا. ولم يألُ جهدًا في انحيازه للحقّ.

في هذه العُجالة التي ألقت الضوء على جانب أدبيّ إبداعيّ في ديوان”أول طقوس الرّحيل”؛ فأخذتنا معها إلى عوالم مختلفة جميعها مُنبثقة مع الواقع، وهو ما أراد لنا الشاعر “عاقل خوالدة” الاطلاع عليها، بإضافة رؤيته وتجربته إلى المكتبة الثقافية العربيّة.

 

عمّان – الأردن

٢٨/ ١١/ ٢٠٢١

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!