الرأوي كاتب إنسان يختزن فكرة محددة و يعمل علي إخراجها للوجود كجنس أدبي روائي،وهذا الإخراج يعد ميلاد لكائن حي حيث يقول علماء اللغة (اللغة كائن حي يحيا ويمرض ويموت).وقد يكون هذا الميلاد بعد أن دارت رحي الفكرة في العقل الإنساني فتشعبت وتشابكت وتبلورت وتفجرت لتأتي بصورة جديدة مروية علي لسان راوي ما محرر من الكاتب كما يقول تيري إيغلتون Terry Eaglton في كيف تقرأ الأدب”أن الروأة واسعوا المعرفة أصوات محررة من الجسد، وليسوا شخصيات تقيم في مكان معين”.وهذه الصورة الجديدة لأبد ان تزخر بشخصيات ووحدة موضوعية وهيكل عام في إطار اللغة التي تقدم الفكرة الأساسية ‘وهنا قد يكون هناك جدل بين الفكرة واللغة نفسها، في حال ان الفكرة المتبلورة في العقل المفكر تختلف عن لغة الكتابة التي إتولدت بها، فتأتي” بلغة مغايرة”. مع وجود عنصر المفاجأة الذي يؤكد لنا قول لورانس”لا تثق أبدآ بالرأوي بل ثق بالرواية”
فالرأوي قد ينفلت أحيانآ من بين يدي الكاتب ،فيأتي بمفجأة تدهش الجميع!
ويأتي سؤال هنا هل يتحكم الكاتب بالرأوي أم الرأوي بالرواية؟!
وفي أحيان كثيرة ينغمس الكاتب بالرواية دون ان يدري من الذي يكتب … ويأتيني هنا
قول ماريو بارغاس يوسا في رسائل الي روائي شاب” مفهوم الكتابة مثل مفهوم الدودة التي تبتلعها راضيآ لإنقاص وزنك… ومن ثم تبقي تعيش حياتك لإرضاء هذه الدودة(فهي نهمة بشدة)!”
وبعد صدور الرواية وطباعتها تعتبر خرجت من بين يدي الكاتب وصارت ملكآ للقارئ الذي إشتري الكتاب وقراءه وتفاعل معه (القارئ الحقيقي) .
ويختلف القراء حسب ثقافتهم ورؤيتهم للحياة ونضوج أفكارهم فهناك:-
1/قارئ عادي
ليس لديه أي أفق بل يقرأ وقد يكون هو نفسه لا يدري لماذا يقرأ؟! وهذا القارئ لا يكون رؤية ولا غيره، بل يضع الكتاب جانبآ وينصرف لعمله.
2/قارئ متوسط
يتفاعل مع الكتاب قليلآ ولكنه يظل يقارن بين الواقع والرواية متناسيآ (الإبداع الروائي) فهو يأتي بأسئلة عقيمة ليي الكاتب عمل كده، وليي البطل تصرف بطريقة غير واقعية،ويقسم أن الرواية هذه مغايرة للواقع ،وهنا يأتي قول أوسكار وايلد (إن الفن مكان يمكن ان يكون شئ واحد فيه صحيحآ والآخر مخالفآ له.وهو أكثر إقتصادآ من الحياة اليومية).
3/قارئ زواقة
وهو قارئ مثقف يتعمق في الرواية حتي النخاع،وعندما يضعها ينفرد بنفسه معها مؤكدآ قول تشيخوف (من لا يعرف كيف ينفرد بنفسه لا يسعد).
فهو قارئ يطرح أسئلة مغايرة للنص. يحلل الكاتب والراوي و الشخصيات.قارئ يفند الإسلوب ويغير الحبكة ويصنع التنقلات ويستوعب النص.
وكما يقول أرنست همنجواي:
(في عمر واحد يعيش محب القراءة أكثر من حياة).