“لا بدّ من صنعا، وإن طالَ السّفر” /بقلم: دالية زرعيني

مقولة خالدة، قالها “الإمام أحمد بن حنبل” رحمه الله، في مكة المكرّمة بعدما غادر العِراق في طلب العلم.

وكان ابن حنبل قد سمع عن “الإمام عبد الرّزّاق الصّفانيّ”  صاحب المُصَنّف المشهور في اليمن.

وفي مكة شوهِدَ الإمام عبد الرّزّاق في الحجّ، فقيل للإمام بن حنبل:  قد كُفيت ، هذا عبد الرّزّاق هنا فاطلب العلم.

فردّ الإمام أحمد بن حنبل: كلا ، “لا بُدَّ من صنعاء وإن طالَ السّفر” .

أي لا بُدّ من زيارة صنعاء وإن كان في الأمر مشقّة.

وقد قال فيها الشاعر الكبير “عبد العزيز المقالح” قصيدة رائعة، اخترت لكم بعض ابياتها:

لا بدّ منها .. حبّنا .. أشواقنا.

                                 تدوي حوالينا الى أين المفرّ

وبكلّ مقهى قد شربنا دمعها..

                                   الله ما أحلى الدموع وما أمرّ

سيثور في وجه الظلام صباحُها

                             حتما ويغسل جدبَها يومًا مطر

صنعاء، عاصمة اليمن ، منطلق الحضارات ومنارة سبأ، وحضرموت ملوك حِميَر..هي المِحَجّة لمن أراد الصفاء والهناء، قبلة لعشّاق الجمال وهواة الآثار والتاريخ،

اليمن مهد الحضارات ومصنع العرب.

يكفيها شرفا أن بلقيس ملكة سبأ اتّخذتها مقرّا لحكمها، وأن أهم  القصص التي ذكرت في القرآن كانت اليمن مسرحا لأحداثها،  أصحاب الأخدود، وأصحاب الجنة وإرم ذات العماد، وقصة سيل العرم ، وقصة أبرهة الأشرم وأصحاب الفيل.

“اليمن”  اسم على مُسمّى، اشتُقّ اسمها من اليُمن أي الخير، ويقال أنها سميت اليمن لأنها تقع على يمين الكعبة.

هي أصل العرب العاربة، وهي أرض العلم والشعر والأدب والحضارة والتاريخ ..

في الماضي استحقّ اليمن لقب السعادة، فأُطلق عليه لقب “اليمن السعيد”، لازدهاره في زمن الحضارات العربية القديمة، ولوجود سدّ مأرب وخصوبة أراضيه ،

ويُقال انه استحق لقب السعاده لأنه استعصى على الغازي نابليون بونابرت ، وقدرته على الصمود وعدم السماح له بدخول أراضيه ، ويُقال أنه سعيد لقربه من الكعبة المشرّفة .

“اليمن السعيد”  بمجده العريق وحضاراته وخصوبة أرضه وصموده واستبساله أمام أعتى المحتلين فيما مضى .. بعيش اليوم حربا بالوكالة ، أذاقته مرارة  الجوع والقهر والتشرد والقتل والظلم .. هل ما زال سعيدا فعلا؟؟ أم أنه تعيسٌ لما آلت اليه الامور فيه؟؟؟

لو كان “ابن حنبل” حيًّا بيننا ،   هل كان سيقول مقولته الشهيرة:    ” لا بد من صنعاء وإن طال السّفر ” ؟؟؟

متى يعود لليمن مجده واستقراره وأمنه وأمانه؟؟؟

متى يأذن الله لنا بزيارة صنعاء وعدن وإب وسد مأرب وسائر بلاد اليمن؟

ومن يعيد لليمن سعادته الضائعة؟؟

ومن يوقف نزيف الدماء  في اليمن؟؟

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!