المجلس الأعلى للّغة العـــربـيّـة بالجـزائر يحتفل بعـــيده الفضي بندوة علميّة مُتمــيّـــزة

 

 الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــة

 كلية الآداب واللُّغات، جامعة عنّابة، الجزائر

        نظم الـمجلس الأعلى للّغة العربيّة في الـجزائر ندوة علميّة متميّزة، للاحتفاء بعيده الفضي(مرور25سنة على تأسيسه)، وقد تزامنت هذه الندوة مع  الاحتفال باليوم العالمي للُّغة العربيّة18ديسمبر، عام:(2023م   وقد جاءت الندوة بعنوان: «ربعُ قرنٍ من العطاء»،   و قد ألقى الدكتور صالح بلعيد؛ رئيس المجلس الأعلى للّغة العربيّة كلمة عن الاحتفال باليوم العالمي للّغة العربيّة، الذي اختارت منظمة هيئة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، أن يكون تحت عنوان: «العربيّة: لُغة الشِّعر والفنون»، وأشار إلى المنجزات التي حققها المجلس خلال ربع قرن من العطاء، ومن بين المشاريع العملاقة التي توقف معها: «الموسوعة الجزائريّة»، و«معلمة المخطوطات الجزائريّة»، و«المُعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة». 

        شارك في فعاليات هذه الندوة مجموعة من الأساتذة، من بينهم الباحث الدكتور عبد المجيد سالمي، الذي قدم مداخلة موسومة بــــ: «المعاجم التي أصدرها المجلس الأعلى للّغة العربيّة: أنواعها وخصائصها»، والدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة من كلية الآداب واللُّغات بجامعة الشهيد باجي مختار بعنابة، الذي خصص مداخلته للحديث عن: « جـهـود المجلس الأعلى للّغة العربـيّـة بالجـزائر في خدمة اللُّغـة العربـيّـة-قراءة في نماذج مُختارة من أعماله-»، والدكتور عبد الناصر بوعلي من جامعة تلمسان، الذي تحدث عن: « استراتيجيّة المجلس الأعلى للّغة العربيّة في حماية اللّغة العربيّة وتطويرها-الجُهود المُعجميّة نموذجاً-»، كما قدمت الباحثة الدكتورة مهدية بن عيسى من وحدة البحث بجامعة تلمسان محاضرة عن: « جهود المجلس الأعلى للّغة العربيّة في وضع مُقاربة لاستراتيجيّة التّرجمة في الجزائر».    ولاشك في أن المجلس الأعلى للّغة العربيّة بالجزائر، يعد من بين المؤسسات العربيّة التي تعمل على ترقية اللُّغة العربية وتطويرها؛  وعلى مدى أكثر من خمس وعشرين سنة؛ قدم خدمات كثيرة للُّغة العربيّة، ولاسيما في جانب الإصدارات العلميّة التي طبعها،  وقد وفّرها المجلس الأعلى للقرّاء والكُتّاب، وهي كثيرة ومتعددة ومتنوِّعة، ومن بينها: أعمال الموسم الثقافي، والمُلتقيات وأعمال الندوات والأيام الدراسية، والكتب المطبوعة؛ التي طبعها المجلس لشخصيات علميّة وعلماء أسهموا في خدمة اللُّغة العربية، وهناك كتب كثيرة قام المجلس بترجمتها إلى اللُّغة العربيّة، بالتعاون مع أساتذة أكفاء ومترجمين متميّزين،  بالإضافة إلى بعض الأعداد من المجلات الرصينة التي يُصدرها المجلس الأعلى للّغة العربيّة بالجزائر.  

     في28سبتمبر1998م تمّ تأسيس المجلس الأعلى للّغة العربيّة  في الجزائر، من أجل وضع جُملة من المسائل المُلائمة لتعميم استعمال اللُّغة العربيّة، والنهوض بنشاطات متنوِّعة خدمة للُّغة العربيّة، ورغبة في المُضي بها إلى الأمام، وهو من بين الهيئات العليا التي تعمل على الإشراف على ترقية العربيّة في الجزائر، وتعميم استعمالها، ومن بين ما جاء في المرسوم الرئاسي الذي يتضمّن صلاحيّات المجلس الأعلى للّغة العربيّة وتنظيمه وعمله، والمؤرخ في:17ربيع الأوّل عام:1419هــــ/الموافق لـ11يوليو سنة:1998م؛ فإن المجلس الأعلى للّغة العربيّة، هيئة وطنيّة، تتمتّع بالشّخصيّة المعنويّة والاستقلال الماليّ، ويُتابع تطبيق كلّ القوانين الهادفة إلى تعميم استعمال اللّغة العربيّة وحمايتها وترقيتها وتطويرها، ويُقوِّم أعمال الهيئات المُكلّفة بتعميم استعمال اللّغة العربيّة وترقيتها وتطويرها، ويُساهم في إعداد واقتراح العناصر العمليّة التّي تُشكِّل قاعدة وضع برامج وطنيّة في إطار السيّاسة العامّة لبرامج تعميم استعمال اللّغة العربيّة، ويُقدّم آراء واقتراحات فيما يخّصّ التّدابير التّشريعية التّنظيمية التّي تدخل ضمن صلاحيّاته، ويدّعم التّنفيذ الفعليّ للبرامج الوطنيّة و/أو البرامج القطاعيّة المُتعلّقة بتعميم استعمال اللّغة العربيّة، ويُرقّي استعمال اللّغة العربيّة ويحميها في الإدارات والمرافق العُموميّة، ويحرص على سلامتها، ويدرس ويُبدي رأيه في مُخطّطات وبرامج العمل القطاعيّة الخاصّة بتعميم استعمال اللّغة العربيّة، ويتأكّد من انسجامها وفعاليتها، ويتلقى، لهذا الغرض من الإدارات والمؤسسّات والهيئات العموميّة كل المعلومات، والمُعطيات والإحصائيّات التّي تتعلّق بمهامّه ونشاطه، ويُبدي المجلس مُلاحظاته، ويُبلّغ معاينته إلى الجهات المعنيّة إذا لاحظ تأخّراً في تطبيق البرامج المُحدّدة، أو تقصيراً في تنفيذ القوانين أو الأعمال المُقرّرة، ويرفع بذلك تقريراً إلى رئيس الجمهوريّة، ويُقدّم تقريراً سنويا إلى رئيس الجمهوريّة حول عمليّة تعميم استعمال اللّغة العربيّة، ويجب أن يعمل المجلس على تطبيق التّشريع والتّنظيم المتعلّقين بتطبيق استعمال اللّغة العربيّة في الإدارات، والمؤسّسات، والهيئات العموميّة، ومختلف الأنشطة؛ لاسيّما الاقتصاديّة والثّقافيّة، والاجتماعيّة، ويُمكن أن يُبادر بالعلاقة مع المؤسّسات المُختصّة بكلّ دراسة أو بحث، يهدف إلى ترقية اللّغة العربيّة وتعميم استعمالها، ومن أجل ذلك يمكنه الاستعانة بالمؤسّسات الوطنيّة أو بالشّخصيّات العلميّة، وفي هذا الإطار يقوم المجلس على الخصوص بما يأتي:

-يعمل على تعبئة الكفاءات العلميّة والتقنيّة لتمكينها من إنجاز الدّراسات والأبحاث واقتراح البرامج التّي تُساعد على ازدهار اللّغة العربيّة، ويُنظم النّدوات، والمُلتقيات، والأيّام الدّراسيّة حول موضوع استعمال اللّغة العربيّة في مختلف المجالات، ويسهر على استغلال نتائجها ونشرها بكلّ الوسائل، ويستغلّ جميع الدّراسات والأبحاث المُنجزة في الجزائر أو في الخارج التّي ترتبط بمهامّه.

 ويتولّى المجلس كذلك:

-يُوجّه عمل المؤسّسات، والهيئات، والقطاعات التّي تُمارس أنشطة الثّقافة، والإعلام، والتّربية، والتّكوين في تطوير وتعميم استعمال اللّغة العربيّة، ويُقوّم ويدرس آثار الأعمال التي تُبادر بها مختلف الهيئات والإدارات على اللّغة العربيّة ويُبدي رأيه في كلّ مشروع يمكن أن تكون له آثار على عمليّة تعميم وترقية استعمال اللُّغة العربيّة، ويُقدّم المُلاحظات التّقويميّة إلى القطاعات المُكلّفة بإنجاز برامج تعميم استعمال اللّغة العربيّة(1).

وقد وصف الدكتور عبد الملك مرتاض ؛ أوّل رئيس للمجلس الأعلى للّغة العربيّة بالجزائر، هذا المجلس بالقول: « لقد نصّب رئيس الجمهوريّة(2) هذا المجلس برئيسه وأعضائه السّتّة والثلاثين، بصورة رسميّة بناء على القوانين الجزائريّة التي توجِب تعميم استعمال اللّغة العربيّة في المحيط، ومؤسسات التعليم، والإدارة يوم السبت 28 سبتمبر 1998. وانطلق هذا المجلس من عدم، وقد بذل أعضاء المجلس جهوداً خارقة تحت إشراف رئيسه فتأسستْ مكاتبه الإداريّة، وموقع للإنترنت، ومكتبة. كما أسس المجلس مجلّة «اللّغة العربيّة» التي صدر منها، في السنوات الثلاث الأولى خمسة أعداد تناولتْ قضايا متخصصة في مسائل اللّغة العربيّة، ونهض بموسمين ثقافيّين، ونظّم عدّة ندوات وطنيّة ودوليّة منها ندوة دوليّة ناقشتْ موضوع: «مكانة اللّغة العربيّة بين اللّغات العالميّة» في نوفمبر 2000م، وقد طُبعت أعمال هذه الندوة في كتاب خاصّ. كما طُبعت كلّ أعمال الندوات والمواسم الأخرى، ووقع تكريم الطّلاب السبعة الأوائل الذين حازوا على أعلى العلامات في اللّغة العربيّة في شهادة البكالوريا تكريماً سخيّاً… ورُصِدت مسابقة وطنيّة لأحسن ثلاثة كتبٍ مؤلّفة باللّغة العربيّة وتتناول موضوعات علميّة دقيقة، ووزّعت الجوائز على الفائزين بعد الاحتكام إلى لجنة تأسست لهذه الغاية… »(3). وقد أشار الدكتور صالح بلعيد ؛ رئيس المجلس الأعلى للّغة العربيّة إلى مهام المجلس الأعلى للّغة العربيّة خلال عدة مناسبات، كما حددها دستور2016م في النقاط الثلاث، وهي:

1-العمل على ازدهار اللّغة العربيّة.

2-العمل على تعميم استعمال العربيّة في العلوم وفي التكنولوجية.

3-العمل على الترجمة إلى العربيّة.

     كما يُنبِّه الدكتور صالح بلعيد إلى أن استراتيجية المجلس الأعلى للّغة العربيّة، في تطوير اللّغة العربيّة، تُستخلص من مهامه الدستورية، كما تُساير برامج الحكومة،  وبالنسبة إلى المشاريع التي اقترحت في هذا المجال فهي:

-مشاريع الازدهار اللُّغوي في الماضي

-منهجيات الازدهار آليات البحوث التطبيقية في المجال

-مشاريع الانغماس اللغوي

– المواطنة اللغوية في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل

-مشاريع الانسجام والتكامل اللغوي بين اللُّغات الوطنية

-مشاريع تطوير البحوث التربوية

-مشاريع ترقية الدوارج إلى لغة وسطى

-مشاريع في مُحاربة آفة التلوّث اللغوي/ الهجين اللغوي

-مشاريع في المختصرات اللغوية العلمية

-مشاريع في تطوير لغة الإعلام

-المشاريع الناجحة: تجربة البلدان المفتوحة-تجربة الأندلس

-التواصل الحضاري بين اللغات: تكامل لا تصادم

-البحوث اللسانية البرمجية

-مشروع الحضارة العربيّة في موضع النّقد 

-اللّغة والمجتمع، وآليات النمو اللغوي

-التعدّد اللغوي والتنمية البشرية

-التكامل اللغوي بين اللغات الوطنية والرسمية

-الخطط المرحلية في البحث اللساني

-مشاريع في التصويب اللغوي 

-إنجاز معاجم وأدلة متخصّصة

 

 الهوامش : 

(1) مرسوم رئاسيّ رقم:98-226مؤرّخ في:17 ربيع الأوّل عام:1419هـ/المُوافق لـ11يوليو سنة:1998م، يتضمّن صلاحيّات المجلس الأعلى للّغة العربيّة وتنظيمه وعمله،  مجلة اللُّغة العربيَّة، مجلة فصلية يُصدرها المجلس الأعلى للّغة العربيّة بالجزائر، العدد:01، ذو الحجة1419هـ/ مارس1999م، ص:221 وما بعدها.  

 (2)رئيس الجمهورية الجزائرية خلال سنة:1998م، هو المجاهد الأمين زروال.

 (3) د.عبد الملك مرتاض:   اللغة العربية في القرن الحادي والعشرين، في المؤسسات التعليمية في الجمهورية الجزائرية، الواقع والتحديات واستشراف المستقبل، محاضرة ألقاها بمجمع اللغة العربية الأردني بعمّان  يوم : الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1426هـ- 14 حزيران 2005م، ص:4. 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!