الشعلة الأخيرة. قصيدة. نجيب كيالي

لآفاق حرة

 

الشعلة الأخيرة
قصيدة
نجيب كيالي

يا شعلةَ الضوءِ في جوفِ القناديلِ
هل تسمعينَ غنائي أو تراتيلي؟
هل تعرفينَ بأني ظامئ أبداً؟
أقول: فوق ظلامي دائماً سيلي
أنا على زمنِ اللاشيءِ مستندٌ
وبيدرُ الخوفِ أمسى من محاصيلي!
في عصرنا الفذ جاؤونا بألفِ يدٍ
جادت بحفلةِ تدليسٍ وتضليلِ
شكلانِ للشيء أو لا شكلَ مُتضِحٌ
والنصُّ غابَ، تلاشى في التآويلِ!
ما عدتُ أعرفُ وجهي من غشاوتهم
ما عدتُ أعرفُ شيئاً من تفاصيلي!
الريحُ تهدر حولَ البيت زاعقةً:
أنا مغنيكَ، فلْتسمعْ مواويلي
من تحت أرجلنا بخفةٍ سرقوا
كلَّ الدروب، فصرنا كالمساطيلِ
من بين أذرعنا سَلُّوا أحبَّتَنا
لمن ستخفقُ أيدٍ بالمناديلِ؟!
لمن سنرسلُ بعد اليوم قُبلتنا؟
شفاهنا يبستْ من دون تقبيلِ
كيفَ المسيرُ؟ وحتى النجمَ قد كَسَروا
من بُرجه قلعوه بالأزاميلِ!
بابانِ للباب، واللاشيءُ خلفهما
والبنتُ تحبل تمثيلاً بتمثيلِ!
قد أغرقونا بتجهيلٍ ومشيخةٍ
وزيَّنوا ساقَ عنزٍ بالخلاخيلِ
ولا خلاصَ سوى عقلٍ يُغيِّرنا
هل تُوْقِفُ السَّيلَ آلافُ الولاويلِ؟!
ليلٌ مع الصبح أهدَوْنا عباءَتَهُ
ليلٌ مع الليل، بحرٌ من مجاهيلِ
جوعٌ مع الجوع كمْ بطنٍ يكابدُهُ
فقرٌ مع الفقر، ذلٌّ بعد تذليلِ
طغى على علبة الألوان أسودُها
وراح يُغرقُ فينا كلَّ تفصيلِ
الآهُ تنزفني حيناً، وأنزفها
مواجعي شكَّلتني بعد تشكيلي
قُوتٌ من الضوء يكفيني أعيشُ به
لو ظلَّ بعضُ ضياءٍ في القناديلِ
قُوتٌ من الضوء عكازٌ سيُسندني
لو يفهمُ الليلُ شيئاً من مراسيلي
*

٢٠٢٣/٤/٢٣

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!