يُثابرُ المَرءُ في الدُنيـا ويجتهِـدُ
. وهَمّـهُ الجَـاه والأمـوالُ والـولـدُ
ويُشغِلُ البالَ طُولَ الوقتِ منهمِكاً
ويُتعِـبُ الحَـالَ، والأذهـانُ تنشَـرِدُ
فيجمـع المـالَ، والآمـالُ طامِحَـةً
ويُنهِـكُ الجِسـمَ، إذ مالت بـهِ البلدُ
يُـقـلـبُ المـالَ لا يأبـه بِـمصـدرِهِ
قد يظلِم الخَلق، قد يطغَى ويضطهِـدُ
لا يرعَـى في مُسلـمٍ إلّا ولا ذمـةْ
وهَمّـهُ اليومِ كم باعُـوا وكم فَقَـدُوا
يُلَقّـنُ الاطفالَ في مَهدهِـمِ جُمَـلاً
شاخوا عليها كباراً بعدما رَشَـدُوا
المالُ ثم المال والأعمال ياولـدي
فيهِـنَ يعلُـو الفتى بالمجـدِ يَنفـرِدُ
إنَّ القنـوعَ غبـيٌ أين ما ارتحــلا
. وجامِعُ المالِ فينـا الحاذقُ الأسـدُ
ما هَمّـهُ الناس، إنَّ الناسَ مُعدمَـةٌ
يجابـُه الخَلـقَ.. كم ازرت بـهِ جُـدُدُ
ويَحسَبُ الفِقرَ في الإنسانِ مَنقصَةٌ
والمَـالُ مَـكرمـةٌ.. للخَـلـقِ تُعتَمـدُ
لا عِلمَ أو اخلاق في عَينيهِ ترفَعُنا
يُـهمّـهُ الشَكلُ، و الألبـابُ لا تَـفِـدُ
يُناظرُ الجسم قبل العقل، وأسفي
ويُظهِـرُ الـودَ.. لكـن طَبعـهُ الحَسـدُ
ويَعبُـد المَـالَ كم بالمالِ مِن تلـفٍ
كم من لئِامٍ لأجل المالِ قد سـجـدوا
وكم فقيرٍ بكى يرجُـوهُ حاجتـهِ
ويَحـرِمُ الأهـلَ من خيـرٍ.. ويَقتَصِدُ
تغدوا العباداتِ في عَينيهِ مُثقلةٌ
يؤخِرُ الفرض، والطاعات، ما حمـدوا
يُجاهدُ النفسَ لأجل المال في شغفٍ
يُقـدس المالَ في محـواهُ والولـدُ
يُسلـي النفـسَ بالأمـوالِ من تـرفٍ
ويبتغِي السُعد إنَّ الناس قد سَعِدُوا
فيكتسي الحُزنَ فوقَ الهَمِ مَضجَرةً
يشقى بـذا المَـالِ، والأفـراحُ تَبتعِـدُ
ويسهَـرُ الليل كم بالليل من أرَقٍ
ويختفي النومُ والفقراء قد رقـدُوا
هَـلِ السَعـادةُ تكمُـنُ فـي تملُـكِنـا؟
وأغبـى الناس مـن ظَـنَّ… ويعتَقِـدُ
فيعتريهِ الـدَاءُ والأسقـامُ من جِهةٍ
ويُكثرُ الوَهـمُ ،والأعـدَاءُ، والنكـدُ
ضَـغـطٌ وسُكـرُ، أسقَـامٌ مُنوعـةٌ
هَـمٌ وغَـمٌ… فـالأمـعـاءُ والـكَبِـدُ
فَـيُنـفِـقُ المالَ بحثاً عَن سـعـادتـهِ
فيـخسـرُ المـالَ، لا مـالٌ ولا جَـسـدُ
فيقـربُ المـوتُ، والآمـآلُ واهيـةٌ
وتُقطعُ النفسُ، يـومَ الـروحُ تبتعِـدُ
اليوم تمشي بِوسط الأهلِ مُنتشياً..
غـداً لوحـدِكَ وسـط الـقبـرِ تنفَـرِدُ
لاعِشتَ دُنياكَ.. لا عمّـرتَ آخِرتك
غداً ستُسائلُ.. تحتَ الصخرِ تلتحِـدُ
لامـالَ للـمـرءِ بعـدَ المـوتِ يَنفعُـهُ
. . إلا الـذي كـآنَ بالخيـراتِ يَحتَصِـدُ
ياحسـرةً صارت الأعمـالُ تُشُغِلنُا
والـرزقُ يُلهِـي عَـن الرزاقِ يا عَبـدُ
أموالُ صارت لهذي للروح حاكِمـةٌ
ما أرخصَ النـاسَ في دنيايَ، يا سَنـدُ
ياشاغلَ البالِ إنّ الـرزقَ مُنكتبٌ
والعَبدُ دَومـاً على الـرزاقِ يعتمِـدُ
تُسَجلُ الآجالُ والرِزقُ في ورَقٍ
مكتوبةٌ للخَلقِ حتى قبلَ أن يَلِدُوا
الـرِزقُ مُنكتِبٌ، والعُمـرُ مَنحسبُ
. والأمـرُ ماضٍ، والمَلَكَانِ قد شَهِـدُوا.