يمرُّ اللَّيْلُ يخلفهُ النَّهَارُ
وَتَبعُدُ عَنْ مَآقِينَا الدَّيَارُ
تَلُمُّ ثِيَابهَا الأيَّامُ تَمْضِي
ويَرْحلُ نحْوَ بُغْيتهِ القِطَارُ
مَحَطَّاتٌ نَمُرُّ بهَا ويبْقَى
لنَا فِي كُلِّ ذَاكِرَةٍ مَطَارُ
لنَا وَطَنٌ تشيخُ بهِ الأمَانِي
ويبكي في روابيهِ الهَزَارُ
تَدَوْرُ بِنَا الليَالِي يَا رِفَاقِي
ولا فجرٌ يلوحُ ولا فَنَارُ
قصَائِدُنَا عَلَى الأطلالِ تَبْكِي
وَمَا خَفَتَ الحَنِينُ ولا الأوَارُ
فلا “السَّيَّابُ” يا بغدادُ يشدو
ولا الفيحاءُ مرَّ بِهَا “نِزَارُ”
بجنْحِ اللَّيْلِ فاحَ عبيرُ صَنْعَا
فهل رجعَ “ابنُ نخلة” يا ذَمَارُ
أَقامَ الرَّملُ للآمال عُرسًا
أفي (بردوّن) يَحتَفِلُ الغُبَارُ!
وَقَدْ شَرِقَتْ مِنَ الدَّمعِ الأغَانِي
ودارَ بِنَا على الضَّيمِ المَدَارُ
عَنِ “المحضارِ” سَلْ خورَ “المُكَلا”
وَعَنْ “لطفي” سِيَخبُرُكَ المَحَارُ
وتنثرُكَ القصائِدُ في بلادٍ
يشيبُ على مدارجِها الصِغَارُ
أنشعِلُ جَذْوَةَ الأَلَقِ المُقَفّى
إذا مَا طَالَ بِالوطنِ الحِصَارُ
وَصِرنَا نَنْدُبُ الأوْطَانَ جَهرًا
أمَا للسعدِ مِنْ وطنٍ يُعَارُ؟
فَكَيفَ نُقِيمُ للآمَالِ عيدًا
وَحول القدسِ ينتَصِبُ “الجِدَارُ”
سألتُ عيونَ صنعا أين “صنعا”
ولا “عدنٌ” هناك ولا “ذمارُ”
وفي شامِ العُروبَةِ ألفُ جُرْحٍ
وفي بغدادَ إعْصَارٌ وَنَارُ
ليَالينَا تَئِنُّ بِهَا القَوافِي
وخلفَ اللَّيْلِ ينتحبُ النّهارُ
تمرُّ بِنَا الحوادثُ كلَّ حينٍ
ولا يُنْجِي مِنَ القَدَرِ الفِرَارُ
فَعِشْ بِالحبِّ يَا وَطَنِي كَبِيرًا
تليقُ بِكَ المَهَابَةُ والوِقَارُ
(وإنَّ الحقَّ مَقطَعُهُ ثلاثٌ
يمينٌ أو جلاءٌ أو نِفارُ)