الأديب العراقي سعد الساعدي
اتولد ١٩٦٠/ العراق
درس الإعلام والإتصال في جامعة بغداد
درس اللغة الانكليزية في جامعة بغداد
عضو متمرس في نقابة الصحفيين العراقيين
عضو الاتحاد العام للأدباء والشعراء العرب
اعلامي وكاتب وشاعر وروائي وناقد أدبي
شغل منصب مدير تحرير في اذاعة الفيحاء
معد ومقدم برامج اذاعية
شغل منصب سكرتير تحرير مجلة الطبيب العراقية
محرر صفحة شؤون جامعية في جريدة الاعلام
مازال كاتباً في جريدة الزمان المصري
مازال كاتباً في جريدة العراقية في سدني
ما زال كاتباً في جريدة الاعلام العراقي
كتب مقدمات نقدية لقصص ودواوين شعرية لكتاب وشعراء عراقيين وعرب
عضو مؤسس ومشارك في كثير من المؤسسات الثقافية
حائز على المركز الثالث في مسابقة اتحاد الادباء الدولي عن النقد الادبي لعام ٢٠١٧
ضمن اسماء شعراء الفصحى العرب في موسوعة الشعراء العرب
كاتب مقالات سياسية وادبية، ومن بين افضل سبعة كتاب في العراق لعام ٢٠١٧ حسب جريدة الاعلام العراقي
ضمن افضل كتاب المقالات دولياً لعام ٢٠١٧ حسب الصدى نت
باحث في الشأن التاريخي، ومؤلف كتاب التاريخ يحاكم نفسه
مؤلف قصص قصيرة بعنوان غيوم لا تعرف الغزل
مؤلف رواية سياحة في الجحيم، ورواية انزوريكا
مؤلف كتاب دراسة نقدية بعنوان الواقعية النقدية في القصة القصيرة.
مؤلف كتاب دراسة نقدية بعنوان انتفاضة الشعر الحقيقية.
صاحب نظرية نقدية باسم “التحليل والارتقاء، مدرسة النقد التجديدية” موثقة في اكاديمية العلوم التربوية الامريكية/ واشنطن
مؤلف كتاب التجديدية في الشعر العراقي.
ناشر بحوث نقدية كثيرة باللغة الانكليزية بمجلات محكمة امريكية تحت تصنيف: بحث أصيل مبتكر
كتب دراسات اعلامية عن الشائعات، الارهاب، العلاقات العامة
لديه كتب تنتظر الطبع : ثمان روايات، ثلاثة دواوين شعرية، دراسة نقدية أدبية جديدة، بحث تاريخي، سيرة يومية عن العمل في الصحافة
كاتب في اغلب المواقع الالكترونية العربية والدولية مثل الناقد العراقي والحوار المتمدن والصدى نت والعراق الحر وصحيفة المثقف، وغيرها
حائز على المركز الثالث في المسابقة الدولية للقصة القصيرة لعام ٢٠١٨
مشارك في مهرجانات ومؤتمرات ثقافية وأدبية …
نشرت له العديد من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية ..
كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع …
**لكل أديب طفولة راعفة بالحبِّ والشَّوق؛ فما هي أبعاد طفولة الأديب؟ وكيف التقى بكرَّاسة الأدب؟
قد تكون طفولتي مختلفة الى حدٍّ مغاير بشيء من الغرابة، والسبب هو المكان. المكان المتغير كل عام أو عامين بسبب طبيعة عمل والدي الوظيفية المدنية رحمه الله حينما يُنقل بين الحين والآخر من مدينة الى أخرى ونحن معه؛ هكذا نظام العمل لديهم، فأينما اقتضت الحاجة لمثل اختصاصه ولا يوجد بديل يكون هناك، أو بناء على طلبه، حتى أني أكملت المرحلة الابتدائية متنقلاً من مدرسة الى أخرى بمدينة مختلفة، تارة في الشمال، وتار في الجنوب، ومرة في الوسط. بين أربع مدارس، وأربع محافظات عراقية كانت بدايتي التعليمية. من هذا، ومنذ الطفولة المبكرة، بدأت تترسخ الخبرة الاجتماعية، والطبيعة التطورية للعلاقات، ونوعية الاصدقاء، ما كان لها الأثر الفاعل لاحقاً في اكسابي مهارات متعددة، تقفز مرة للرياضة، وأخرى للرسم، وأخيراً توقفت عند الأدب في كتابة الشعر والخواطر التي كان الفضل الأول فيها لأحد مدرسين اللغة العربية وهو يرى بعض موهبة أحملها، ومن ثمة بدأ المشوار الى يومنا هذا، علماً أنَّ اختصاصي الوظيفي والتعليمي أول الامر مختلف تماماً، فهو ضمن المجالات العلمية البحتة (الصيدلة) الى سنوات طويلة، بعدها انضممت فعلياً وعملياً وأكاديمياً لفريق الآداب، ما أضاف لي خبرات أخرى أرى أنني أكثر حظاً فيها من غيري.
** الحب والشوق والوطن والحنين هي مفردات الأديب فما هي مفرداتك؟
لا شك أن تكون هذه المفردات أساسيات كل من ينتمي بصدق للأرض التي نعيش عليها، الوطن بمفهومه الكامل والعام ضمن الانتماء الحقيقي، وليس الشعاري المؤقت، حسب ما تمليه المصالح. المفردات كثيرة في غاية الأهمية؛ لكن المهم فيها الإخلاص والتفاني والذوبان الفعلي من أجل الخير لكل الناس، وهذا هو شعاري، حتى كتاباتي جميعها تنطلق من هذا الباب؛ في القصص والروايات والأشعار التي كتبتها يكون حب الوطن والسعي للتغيير من أجل الخير شرارة الانطلاق في كل مشروع، حتى النقد الذي أمارسه هدفي الأول فيه الصعود بالمبدع الى أعلى قمة، لا لتهميشه واقصائه كما يفعل البعض وهم يحملون سيوفهم على رقاب المستضعفين من الكتاب المبدعين، بحجة أنَّ أسماءهم مجهولة غير معروفة في الساحة الأدبية، لذا نرى من يكسِّرهم قبل أن يكسِّر نتاجاتهم في البحث والتدقيق. من هذا كان لي هدف سعيت لتحقيقه والعمل عليه لسنوات طويلة بالتوصل لنظرية نقدية يحمل الجانب الثاني من اسماها “الارتقاء”. نظرية التحليل والارتقاء النقدية من أهم ما فيها الارتقاء بالمبدعين كحالات خاصة، أو ظاهرة عامة تشمل الجميع. هذا هو مبدأي والمفردة التي أراها مهمة في اعداد جيل لاحق بعد أجيالنا، يحمل تركتنا الموضوعية بصدق، بعيداً عن الرياء الثقافي، وقد تكون هذه أول مرة تُذكر هكذا مفردة؛ نعم هناك رياء ثقافي بعيداً عن الأبوة الحقيقية التي يجب أن يتحلى بها كبار الأدباء، لاسيما النقاد منهم وهم ينظرون لما دونهم من مبتدئين، فلا مكان للبروج العاجية والحياة المخملية عندي طالما أنتمي لوطن يعاني من الكثير، وواحد من الذين يضمدون جراحاته يجب أن يكون المثقف بما أوتي من علم وثقافة في صنع التغيير، بعيداً عن السفسطة والكلمات التي تحتاج لتفسيرين كي يفهما المتلقي وليس لتفسير واحد، وهذا ما أراه عند الكثيرين وليس البعض مع الاسف.
** لكلّ أديب بُعد يميزه عن الآخرين؛ فما هي أبعاد حروفك؟
انطلق من الواقعية عبر انتمائي الوطني حتى عندما أكتب قصائد الغزل يلاحظ عليها مسحة الحزن. أكتب لأني أشعر بمعاناة غيري وأنا بينهم؛ نعم، رغم أني من طبقة فوق المتوسطة، لا متخمة بالثراء ولا دون ذلك، لكنني أعيش حياة المهمشين المعدمين، ومن ذلك الواقع تكون اشتغالاتي. ربما واضحة الصورة عني كثيراً لمتتبعي أعمالي، حتى أن بعض الصديقات والأصدقاء طالما يعاتبونني أو ينتقدونني بأني كاتب متشائم، لا أكتب غير الأحزان وعن الألم؛ كل الهواجس بعيدة عن المرح والحياة الغانية، وما جوابي لهم إلاّ بجملة قصيرة: ” إنْ نخدع أنفسنا بالغزل والرومانسيات، فكيف نكون لسان حال أمة تعاني ما تعاني؟”.
لذا أكتب غالباً عن آلام الوطن والطفولة والحياة المعدمة، وما تعانيه المرأة في مجتمعنا من ضيق في كثير من الأحيان، لكن لا أتاجر بالحديث عن المرأة مطلقاً مثل بعض اللصوص طالما هي الشق الثاني من كياني الروحي والبايولوجي، بل هي جوهر مكمل للوجود الانساني. احترم المرأة في التغزل بها حتى أصفها دائماً كالوردة أو النخلة أو نسمة الكلمة المؤنسة، بعيداً عن لغة الوصف (الآيروتيكية) الفارغة التي يحسبها البعض أنها قمة التطور الحداثوي. مع كل هذا تبقى حروفي لا حدَّ لها، فهي في الأعماق تغوص، وفي الفضاء أراها محلِّقة، تبحث دائماً عن الحقيقة والحياة الهانئة التي يتمناها الجميع، وكغيري أحلم بيوتوبيا أرضية.
**من ترى من الروائيّين في عصرنا من يستحقُّ لقب روائي، وماهي صفات الروائيّ الفذ؟
هناك أسماء كثيرة مرموقة من كتاب الرواية الجادين، وبعضهم من الأصدقاء الذين أثبتوا حضورهم الفعلي سواء من العرب أو الغربيين، لذا لا يمكن تحديد اسم دون الآخر، لاسيما في مرحلة (ما بعد- بعد الحداثة) التي أسميناها المرحلة التجديدية. من الصعب ذكر اسم دون اسمٍ آخر، لكن المستحق الحقيقي لهذا اللقب هو صاحب القضية التي يناضل من أجلها بما يرسمه من صور، ويديره بحبكته الفنية المتصارعة من أجل خلق حالة التسامي، وليس حالة النكوص والارتداد القهري.
** الكلمة لديك تحمل بُعدًا ذاتيًّا، وبُعدا وطنيًّا، وبُعدًا إنسانيًّا. هلّا حدثتنا عن هذه الأبعاد في نتاجاك الأدبيّ؟
ربما أجبت ضمناً عن ذلك قبل قليل، ومع هذا يمكن اختصار الكثير بما تعنيه الكلمة لي؛ تعني الصدق والحقيقة. إنْ لم يكن الكاتب بشكل عام صادقاً فيما يكتب فهو يميت انتماءه لنفسه وللأرض والوطن وجميع الانسانية، حتى وإنْ تعلَّق بخيال موهوم يسعى فيه لتشكيل صور ابداعية، لكنها ليست واقعية بما تحمل من دلالات. للواقع رمزية نقية وليس رمزية سوريالية؛ هنا جذور الكلمة وأبعادها اللامتناهية.
**ما رأيك بالمسابقات الأدبيَّة، وما مدى نزاهة لجان التحكيم؟
قد لا أضيف أي جديد اذا قلت أنَّ الكثير من المسابقات الأدبيّة خارج نطاق الموضوعية وإنصاف الحَكَم لنفسه قبل غيره. مازالت المجاملات والاخوانيات والعلاقات هي المعيار؛ والأدلة كثيرة معروفة، حتى اسم الأب أو الجد واللقب والمكان له تأثير بذلك، وقد تكون هذه معلومة غريبة لكنها حقيقية. عن ذلك نتج ضياع الكثير من الابداع بخنق المبدعين، رغم وجود بعض المنصفين في مجالات تحكيمية معينة، لكن الغالب هو العكس وهذا ليس رأيي فقط!
** كيف نكتب، وما هو تصورُّك للأدب، وطرق التعبير عنه؟
لكل كاتب طقوسه الخاصة ومنهجه الذي يراه هو الأصح، حتى لو كان لغيره العكس. الأدب يعني لي رسالة للخير والأمل والاصلاح والتغيير؛ حتى لو عجز الكاتب نتيجة سلطة الشر القوية والباقية طويلاً. الكاتب الجاد بالأصل هو صاحب قضية ورسالة، ينطلق منها وفق نظريته الحياتية، وفلسفته الخاصة وسيكولوجيته، ومن جميع ذلك ينتج الأدب كمعبِّر عن رغبة جامحة، لابد لها من الانطلاق للخارج، وهذا ما أشارت اليه نظريتنا النقدية التحليل والارتقاء بشكل مفصل مثلما أشرنا فيها الى أن مرتكزات الابداع وأي نتاج انساني ثلاثة: اللغة والمعنى والجمال، فحين تتحقق يكون الأديب أنسانيّاً قبل أي شيء، ليشغل مساحة من الانسانية بما ينتجه. هكذا أنظر للأدب والأديب عموماً طالما كان صاحب قضية، وليس السباحة في سياسة كلامية فوضوية.
**ما هي الموضوعات التي تتناولها في كتابة نصوصك؟
أنا اكتب بكل شيء، وعن كل شيء، فلا حدود تحدد ما أكتبه، ولا أخشى الموانع أنّى كانت، لكنني ملتزم بثوابت المنطق الانساني، بعيداُ عن ما درج الآن من كتابات لا تلتزم بكل شيء ظنّاً من أصحابها أنها قمة الابداع والرقي الحداثوي. فمثلاً حين أقرأ قصيدة لشاعرة تصف بها رجل ظالم وتشبهه بملابسها الداخلية المتسخة بدم الطمث، وشاعر يصف أمه أنها تحمل رأس قحبة، والله حشاه تعالى يجلس على كرسي يغنني وهو يحلق رأسه، وغير ذلك من كلمات؛ هذا لا أعدَّه أبداعاً ولا عبوراً للخطوط الحمراء، ولا كشفاً للمستور، ولا حتى حرية شخصية، لأنه لا يحمل أية قضية، طالما أننا اتفقنا على أن الأدب هو قضية ورسالة أنسان، قبل أن يكون رسالة جماهيرية، وليرفض من يرفض كلامي هذا فلا يعنيني بشيء!
** ما هي الشروط التي ينبغي أن تتوفَّر للكاتب الناجح؟
أهم شرط يجب توفره للكاتب الناجح أن يكون منصفاً مع نفسه. بمعنى الواقعية التي يعيشها، وليس التصورات غير المُدرِكة، لأنه إنْ لم ينطلق من الواقع، فلا حياة حقيقية سيكتب عنها، وهنا لا أقصد السرد التقريري المباشر، أو اللغة السطحية الركيكة، ولا حتى الرمزية الخانقة. اضافة لشروط أخرى يعرفها الكثيرون ممن هم في خضم الكتابة، أو المتوجهين بصدق للكتابة، كالثقافة الغزيرة العامة، ولا بأس حتى في ثقافة الاختصاص وعكسها على الانتاج الكتابي أو اسقاط الذات فيها وهذا موجود بكثرة.
**ما هو رأيك بمصطلح أدب ذكوري وأدب نسائي؟
هذا الموضوع بدأ يدخل في خانة الاستهلاك المحلي العربي أكثر مما هو عالمي. في جميع مستويات الانتاج الانساني حسب وجهة نظري لا يوجد شيء اسمه ذكوري أو أنثوي فالجميع سواء، وقد تعرضت فعلاً ذات مرة لنقد من أحدهم حين كررت كلمة (شاعر) في دراسة لي عن شاعرة ما اضطررت لاحقاً التنويه بالقول: شاعر أو شاعرة، كاتب أو كاتبة مع أني أجبته بدليل واقعي وهو: لماذا نرى على واجهات مؤسسات أدبية رسمية وغيرها عبارة مثل “اتحاد الأدباء والكتاب، أو جمعية المترجمين…الخ” لماذا لم يكتب جمعية المترجمين والمترجمات مثلاً، أو اتحاد الكاتبات والكتاب على اعتبار السيدات أولاً؟ الجواب واضح؛ لا فرق بين الرجل والمرأة في أي مجال متخصص، ولكن نحن من نضع الفوارق لغاية في نفوسنا، استناداً لهواجس ربما مريضة، أو عدم دراية حقيقية بما تؤول له الأمور في التشخيص.
**ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية الراهنة في وقتنا المعاصر ؟
الى حدٍّ كبير جيدة وتبشر بخير في ظل جيل من الشباب المبدعين، وحتى الأكبر من الشباب بعد وجود مساحات من الحرية والتعبير عن الرأي، هذا اذا استثنينا الفرق بين من يكتب من أجل الدعاية والشهرة وفق مبدأ خالف تُعرف أو ما يسمى بكسر التابوهات كما أسلفت سابقاً، ومن يكتب بصدق من أجل التوثيق التاريخي لمسيرة الثقافة الانسانية بشكل أكثر تعميماً ليضع له بصمته الناصعة مع هذه المسيرة المريرة وليست الهانئة صراحةً.
**ما رأيك بالنقد؟، وهل أنصفك؟
مازال النقد يسير تارة متعثراً، ومرة في طريق متعرج، وتارة يحاول الانعتاق من أطواق الاختناق التي حبس بعض النقاد أنفسهم فيها وهم ملتصقين بمناهج نقدية كلها ضمن المدرسة الغربية وكأن لا غيرها، ولا يجوز الابتعاد عنها مهما كلَّف الأمر. لكن المفرح في الأمر مشاهدة بعض النقاد بدأوا يخرجون تدريجياً من ربقة ذلك الطوق والتحرر منه، ليخطوا لهم طريقاً ومنهجاً خاصاً، والدعوة لوجود مدرسة نقدية جديدة لها مميزاتها وصفاتها وقواعدها التي يشتغل عليها الناقد؛ من ذلك، وخلال سنوات كثيرة سعينا للدخول في هذا المدخل الصعب والمتعب فظهرت نظريتنا النقدية الجديدة نظرية التحليل والارتقاء مدرسة النقد التجديدية عام 2020، وخلال هذه الفترة الوجيزة أفرَحَنا وجود من يشتغل وفق هذا الاتجاه اعتماداً على النظرية بالاسم الصريح أو التلميح أو التحليل على ضوء قواعد نظرية التحليل، والمهم بكل ذلك هو بداية الخطوة الجديدة، فلا يعنينا الاسم والعنوان بقدر المنهجية العلمية النقدية التحليلية، ويجب أن لا ننسى أن كل جديد مُحارب الى أن تثبت أقدامه راسخة مثل أول ظهور قصيدة التفعيلة بعيداُ عن الالتزام التام بالقافية والبحر الشعري لحين ما رسخت واقتنع بها الأكثرية، لتسمى اليوم بالمدرسة السيابية.
النقد يعاني من مشكلة خطيرة يمارسها بعض من ينتسبون للنقد، وحتى بعض الأكاديميين عبر تسليط سيوفهم المرهفة على رقاب كل جديد، وبالذات على المواهب الابداعية الشبابية، ما ساعد بقتل تلك المواهب أو اعاقتها طويلاً؛ هؤلاء الذين لا يعجبهم كل العجب يمارسون سلطة معنوية مدمرة وهم مازالوا يفسرون كثيراً من النصوص والأعمال الأدبية بالكلمة ومعناها استناداً للقاموس اللغوي، أو تفكيكاً جائراً اعتماداً على المذهب النقدي الذي يستهويهم ويسيرون عليه فقط دون غيره. المصيبة الأعظم حين يُكلّف مثل هؤلاء بتشكيل لجان تحكيمية أو الأشراف على الرسائل الجامعية ومناقشتها فلن يقبلوا إلاّ بما يريدونه هم، وهم فقط من يحق لهم القول الفصل لا غيرهم، وهذا ما انعكس على العملية العلمية برمتها، لذا نجد خريجين يحملون شهادات عليا في النقد ولا يستطيعون كتابة دراسة نقدية، ونرى بعضهم الى يومنا هذا لا يعرف موقع الهمزة الصحيح، ولا يفرق بين الضاد والظاء!
وفيما يخص الشق الثاني من السؤال؛ نعم، لقد أنصفني النقاد بما كتبوه عن أعمالي سواء بدراساتهم أو تعليقاتهم على الفيسبوك إلاَ قلّة قليلة ممن قلنا أنهم لا يعجبهم العجب، وهذه وجهة نظرهم الشخصية التي نعدّها ذاتية بحتة وهم يسمّونها موضوعية علمية!
** ما رأيك بمكانة المرأة العربيَّة ككاتبة وشاعرة؟
ضمن حديثنا عن الأدب الذكوري والنسوي وردت اشارات عن ذلك، ولكن اليوم أصبح للمرأة العربية الكاتبة وبصورة عامة المكانة المرموقة في ما تنتجه من ابداع فكري أدبي، وفلسفي وعلمي وتاريخي، واعلامي وضمن مجالات التنمية البشرية والعلاقات العامة، وليس الشعر ببعيد عن ذلك، فبرزت شواعر وروائيات لهنَّ قدرهنَّ وقيمتهنَّ، حتى أننا نرى كل عام فوز واحدة بجائزة عالية في المسابقات الكبرى مثل كتارا، وجائزة الشيخ زايد والبوكر وغيرها، ما يعطي الانطباع الحسن على أن المرأة احتلت مكانها الحقيقي بالساحة الثقافية حضورياً كمؤثر فاعل، وليس هامشياَ. لكننا نعود ونكرر أنَّ بعض المجاملات والمحسوبيات جعلت من بعضهم يسرحن في غياهب الغرور والتعالي والكِبر كونهنَّ أصبحن نجمات مجتمعيات وهذا أحد محطمات المبدع التدميرية مهما علا في مجال اختصاصه.
**يُقال إنَّ الأديب يكتب بحبر الروح، ما مدى صحَّة هذا الرأي؟
إن لم تكن روح الكاتب حاضرة معه في الكتابة فلا تعدو كتاباته غير (شخبطات) بقلم الطباشير على جدار قديم بالٍ آيلٍ للسقوط، أو هلوسة لا مبرر لها.
**هل أثَّرت التقنيَّات الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعيِّ على تطور الأدب العربيِّ، أم أنَّه أساء له؟
بالتأكيد يلاحظ المتتبع للحركة الفكرية والأدبية التطور الحاصل بسبب الثورة التكنلوجية ما ساعد على بروز الكثير من المبدعين من شعراء وكتاب (شاعرات وكاتبات)، اضافة لظهور دواوين شعرية على شكل كتب الكترونية في بعض المواقع الأدبية المرموقة ساعدت من لم يستطع طباعتها على نشرها مجاناً، ولكن خلاف ذلك وجدنا غثّاً ورغاءً كثيراً هنا وهناك من تفاهات أسمت نفسها شعراً ونثراً أساء بها أصحاب المواقع الفيسبوكية بالذات من خلالها لأنفسهم وللأدب، واتذكر كتبت دراسة موجزة ذات مرة عن ذلك أشرت فيها لمواقع الخلل ومواقع الابداع التي نراها اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي.
** من ترى من الكتاب في عصرنا من يستحق لقب الأديب المميز، وماهي صفات الأديب الفذِّ؟
من يكتب بموضوعية انطلاقاً من معاناة الجماهير وآمالهم هو ذلك الشخص، وليس الكاتب الموسوعي الذي يكتب بكل شيء، ومن يقرر ليس النقاد فحسب، بل المتلقين المنصفين حين يدركون ما أمامهم يلامس أرواحهم ومشاعرهم، وهي ذاتها صفات الأديب الفذ، ولكي لا ننسى أنَّ الأديب هو انسان في كل الأحوال وليس كائناً مقدساً، وهذا ينطبق على كل مُنتِج فاعل في الحياة وليس الأديب فقط.
**كثير من الأدباء والروائيين يُحالفهم الحظَّ من أوَّل مخطوط يُنجزونه، مع أنَّه ليس لديهم المعجم اللغويِّ، كيف تُفسِّر ذلك؟
لله في خلقه شؤون…!
**لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته؛ فماذا تقول؟
مازلت في البداية، مع أنني أصدرت ثمانية كتب، وفي الانتظار خمسة عشر كتاباً من دواوين ودراسات وروايات وبحوث؛ لكن أهم منجز لي هو نظرية التحليل والارتقاء النقدية عام 2020 التي تم توثيقها باللغة الانكليزية في مجلة عالمية أمريكية محكَّمة بتقييم بحث أصيل مبتكر، ودراسة (تاريخية سياسية) كبرى مازالت مخطوطة بانتظار الطباعة.
**ما أحب أعمالك إليكَ، وهل تحدثنا القليل عنه؟
روايتي سياحة في الجحيم لأنها مزجت الواقع بالخيال وسيرة ذاتية من حياتي جسدها بطل الرواية أحمد، وكتاب النظرية النقدية كونه دراسة أكاديمية علمية أدبية تعبت كثيراً بتمام انجازه ومنه انتهجت خطي النقدي الجديد ومعي من يعاضدني بكتابته التجديدية لاسيما بعض طلبة الدراسات العليا في العراق والوطن العربي الذين طلبوا فرحوا ورحبوا أن تكون رسائلهم وأطاريحهم الجامعية استناداً لنظرية التحليل من خلال تواصلي معهم طويلاً بهذا الصدد.
**همسة في أذن الأدباء على كثرتهم..
انصفوا أنفسكم بموضوعية وصدق بما تقدمونه للقارئ فهو يستحق الوقوف معه لا على ظهره، وللنقاد: كونوا آباء روحيين للجميع لاسيما الشباب، لأنكم ستنتجون ابداعاً جديداً مع ابداعكم، واتركوا السيوف وخناجر الطعن بلا مبررات.
**كلمة أخيرة تحب توجيهها للقراء..؟
وصية لي وللجميع الابتعاد عن الغرور والكبرياء، وأن نقدم ونعطي بلا مقابل؛ كالمدرسة التي تتعب على طلابها وتخرّجهم بتفوق دون انتظار مقابل، لأنَّ الأشياء بخواتيمها إن كانت المقدمات صحيحة عقلانية. ووصية أخرى للشباب المبتدئين أن لا يستعجلوا الشهرة والفوز بالملذات، لأنَّ المبدع بإبداعه يفرض نفسه على الساحة، ويحتل مكانته الحقيقية عاجلاً أم آجلاً.