في يوم الإثنين الرابع من فبراير قدم الناقد المختص في الرواية الدكتور خالد الرفاعي قراءة نقدية لرواية الأديبة أميمة الخميس (مسرى الغرانيق في مدن العقيق) الصادرة عن دار الساقي، وذلك في مكتبة الملك عبد العزيز العامة ضمن برنامجها الشهري (كتاب الشهر).
والحقيقة التي أجمع عليها كل المتداخلين – بمن فيهم الروائية أميمة نفسها – أن هذه القراءة كانت بمثابة الضوء الذي سلط على الرواية، ولأن الرواية جميلة في ذاتها فقد أضافت قراءة الدكتور خالد المزيد من الجمال.
ومن المواضع التي أثنى عليها الدكتور خالد في رواية أميمة الدقة في تطابق ما ورد في الرواية من أحداث تاريخية وأماكن وأعلام مع الواقع؛ على الرغم من الكم الهائل من هذه الأماكن والأعلام التي أوردتها الكاتبة في روايتها. لقد اعتاد الكثير من كتاب الرواية التاريخية، أو الذين يؤرخون لبعض الأحداث في رواياتهم عدم الاعتناء بتوثيقها ظنا منهم أنهم يكتبون رواية لا تاريخا. والحقيقة أن الرواية التاريخية – وإن لم تكن تأريخا – لكنها يجب أن تنأى عن تشويه التاريخ أو تقديم معلومات مغلوطة.
يعد الإنكليزي والتر سكوت (1771-1832) الأب الروحي للرواية التاريخية وقد فتح الباب على مصراعيه ليلج منه مئات الروائيين من كل بلد عربي وأعجمي.
ومن أشهر كتاب الرواية التاريخية العرب على الإطلاق اللبناني جورجي زيدان (1861-1914) لكنه لم يكن دقيقا في سرد الحقائق التاريخية، وقد لجأ إلى تغيير مجريات الأحداث في سبيل الجري خلف الناحية الفنية وجَعْلِ روايته مشوقة، ولو اضطره ذلك إلى إضافات أو تعديلات على الخط التاريخي للرواية.
ومن الأسماء البارزة في كتابة الرواية التاريخية في القرن الماضي محمد فريد أبو حديد (1893- 1967). وقد امتدت السلسلة بعد ذلك وتتالت الأسماء العربية الروائية البارزة؛ منهم من كان التاريخ مادة روايته وموضوعها، ومنهم من كان يتكئ على الأحداث التاريخية اتكاء. وقد بدأ توجه بعض الروائيين في أيامنا هذه إلى كتابة الرواية التاريخية ولو على سبيل التجريب كما فعلت أميمة الخميس.
وعودا إلى محاضرة د. خالد الرفاعي عن (رواية مسرى الغرانيق إلى مدن العقيق) فقد تباينت وجهات الحضور حول إعجابهم بعنوان الرواية وملاءمته، فيما وقف المحاضر موقف الحياد. وقد أبانت أميمة أن العنوان ظل مدار أخذ ورد بينها وبين الناشر، فقد كان الناشر يرغب في تغيير العنوان في حين أصرت المؤلفة على العنوان ذاته.
والذي أراه أن المؤلفة قد وفقت إلى هذا العنوان، فقد عبَّر عن الارتحال بين المدن العلمية، وقد كانت الرحلة موضوعا أساسا في الرواية، كما أحسنت في وصف الرحلة بالمسرى ليناسب السراة الذين كان بطل الرواية يكتشفهم واحدا واحدا في أثناء رحلاته. كما لا أنسى السجع الذي جاء معبرا عن لغة العصر الذي تدور فيه أحداث الرواية.
لكن كثيرا ممن قرأ الرواية – وكثيرا ممن قرأ عنها ولم يقرأها – كان العنوان بالنسبة له مربكا حتى إن منهم من ظن أن لها علاقة برواية الغرانيق الواردة في السيرة النبوية، ومن هؤلاء الدكتور صالح بن سعد اللحيدان، فقد نشر في جريدة الرياض يوم الأربعاء 30/1/2019 ردا على خبر مناقشة رواية أميمة في جمعية الثقافة والفنون بالدمام؛ ملخصه أن رواية الغرانيق رواية مكذوبة. لكن ما تحدث عنه د. اللحيدان لا علاقة له برواية أميمة.
قد تكون أميمة أسهمت – عن قصد أو غير قصد – في سوء فهم من اكتفى بمطالعة عنوان الرواية ولم يقرأها حين أوردت في ثنايا الرواية أن إمام المسجد تلا في صلاة الفجر سورة (والنجم إذا هوى)!