هذه الإضاءة بعض مما استوقفني في إصدار الريم، ولنبدأ بالعنوان “الريم” ونحن نعلم أن العنوان ليس فقط عتبة النص، بل هو نص مؤازر للفكرة المقصودة، ومخزون الاسم هنا يدّخر الكثير.
الريم، هو الظبي الخالص البياض والرشيق، ويرمز إلى النقاء وأصله بالهمزة ” رِئم ” لسهولة النطق، ورئم كان اسم لشخصية وفيّة ومحبة في قصة ريم.
الاسم أيضًا يرمز للمرأة الجميلة، كما استخدمه الشعراء كثيرًا، مثل أحمد شوقي في نهج البردة:
ريمٌ على القاعِ بين البانِ والعلمِ
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهر الحرمِ
يقال أيضًا من تحمل اسم الريم، تتميز بالعقل وحسن التدبير والذكاء والثقة ، والابتسامة الدائمة والرّقة.
فهل هذه ” الريم ” بكلها أو بجزئية منها هي ريمنا ؟!
من وجهة نظري، ممارسة الكتابة ماهي إلا مرآة عاكسة لأرواحنا المتعبة ، ونحن ( راوي ، قاص، أم شاعر ) موجودون فيما نكتب، نختبأ متنكرين ربما بزي آخر ، في زاوية من زوايا ما بين السطور .
ريم الكيالي متمكنة من أدواتها السحرية في السرد، ارتقت بلغتها وبالأحداث ، وكانت ذات مخيّلة فذة وحالمة، حتى أنها جعلتنا نتصور مظهر البطلة، أنثى بشريّة ، بقرني وروح ظبية، ذكرتني بكليلة ودمنة ، وكل قصة بعظة وعبرة .
القصة ثريّة جدًا ، بالإيحاءات والتلميحات، والمعروف عن الظباء أن لها سلوك التلميح، مستخدمة حركة الجسد لتخبر أقرانها عن وجود مفترسين، لذلك يُصعب اصطيادها.
ماكتبت ريم مناسب جدًا لليافعين، والملاحظ فيه كم الانحياز للخير والعدل، إلا في أحد المواقف ، حين أصاب قرية لامارا الوباء ، فكانت الجندرة واضحة ، حيث كان المرض يصيب الفتيات دون الفتيّة ، وهنا الصورة بألف مقصد …
أما ” آرام ” الملقب بالدب ، عميد الصيادين ، الذي لم يرّق له الترياق ، بل كان سببًا في الكثير من الوجع، فلهُ من خداعهِ مايليقُ بإجرامهِ …
أخيرًا
أبارك لريم منجزها، وأتمنى السلام لروح كلّ غزالة شاردة، لاتسعها الغابة ،
ونصيحتي لها، ليس على الظبيّة الهرب دائمًا، بل المواجهة قد تكون أرقى طرق النصر، دون خسائر أو حرائق أو كسر لصحن السكر.
أقول لريمنا أيضًا :
تعالي نمشي يدًا بيد، ونطير محلّقين بجناحين…
قدمت القراءة في رحاب المكتبة الوطنية في ٦/ ٦/ ٢٠٢٣
الكتاب صادر عن جفرا ناشرون وموزعون