بقلم الروائية عنان محروس
ترددت بعض الشيء بصراحة، قبل أن أنتقي ما أضيء به من فكر كلماتي، بعد قراءة إصدار هبات رحمانية للكاتبة ساجدة قنوع، فللكتاب خصوصية عالية متفردة ، لاتحتاج توضيحًا، فهل سمعنا عن إضافة لنور الشمس مثلًا ، كذلك كانت نور حروف الإصدار، حيث الإهداء العظيم إلى الله وحده لاشريك له، ومن ثمّ إلى العائلة والأصدقاء(العون والسند)، وأيضًا هداية مقصد الآيات الكريمة التي زينت عتبات القصص داخل الكتاب ، ولا أسمى ولا أرفع من تلك العتبات ،التي تحيل الواقع الفعلي أو المتخيل للقاص ، مرجعًا وقانونًا لا جدال فيه، مهما تعددت وتنوعت مواقف الحياة المختلفة ، عبر تقصي الخطاب المباشر للخلق من الذكر المبارك للخالق
المجموعة كما عنونتها ساجدة، هبات رحمانية، والهبات درجات من كرامات القبول والرحمة والعلاج الروحي، القرب والرزق، وتجلي الطريق القويم والصراط المستقيم
نفحات تصل القلوب، هدايا اللطف من الخالق عزّ وجل، حيث الدين الحقيقي يبدأ من نقاء القلب وصفاء السريرة والإيمان المطلق
هم التحول الأساسي في الحياة وبهم النجاة
هذا الإصدار مختلف عمّا سبق، للكاتبة مشاركات عديدة في كتب إلكترونية، وكتاب خاص متنوع المضامين مابين رواية قصيرة وقصة وخواطر ، بعنوان تدبيج الحروف ، ويعني كتابة الحروف وتسطيرها
أمّا هبات رحمانية فهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة، والقصة سرد حكائي نثري يشمل فترة من الزمن ، ونعلم أن القصة القصيرة تحتاج دائمًا إلى بريق البداية ودهشة القفلة ، وهو فن أدبي صعب، يجب أن تتماسك به الفكرة وتتوظف الرموز والأسماء بما يتناسب والحدث، وهذا ما وجدته جليّا في معظم حكايا هبات رحمانية ، رغم أن الكاتبة لم ترفق أسماء لكل أبطالها، فالقصص تصلح عبرة وحكمة لكل زمان ومكان ، وكلنا معرضون لأن نمرّ بما مرّ به الشخوص، ويتنتابني ظن أقرب إلى التأكيد بواقعية وحقيقة حدوثها وأحداثها، لذلك كانت بعض القصص لاتحتمل تأويل التحديد بالأسماء
بالمناسبة
تكررت في البدايات الافتتاحية للقصص، الأنا، وكنتُ، بدأتُ، شعرتُ، منحتُ، فكانت ساجدة الراوي المقنع لأحداث الحكايات والطبيب النفسي للشخوص والمرشد الديني أيضًا ، حيث أخذت بأيدي الغالبية إلى طريق العلاج
الصياغة الفنية للقصص والومضات المكثفة ، تعكس عمق الوعي والإدراك لدى الكاتبة، لكنها ابتعدت عن الحيادية وتدخلت قناعاتها الأيديولوجية بالكامل لتلعب الدور الحاسم في النهاية مرورا بالأحداث، ولربمّا تحررت الكاتبة من أسر نفسها ورؤيتها الشخصية في إصدارات قادمة بإذن الله
فمن قصة “أنتِ الأفضل، واستبدال البصر بنور البصيرة، إلى بطلة قصة من الألم إلى نعيم الأمل، والحث على الصبر ، خبايا الخير ، لطف الله، نجاة الله لقلبي، غيث الرحمة، يكتب الله خيرًا أنت تجهله، من غياهب الوحشة إلى لذة الأمان ، هبة الله لقلبي” كل ماسبق عنوانات تطوف في دواخلنا لتشرح صدر القارىء ، وخاصة أن النهايات في أغلب الحكايات سعيدة يحفها الفرح والبهجة، كم من التفاؤل وجرعة عالية من الفرج في خاتمة كل حكاية، وقد سبقت كل بداية آية كريمة تحث على سلك طريق الله للوصول ، فهل القصص مختارات من سير ذاتية، تساير كل القلوب المؤمنة، التي اصطفاها الله بالبلاء ومن ثمّ بالبشرى والمعافاة
لن أشير إلى محتوى الحكايات ، حتى لايفقد القارىء بهجة مطالعة القصص بنفسه.
صنعت ساجدة من الواقع صورًا عديدةً متخيلة، لكنها تلامس النفوس البشرية ومعاناتها اليومية بلغة طافحة بالبساطة، كما أجادت الإمساك بخيط السرد بخفة ولوّنته بمفردات وحركات الشخوص في فضائها الخاص ، وحبذا لو كان للحوار مساحة أرحب
لساجدة أدوات تُحسن استخدامها وتقنيات اشتغلت على تطويرها، ولا شك لدى الكاتبة مخزونًا لغويًا جيدًا، ويبدو أنها تخصص نطاقًا واسعًا من يومها للقراءة ، وللقرآن الكريم الحيز الأكبر
في النهاية
لديَّ قناعة أن داخل كل كتاب مهما كان نوعه وهدفه، عبرة ما، تعليمية أو تصحيحية أو فكرية أو إرشادية، لذا الثواب والأجر عليه مؤكدًا بإذن الله
لمن كتبه أو من كتب عنه
أما كتاب ساجدة ( ولكلٍ من اسمه نصيب)،
فهو كتاب “إرشاد نفسي ديني مبسط في ضوء القرآن الكريم”،عبر مجموعة من القصص لتعزيز الفهم ،
فأظن ( ونحن نعمل ونحسن الظن بالله ) ، بأن الأجر هذه المرة مضاعفًا ، والله لا يخذل من توكل عليه ولا يخيب أمله