بقلم : محمد بو عوني الطورة
سيادة النقيب المعجون من طين الطفيلة الأبية ، من هناك حيث ( قرامي ) الزيتون العربي القديم الذي تفرع منه غصن يخبر الصباح أننا ما زلنا المزروعين في تراب الوطن ، القابضين على جمر الصبر ، الضاربين في الأرض عميقاً عميقاً حدّ العجز عن إقتلاعنا .
ليس صعب عليّ أن أعرف كيف تدرجت حتى أصبحت برتبة نقيب ، فأنا قبل سنوات قليلة كانت الشمس ترسم ملامحها فوق جبيني الأسمر وساماً من سنابل قمح تخبر الدنيا أنني أعشق هذا الوطن أكثر ، كعشقك له ، كعشقنا جميعا أبناء الحراثين المغلوبين على أمرنا في وطن بات مرتعاً للكروش التي لا تشبع ، و للأيادي التي لا تفرق بين قوت جياع وشعير نعاج .
سيدي النقيب
كان وجهك مختلفاً ، نعم مختلف ، لقد عدت طفلاً صغيراً تحلم بوطن غير هذا الذي تقف فيه بين فكي رحى ، نداء الواجب والأوامر والتعليمات ، وبين أنسانيتك وحلمك الذي لا يفارق جوفك ، غلبتك يا سيدي أحلامك ووقفت صامتاً تارك لتلك الأنسانية التي فقدها ساسة الوطن وفاسديه وناهبيه وسارقي أحلام أطفاله وشبابه أن تتسلل لوجهك الذي علمته العسكرية وقسوتها وتدريباتها كيف تكون قاسيةً ، مرعبةً ، تخيف بنظرتك من خالف الأوامر والتعليمات .
سيدي النقيب
كنت أيقونة الأردنيين ، كنت مزيجنا وعطرنا ، كنت خوفنا وحرصنا ، كنت قسوتنا وأنسانيتنا ، نحن مثلك يا سيدي عدنا أطفالاً نحلم بذاك الوطن ، ندافع عن فرصتنا الأخيرة في أستعادته ، عيوننا ترصد المارة مثل عيونك ، كنا خائفين ، خائفين جداً أن يتسلل شيطان بيننا فيحول وجهك الطيب إلى بركان غضب ، وقسوة تدربت عليها ، لذنب لم يكن لنا فيه ناقة ولا جمل ، نعم كنا حريصين أن لا يظهر لنا وجهك الثاني حينها ستتحول تلك الدمعة في عينك لجمرة تكوينا وسوط لا يميز حينها بين ملاك وشيطان .
الحمدالله يا سيدي أننا تفرقنا وما زال وجهك الطيب رسالة سلام بيننا وبين أجهزتنا الأمنية التي حمتنا من تلك الشياطين وسمحت لنا أن نعيد حلم طفولتنا في وطن ننام فيه ملء عيوننا كرامةً .
حمى الله الاردن شعباً وقيادةً ، جيشاً وشرطةً .