الدراما اليمنية وقضايا المرأة: بين التمكين وتكريس الصور النمطية

د. عبد الرحمن السريحي 
مدرس وباحث في جامعة ستراسبورغ

شهدت الدراما اليمنية في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في تناول قضايا المرأة، متأثرة بالتحولات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها المجتمع. ورغم هذا التطور، يظل تمثيل المرأة في النصوص الدرامية خاضعًا لتوجهات متباينة تتراوح بين التمكين والتهميش، وبين السعي لتقديم نماذج نسائية مُلهمة وبين الاستمرار في تكريس الصور النمطية التقليدية.
تأتي هذه الدراسة لتُسلط الضوء على كيفية تناول الدراما اليمنية لشخصيات النساء، من خلال منظور النظرية النسوية، التي تُعتبر إطارًا نقديًا فعالًا لفهم تمثيل المرأة وتحليل الأدوار التي تُسند إليها، سواء على مستوى النصوص الفنية أو خلف الكاميرا. تستهدف الدراسة الكشف عن مدى ارتباط الأعمال الدرامية بالقضايا النسائية الحقيقية، ومدى قدرتها على تحدي الأعراف السائدة التي تُقيد المرأة أو تعيد إنتاجها.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في تحليل العلاقة بين الخطاب الفني والواقع الاجتماعي الذي يعكسه. فمن خلال دراسة نماذج مختارة من الأعمال الدرامية، مثل دكان جميلة (2023) والعاقبة (2024) وقرية الوعل (2024) ودروب المرجلة (2022)، تسعى الدراسة إلى الإجابة عن أسئلة محورية: هل استطاعت هذه النصوص تقديم تمثيل واقعي ومتعدد الأبعاد للمرأة؟ وهل نجحت في تجاوز الأنماط التقليدية لتُبرز المرأة كفاعلة وقادرة على التغيير، أم أنها استسلمت لقيود المجتمع؟
تهدف الدراسة أيضًا إلى تقييم دور النصوص الدرامية في تشكيل وعي مجتمعي جديد حول قضايا المرأة، وإبراز التحديات التي تواجه المبدعات في هذا المجال، سواء على مستوى التمثيل أمام الكاميرا أو الأدوار الإبداعية خلفها. من خلال هذا التحليل، تسعى الدراسة إلى تقديم قراءة شاملة تُظهر نقاط القوة والضعف في هذه الأعمال، وتفتح المجال لفهم أعمق لدور الدراما كأداة للتغيير الاجتماعي وتمكين المرأة في المجتمع اليمني.

“دكان جميلة” (2023) يعد أحد الأعمال البارزة التي حاولت تسليط الضوء على تمكين المرأة في مواجهة قضايا حديثة مثل الابتزاز الإلكتروني، وهو موضوع قلما تناوله الإنتاج الدرامي اليمني. في شخصية “جميلة”، تتجسد صورة المرأة الواعية بحقوقها والقادرة على مواجهة التحديات الرقمية التي أصبحت جزءًا من الواقع الاجتماعي. يُظهر العمل محاولة واضحة لتقديم نموذج نسوي يلهم النساء، خاصة في مجتمع محافظ، لكنه يفشل في تقديم معالجة شاملة للأبعاد النفسية والاجتماعية التي تواجهها المرأة في هذه الصراعات. على سبيل المثال، تُقدم “جميلة” كشخصية شجاعة ومستقلة دون أن يُظهر العمل بوضوح العوائق التي يمكن أن تنشأ عن موقفها أمام المجتمع المحيط، مثل الوصم الاجتماعي أو الضغط العائلي.
معالجة موضوع الابتزاز الإلكتروني تُعتبر خطوة جريئة، لكنها اقتصرت على الجانب الفردي للنضال النسائي دون التطرق إلى الجوانب الهيكلية الأعمق التي تُمكن مثل هذه الجرائم من الانتشار. فالعمل لم يناقش، على سبيل المثال، ضعف البنية القانونية أو الثقافية التي تُهمش النساء وتجعل من الصعب عليهن الإبلاغ عن هذه الجرائم. بذلك، يبدو تمكين البطلة “جميلة” معزولًا عن سياق أوسع يربط بين تجارب النساء وقضاياهن العامة. من منظور نسوي، يغيب هنا التحليل الذي يُظهر كيف يمكن أن تؤثر القيم المجتمعية والأنظمة القانونية في تحديد طريقة استجابة المرأة لمثل هذه التحديات.
إحدى النقاط البارزة التي يعكسها العمل هي محاولته تقديم نموذج للمرأة العاملة والمستقلة التي تدير دكانًا في بيئة تقليدية. هذا التصوير يُظهر تقاطعًا بين الاستقلالية الاقتصادية والمقاومة الاجتماعية، لكنه يُقدم في قالب مثالي يُهمش التعقيدات الواقعية. على سبيل المثال، يُغفل العمل الصعوبات التي قد تواجهها امرأة في مثل هذا الموقف، مثل الضغوط العائلية أو التهديدات المحتملة من المجتمع المحافظ. هذا الخلل يجعل النموذج الذي يقدمه العمل بعيدًا عن واقعية التجارب النسائية اليومية، حيث تُواجه النساء اليمنيات غالبًا مستويات أعلى من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر العمل البطلة “جميلة” كرمز للمرأة المستقلة دون التركيز الكافي على شبكة الدعم الاجتماعي أو الشخصيات النسائية الأخرى التي قد تُشكل جزءًا من تجربة التمكين. على سبيل المثال، كان من الممكن استغلال العلاقات النسائية مثل الصديقات أو أفراد العائلة لتقديم رؤية أعمق حول كيفية تأثير الروابط الاجتماعية على مقاومة النساء للتحديات. غياب هذا البُعد يُفقد القصة الفرصة لتسليط الضوء على التمكين الجماعي للنساء، حيث يبدو نضال “جميلة” فرديًا وبعيدًا عن تجارب النساء الأخريات في مجتمعها.
أخيرًا، بينما يُعد دكان جميلة خطوة مهمة في تصوير تمكين المرأة اليمنية، إلا أن المثالية التي يغلب عليها تجعل الرسالة غير متجذرة في الواقع. على سبيل المثال، كان من الممكن تطوير القصة لتشمل العواقب النفسية التي تتعرض لها “جميلة” نتيجة معركتها، أو إبراز التناقض بين مواقفها التقدمية وتوقعات مجتمعها منها. من خلال هذا التوجه، كان يمكن للعمل أن يُحقق توازنًا أفضل بين تقديم نموذج نسائي قوي وبين ملامسة التحديات الواقعية التي تواجهها النساء اليمنيات.
أما مسلسل العاقبة (2024) فيعد نموذجًا واضحًا لاستمرار تصوير المرأة اليمنية في إطار الأدوار التقليدية، حيث تُقدم الشخصيات النسائية بوصفها خاضعة للرجل أو ضحية للظروف دون أي قدرة على التأثير الفعلي في مجرى الأحداث. الشخصيات النسائية في هذا العمل تفتقر إلى الوكالة (Agency)، حيث يتمحور وجودهن حول خدمة الشخصيات الذكورية أو تأدية أدوار نمطية تُكرّس صورة المرأة المستسلمة للواقع. على سبيل المثال، شخصية الأم في العمل تتخذ موقفًا سلبيًا تمامًا، إذ تتمثل وظيفتها في تقديم الدعم العاطفي للرجل دون أي دور فاعل في مواجهة التحديات التي يتناولها النص.
يعكس العمل أيديولوجيات ذكورية مهيمنة عبر استخدام المرأة كعنصر درامي يساهم في تعميق صراعات الرجل، دون أن تكون هي نفسها جزءًا من هذا الصراع. تظهر النساء كضحايا للأحداث الكبيرة التي تجري من حولهن، دون أن يمتلكن القدرة على تغيير مسارات حياتهن. في أحد المشاهد المحورية، نجد أن البطلة النسائية تتعرض للزواج القسري، ولكن المعالجة تتوقف عند إظهار معاناتها فقط، دون أي محاولة لجعل الشخصية تتحدى هذا الوضع أو تتحول إلى نموذج للتغيير. هذه السلبية في رسم الشخصيات تُكرس نظرة سلبية عن المرأة، وكأنها عاجزة بطبيعتها عن مواجهة القيود الاجتماعية.
رغم أن العمل كان بإمكانه تناول قضايا نسائية مهمة، مثل الزواج القسري أو الحرمان من التعليم، إلا أنه يتعامل مع هذه القضايا كأحداث جانبية تُستخدم لإبراز قسوة المجتمع أو تضخيم صراعات الشخصيات الذكورية. على سبيل المثال، تُقدم شخصية فتاة قُطعت دراستها لدعم أسرتها، ولكنها لا تُمنح الفرصة لتقديم صوتها أو التعبير عن طموحاتها. بدلاً من ذلك، تتحول إلى رمز للمعاناة الصامتة، مما يُظهر تجاهل النص للواقع المعقد الذي يعيشه العديد من النساء اليمنيات اللواتي يحاولن التفاوض مع القيود الاجتماعية بطرق مبتكرة وفعّالة.
علاوة على ذلك، يغيب عن النص أي محاولة لتقديم تنوع في الشخصيات النسائية. جميع النساء في المسلسل يبدين كأنهن مستنسخات لنموذج واحد: الخاضعة أو الضحية. لا نجد شخصيات نسائية مختلفة من حيث الخلفيات الاجتماعية أو الثقافية، ولا من حيث ردود الفعل تجاه التحديات. هذا التكرار النمطي يحدّ من إمكانية تقديم قراءة درامية غنية تعكس التنوع الحقيقي لحياة النساء في اليمن، حيث يتفاوتن في طرق مقاومتهن أو تأقلمهن مع الواقع.
من منظور نسوي، يعكس مسلسل العاقبة ضعفًا في معالجة القضايا النسائية، حيث لا يقدم رؤية جديدة أو طموحة تتجاوز القوالب النمطية. بدلاً من استغلال الفرص الدرامية لطرح تساؤلات حول التغيير الاجتماعي أو تمكين المرأة، يُعيد العمل إنتاج صورة تقليدية للمرأة، تتماشى مع الأعراف السائدة دون نقدها أو محاولة تقديم بدائل. هذا التوجه يجعل العمل بعيدًا عن تمثيل تطلعات المرأة اليمنية المعاصرة، التي تسعى إلى كسر الحواجز وخلق فضاءات جديدة للتعبير والتمكين.
في مسلسل قرية الوعل (2024)،  تمثل شخصية “الشيخة معجبة” تحولًا جديدًا في تصوير المرأة اليمنية كقيادية في مجتمع قبلي، وهو ما يُعد بحد ذاته خطوة جريئة من الناحية الدرامية. الشخصية تتمتع بالسلطة والمسؤولية، حيث تدير شؤون القرية وتتعامل مع قضايا معقدة، مما يجعلها رمزًا للمرأة القادرة على تحدي الهيمنة الذكورية التقليدية. ومع ذلك، فإن العمل لم يُظهر التحديات اليومية التي تواجهها “معجبة” كامرأة في مجتمع محافظ، مثل كيفية تحقيق التوازن بين دورها القيادي ومكانتها الاجتماعية كأنثى. هذا النقص في التفاصيل يجعل الشخصية أقرب إلى الرمز المثالي منها إلى شخصية إنسانية حقيقية.
رغم أن “الشيخة معجبة” تُقدم كقائدة حازمة تواجه الصراعات القبلية، إلا أن المسلسل لم يتطرق بعمق إلى كيفية اكتسابها لهذا الدور في مجتمع تقليدي. لم تُعرض تفاصيل رحلتها للوصول إلى موقع القيادة، سواء من حيث التحديات التي واجهتها داخل مجتمعها أو المقاومة التي ربما تلقتها من الرجال وحتى النساء. غياب هذا البعد التاريخي لشخصيتها يُفقد القصة فرصة إبراز المعاناة والجهود التي تبذلها النساء للوصول إلى مراكز القوة، وهو عنصر أساسي وفقًا للنظرية النسوية لتحليل شخصيات نسائية قيادية.
على الرغم من محاولات المسلسل إبراز “الشيخة معجبة” كصوت للعدل في مجتمعها، إلا أنه أهمل الجانب الإنساني الذي يُظهر حياتها الشخصية وعلاقاتها الاجتماعية. على سبيل المثال، لم يُكشف كيف يؤثر دورها القيادي على علاقاتها مع أفراد أسرتها، مثل أطفالها أو زوجها (إن وُجد)، وهي تحديات حقيقية تواجه النساء في مناصب قيادية. هذه الجوانب الإنسانية كانت ستضيف عمقًا للشخصية وتُظهر التعقيدات الواقعية التي تواجهها المرأة اليمنية في بيئات اجتماعية مماثلة.
إضافة إلى ذلك، ركزت القصة بشكل كبير على الصراعات الذكورية حول السلطة في القرية، بينما كانت “معجبة” تمثل شخصية ثانوية في هذا الصراع العام. لم تُمنح مساحة كافية لإظهار رؤيتها أو فلسفتها في القيادة، بل ظهرت في كثير من الأحيان كوسيط لحل النزاعات أو كرمز للسلام الاجتماعي. هذا التهميش، بالرغم من دورها القيادي، يُضعف الرسالة النسوية ويُعيد حصر المرأة في دور المكملة للصراعات الذكورية بدلاً من أن تكون فاعلة فيها بشكل مستقل.
كان بإمكان المسلسل تعزيز نسوية شخصية “الشيخة معجبة” من خلال استعراض قضايا أكثر قربًا من واقع النساء اليمنيات. على سبيل المثال، كيف يمكن لقائدة مثل “معجبة” مواجهة تحديات مثل دعم تعليم الفتيات في قريتها، أو التعامل مع تقاليد الزواج القسري. هذه القضايا لو أُضيفت إلى القصة لكانت ستجعل الشخصية أكثر ارتباطًا بالواقع، وتقدم نموذجًا نسويًا متكاملًا يربط بين القيادة ودور المرأة كمحرك للتغيير الاجتماعي. إذن، بينما يُعد تقديم “الشيخة معجبة” خطوة جريئة في الدراما اليمنية، إلا أن افتقار المسلسل إلى العمق في رسم تفاصيل حياتها وتحدياتها يجعلها شخصية رمزية أكثر من كونها واقعية. غياب الجوانب الإنسانية والاجتماعية في تصويرها يحد من قوة الرسالة النسوية، ويُفوت فرصة تقديم نموذج حقيقي يعكس واقع المرأة اليمنية في مواقع القيادة.
بالنسبة لدروب المرجلة (2022) عملًا جريئًا في تناوله شخصيات نسائية تتحدى الأدوار الجندرية التقليدية عبر اكتساب مهارات تُعتبر “ذكورية” مثل الرماية وقيادة السيارات في بيئات ريفية وصعبة. هذه الشخصيات تبدو كإعلان عن إمكانية المرأة للخروج من حدود الأدوار النمطية، مما يعكس تصورًا إيجابيًا عن تمكين المرأة. ومع ذلك، فإن التمكين في هذا العمل يقتصر على مساحة محدودة من التحدي الفردي، ولا يعالج القضايا الأكثر عمقًا المرتبطة بالمجتمع اليمني، مثل الحواجز التي تواجه النساء للوصول إلى التعليم أو مواجهة التقاليد التي تفرض الزواج القسري.
من ناحية أخرى، يُظهر المسلسل النساء وهن يتعلمن الرماية كرمز للقوة والاستقلال، لكنه يغفل عن معالجة السياقات التي تدفع النساء لاكتساب هذه المهارات. فالرماية والقيادة تظهران كأنهما إنجازات شخصية دون ربطها بالقيود المجتمعية التي قد تجعل هذه المهارات ضرورة وليس خيارًا. على سبيل المثال، يمكن أن تعكس هذه المهارات حاجة المرأة للتنقل الآمن أو الدفاع عن النفس في المجتمعات القبلية، لكن العمل لم يتناول مثل هذه الدوافع بعمق، مما جعل التحدي يبدو وكأنه عمل درامي معزول عن الواقع.
علاوة على ذلك، الشخصيات النسائية في دروب المرجلة لم تُظهر انخراطًا في القضايا الأكثر تأثيرًا على المرأة اليمنية، مثل التعليم الذي يُعتبر بوابة التمكين الحقيقية، أو مواجهة الممارسات الثقافية التي تُقيد حرية المرأة. فبينما تقدم الدراما شخصية امرأة قوية قادرة على تعلم القيادة، لم تتناول العقبات التي تحول دون وصول نساء الريف إلى تعليم أساسي أو فرص اقتصادية. هذه الفجوة تجعل التمكين الذي يُعرض في العمل يبدو منفصلًا عن الاحتياجات الفعلية لمعظم النساء اليمنيات.
ومن القضايا الأخرى التي أغفلها المسلسل مسألة الزواج القسري، التي تُعتبر من أكثر القضايا حساسية في المجتمع اليمني. كان بإمكان العمل أن يربط بين الاستقلال الذي توفره المهارات “الذكورية” المكتسبة وبين قدرة المرأة على مقاومة الأعراف الاجتماعية التي تُقيد خياراتها الشخصية. بدلاً من ذلك، ركزت القصة على إنجازات فردية دون التعمق في كيفية استخدام هذه القوة المكتسبة لتغيير حياة المرأة بشكل أوسع أو للتأثير في البيئة الاجتماعية المحيطة.
إذن ، ورغم أن دروب المرجلة يُمثل خطوة إيجابية نحو تقديم شخصيات نسائية قادرة على كسر القوالب النمطية، إلا أن القضايا الاجتماعية الكبرى التي تؤثر على النساء في اليمن ظلت غائبة عن السرد. يُظهر العمل أن المرأة يمكن أن تكون قوية ومستقلة، لكنه لا يُظهر كيف يمكن لهذه القوة أن تُترجم إلى تحسين ملموس في حياة النساء اليمنيات بشكل عام، مما يُضعف الرسالة النسوية التي قد يحملها. بهذا الشكل، يتحول التمكين في العمل إلى حالة رمزية أكثر من كونه معالجة واقعية وشاملة للواقع النسائي في اليمن.
ختاماً، تكشف هذه الدراسة عن أن الدراما اليمنية، رغم خطواتها المتقدمة في تسليط الضوء على قضايا المرأة، لا تزال محاصرة بين محاولات التمكين الحقيقي واستمرار تكريس القوالب النمطية التقليدية. من خلال تحليل أعمال مثل دكان جميلة” (2023)، والعاقبة (2024)، وقرية الوعل” (2024)، ودروب المرجلة (2022). يتضح أن النصوص الدرامية تسعى أحيانًا إلى تقديم شخصيات نسائية قوية وملهمة، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى العمق في المعالجة أو تتجنب الخوض في التحديات الهيكلية الأوسع التي تواجهها النساء في المجتمع اليمني.
لقد أظهرت الدراسة أن النظرية النسوية توفر إطارًا قويًا لفهم تمثيل المرأة في هذه الأعمال وتحليل العلاقة بين الصورة الدرامية والواقع الاجتماعي. وعلى الرغم من بعض المحاولات الواعدة، مثل تقديم شخصيات نسائية قادرة على القيادة أو كسر الأدوار التقليدية، فإن معظم الأعمال الدرامية لم تُعالج بفعالية القضايا الأكثر حساسية، مثل الزواج القسري، الحرمان من التعليم، التمييز القانوني، أو القيود الثقافية التي تُعيق تمكين النساء.
كما أوضحت الدراسة أن ضعف التمثيل النسائي خلف الكاميرا، سواء في الكتابة أو الإخراج أو الإنتاج، يُسهم في استمرار الصور النمطية التي تُنتجها هذه النصوص. إن تمكين المرأة في صناعة الدراما، ليس فقط أمام الكاميرا ولكن أيضًا خلفها، هو شرط أساسي لتقديم أعمال فنية أكثر واقعية وشمولية تعكس تحديات النساء وطموحاتهن.كما تُبرز هذه الدراسة الحاجة الملحة إلى تطوير النصوص الدرامية لتكون أكثر جرأة وواقعية، بحيث تُصبح وسيلة فعالة لتعزيز وعي المجتمع بقضايا المرأة، وتمكينها من كسر القيود الاجتماعية والثقافية. كما تدعو إلى دعم الكفاءات النسائية في صناعة الدراما، وتشجيع الأصوات النسائية على المشاركة في صناعة الخطاب الفني. فمن خلال معالجة قضايا المرأة بعمق وشمولية، يمكن للدراما اليمنية أن تتحول إلى أداة تغيير حقيقية تُسهم في بناء مجتمع أكثر عدلًا ومساواة.

 

مراجع الأعمال :

المهرية الفضائية. (2023). دكان جميلة [مسلسل تلفزيوني]. إخراج معتز حسام. بطولة محمد قحطان، سالي حمادة، نبيل الآنسي. عُرض على قناة المهرية.

دلاق، ع. م. (إخراج). (2024). العاقبة [مسلسل تلفزيوني]. تأليف عبدالله حسن الوشلي. بطولة صالح المطري، سلطان الجعدبي، عبدالناصر العراسي. عُرض على قناة الجمهورية.

حسام، م. (إخراج). (2024). قرية الوعل [مسلسل تلفزيوني]. تأليف محمد المليكي. بطولة نجيبة عبدالله، نبيل الآنسي، قاسم عمر. عُرض على قناة الجمهورية على يوتيوب.

لطفي، م. (إخراج). (2022). دروب المرجلة [مسلسل تلفزيوني]. تأليف محمد الضاوي. بطولة صلاح الوافي، زيدون العبيدي، سمير قحطان. عُرض على قناة اليمن.

مراجع عامة:

بامبرجر، كريستين. (2014). “النساء ووسائل الإعلام: صورة جزئية ومنحازة”. أسئلة الاتصال، العدد 25، الصفحات 408-410.

بيسكارا، ليتيتيا، كولومب-غولي، ماري، وميدال، كلير. (2017). “ما تكشفه الأرقام: مكانة النساء في وسائل الإعلام – مراجعة الدراسات”. زمن الإعلام، المجلد 29 (2)، الصفحات 193-207.

حميد، صالح محمد علي. (2013). “صورة المرأة اليمنية في الدراما التلفزيونية المحلية”. رسالة دكتوراه، جامعة بن يوسف بن خدة  الجزائر 1.

العَبري، رنا ناصر. (2022). “الصورة النمطية للمرأة في الدراما العربية على منصة نتفليكس: دراسة تحليلية لعينة من المسلسلات التلفزيونية”. مجلة لباب، العدد 14.

المساعد، نورة فرج. (2000). “النسوية: فكرها واتجاهاتها”. المجلة العربية للعلوم الإنسانية، جامعة الكويت، المجلد 18، العدد 71.

مدحت، رؤذان أنور. (2014). الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث. عمان: دار غيداء للنشر والتوزيع.

علوان، بلقيس. (2021). “المرأة اليمنية في الدراما.. أفكار خجولة واشتغالات ‘

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!