من قميص الصمت أنطقت الغيابا
وتركت الروح في الفلك انتحابا
ما أضر الصمت أن يغفو قليلا
فوق سطح الدار يطويها الهضابا
يا حبيبي خلوة العشق التمني
فاسقني من حلوها شهدا مذابا
ظمئ القلب حنينا في شرود
مع شفاه الورد يكسوه ارتيابا
ظامئ يا سيدي واسأل يديها
كيف غص الصمت واشتاق الشرابا
لي قميص لا يداري سوءتينا
يكشف الرؤيا ويكسوها الضبابا
لا تلم روحا تناجي في رؤاها
بل تناجيه إذا رقت وتابا
فاختبر ماشئت قلبي في هواها
سكري الذوق كم أندى السحابا
كيف كان القلب في الذكرى وفيا
واستفاق الصمت يرجوه اقترابا
كيف حل الطيف في طيف تولى
واستراح الطيف في اللقيا إنسيابا
مذ أفاق العقل والنجوى بكينا
ما استراح الجفن في الرؤيا احتسابا
كي أبيت الدهر في فيحاء روحي
غارقا في الدمع أخفيه الخضابا
كنت مني في تباريحي سنينا
مثل ناي في ثنايا الصمت غابا
مثل غيث في جفاف الصيف يروي
كل ما اشتاق انثيالا أو ربابا
مثل ربان يباري الكون سعيا
مذ تراخى الكون في الذكرى يبابا
والسكارى في بروج الوهم مثلي
هدهم وهم وكان الوهم بابا
خلوتي ليل طويل فب هواها
مثل فجر رف فينا واستطابا
كي يلوذ الفجر يصبو في دمانا
لا تمدي الظل إن أقعى وذابا
لست وحدي من يناجيها شعاعي
أو يناجي الظل يرجوه الإيابا
فتلال النور تغوي عتمتينا
ما تلاه الشوق لا يرجو انسحابا
كنت ما كنت وظلي في ارتحال
إن تكوني الشمس أو كنت الغيابا
فطيور الشوق حطتها رحالي
فوق غصن ظنه الصبح احتجابا
هل يجيب الغصن عودا في اشتعال
هزه البؤس فأضناهم عتابا
لا تجب موجي فبحري في امتداد
فوق أرض ما استقى منها الجوابا
اسقنيها خمرة من بوح كأس
ما استجاب الخمر زهوا وارتيابا
لي حنيني والحنايا سر ناي
أشعلت من وجدها فيه اضطرابا
واكتئابي من شفاه أضرمتنا
في النوى والنفس زادتها اكتئابا