رابعة (1)
وان سألوكِ يا رابعة…
قولي
حين زاغ القمرُ ..
وشحّت السّماءُ ..
انشغلتُ بترتيلِ الذّكرِ…
وخَفقِ البنادرْ …
اعتكفتُ لعَصْرِ النّبيذِ…
حين انشقّتْ هوّة ُالغيابِ
وودّعَ الصّبِرَ قلبِي
لكنّي كنتُ أكابِرْ
عَلَّمَنِي كَيفَ أُراقصُ الجمْرَ
علَّمَني كيف أُناجي الرّياحَ
أناجي السّماءَ
واليها أسافِرْ
أفيقي يا ريحَ الشَّمالِ
أفيقي يا ريحَ الجَنُوبِ
فالنّارُ تضيءُ بين جَوانِحِي
وجُرحِي أضمِّدُه ُ..
بطعنِ الخناجِرْ ..
انا الّتي رَفَعتُ كَفّي للسّمَاءِ
(وارحمتاً للعاشقينَ ! قُلوبهُمِ)
ذلّلتُ دمعي سرّا ..
وضاق فؤادي لكن..
أمام الجمع أكابر …
(زادي قليلٌ ما أراه مُبلِّغِي
أللزّادِ أبكي أم لطولِ مسافتي)
وَهلْ يكفي النّبيذُ لجائعة
هل يكفي الحِبْرُ ..
هل تكفي الدّفاترْ…
شَمَاليّةُ الشّذى ..
جنوبيّة ُالهوى ..
والقلبُ سخيٌّ كغابةِ زَيتُون ..
أتحرقُني بالنّارِ يا غايةَ المُنى ..
أتحيل الجفن الّذي سَكَنْتَ
الى موقد ومجامرْ …
بعد أن أنشَدتُكَ..
(أحبُّك حبَّين : حبّ الهوى وحـب لأنك أهـل لِـذاكَ)
بين يديك توضّأتُ ..
بشغاف المَاء والعرقْ ..
بنكهة الرّوح والخلقْ
و في البرّرسمتُ لكَ ..
سراجًا من العشبِ والبرقْ
من النّبيذِ شَربتُ و سَقيتُكَ …
أربعة َعقود من العِشْقِ ..
بَلَغَتْ نَشْوَتَهاَ في خَدّيكِ قٌلْتَ
فَاشْرَبي واسْقِنيهاَ خَامِسَة
حَتّى غدا بعينِي …
من السُّكْرِ انِكسَارَاتٌ ..
حين تناهى اليّ صَوْتُكَ المثْمُولُ
بالنّاب أعشقُ…
بطعن الخناجرْ ..
فاسكتي أوتارك
والى المثوى الأخيرِ
شيّعي أنغأمكِ
قلتٌ (سيدي قد ذاب قلبي فـي هـواك *
لا تـدعني إنّ دائـي ذو خطـر)
كيف أنساك يا ابن الكرام ِ
كيف ..كيف ..كيف أنساك
(ألا يا نديمي خلّني في غلا صدري *
ألم ترَ سيل الدَّمْعِ من مقلتِي يجْرِي)
ارتدِ ثيابَ الحدادِ السّودِ قلتَ
أنا شهريارُ اللّيالي
أوهام الحبِّ لا تعنيني ..
وما أنا عليها بقَادِرْ
غيّمت الدّنيا …
والسّكينةُ غدتْ عويلا
فأمضيتُ اللّيلَ لنفسي أحاوِرْ ..
حاَرَ الجوابُ بِحُنجُرَتِي …
والقلبُ صار دون نوابضْ …
والعمر زائد فائضْ …
والكفُّ على الجمرِ قابضْ…
ووحوشُ اللَّيلِ يترصّدونَ …
هَذا واقفٌ وذاكَ رابضْ …
فصار ما بيني وبين العالمين خراب …
يا رُخْصَ غنائِي كَم ْأنشَدْتُ …
(ليتَ الّذي بينِي وبينكَ عَامِرْ…)
يا قاتلي بعزّة خنجرك
كَيفَ أوقفُ النّزْفَ
كيف ..كيف
مذعورة ٌصارتْ خُطَاي َ
وناديت بملئ ارتجاف الموتِ داخلِي
أولاد القريدَة ..
كفاكم نباحا ..كفاكم نكاحا
ولّيت وجهي صَوْبَ الخَلاَء ِ
واخترتُ القَفْرَ اليهِ أُهَاجِرْ