آفاق حرة = خاص
حاورها عبد الرقيب طاهر / اليمن
كما عودنا متابعينا في صحيفة آفاق حرة الإلكترونية في زاوية أقلام رائعة بأن نلقي الضوء على شخصية جميلة قادمة بقوة نحو سماء الابداع والتَمَيْز … معنا في هذا المساء الشاعرة سهام بعيطيش من بلاد المليون ونصف مليون شهيد من أرض الجزائر. . المشهورة بأم عبدالرحيم. . شاعرة ذات لون مميز جمعت بين الأصالة والمعاصرة. . لحروفها نكهة خاصة ولكلماتها مذاق خاص جمعت بين الرومنسية والرقة والحلم والدفىء. .. استطاعت عبر فترة بسيطة بأن تفرض نفسها في سماء الشعر. . وأن تحجز لنفسها مكان بين نجوم القافية. .
** الشاعرة سهام بعيطيش ، شاعرة حصدت كثيرا من شهادات التقدير عبر كثير من الصحف والمجلات العربية. . فرضت نفسها بقوة في الساحة الأدبية. .. من هي سهام بعيطيش ؟
– الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أمّا بعد: سهام بعيطيش”أم عبد الرحيم” من مواليد ثمانين تسعمائة وألف بالعلمة ولاية سطيف “الجزائر”زوجة القاص محمد بتش, عشقت الكتابة منذ نعومة أظافري,أحببت مادة التعبير الكتابي في المرحلة الابتدائية وسعيت حينها لأن تكون نصوصي أجمل النصوص فكنت مولعة بتوظيف البيان والبديع , ونمت هذه الموهبة تدريجيا تجسّدت فيما بعد في كتابة القصص والخواطر التي كنت أردّدها على مسامع الزملاء في المرحلة الثانوية ,ولكن وللأسف لا أحد مدّ لي يد العون وبقيت كتاباتي طي الكتمان . تزوجت في عام ألفين ودخلت مرحلة جديدة من حياتي واعتزلت الكتابة لأزيد من ست عشرة سنة وعاودني الحنين إلى القلم وفعلا عدنا والعود أحمد , نشرت كتاباتي بالعديد من الصحف الإلكترونية والورقية العربية وولجت عالم الفيس بوك قيل عامين ونصف وهنا كان التغيير الجذري إذ وجدت الدعم المعنوي من العديد من الأدباء الجزائريين والعرب وتوجهت للكتابة على أبحر الخليل “الشعر العمودي” شاركت بالعديد من المسابقات ونالت قصائدي المراكز الأولى والحمد لله أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فوزي بمسابقة محمود درويش بالمركز الثاني واختير اسمي ليكون مع نخبة من الشعراء العرب في موسوعة “أشعار من زمن الحب والحرب” بقصيدة “أم الأسير”
**أم عبد الرحيم هل هو اسم شهرة فقط أم اسم اكبر أبنائك ؟ .
– عبد الرحيم هو أكبر أبنائي أحببت أن يقترن اسمه باسمي لما له من مكانة في قلبي فهو يأخذ حصّة الأسد منه بالإضافة إلى أنّ ابنة عمّ لي لها نفس الاسم لذلك كان اسم أم عبد الرحيم اسم الشهرة.
** أم عبد الرحيم شاعرة وزوجة وأم. .. يا ترى ما هي المساحة التي تعطيها الاهتمام الأكبر من وقتك ؟وهل تؤثر أو تتداخل هذه الجزئيات مع بعضها البعض لتسبب لك نوعا من عدم التفرغ أو الإرباك أحياناً والتوقف عن الكتابة ؟
= سؤال وجيه أستاذي ,كوني زوجة وأمّا فهذا يتطلّب منّي جهدا أكبر إذ أنّني أحاول أن أوفّق بين عملي كربّة بيت وبين الكتابة التي تأخذ بلبّي ,أنظّم وقتي قدر المستطاع , أحيانا يخونني الوقت وأتأسّف لعدم المشاركة في بعض السجالات التي تقام في المجموعات الشعرية خاصة وأنّ فارق الوقت يلعب دورا مهما لكن هذا لا يحبطني ولا يفقدني عزيمتي فأنا أنتهز أوقات الفراغ لأجل الكتابة وتبقى العائلة أكبر اهتماماتي رغم حبي للكتابة.
** أعتقد لكل شاعر جو مناسب للكتابة هل لديك طقوسك الخاصة لكتابة النص ؟ .
– لكل كاتب طقوسه أجل بالنسبة لي أنا الحالة النفسية تلعب دورا مهما وأغلب قصائدي كتبت اثر انفعالات كالحزن والفرح وغيرها والحقيقة أنّ القصيدة هي من يكتبني ولست أنا من يكتبها , فهي تأتي وقتما تشاء وكيفما تشاء فكم من مرّة فكرت في كتابة شيء فإذا به ينحرف عن مساره وتولد قصيدة لم تكن في الحسبان وكم من مرّة داعبت القلم على أمل الكتابة لكن لا أجد منه إلاّ العصيان وتنفلت الحروف منّي كما ينفلت الجمل من العقال.
** كتبتٍ ذات مرة قصيدة يمنية جميلة وذلك في أحد السجلات مع شعراء يمنين ؟ .أخبريني عن هذه القصيدة الجميلة هل وجدتي صعوبة في بداية الأمر وكيف كانت تجربتك ؟ .
– قصيدة يمنية كتبت اثر سجال في صحيفة ذي المجاز مع نخبة من شعراء العرب من بينهم الشاعر اليمني القدير عمر النهاري الذي سعدت جدا بالتساجل معه,وولدت هذه القصيدة من رحم المعاناة ,لم أجد صعوبة أبدا في كتابتها كون مشاعري تجاه اليمن كانت صادقة أحسست من خلال القصيدة أني أمثّل كل يمنية حرّة أبيّة رغم أني جزائرية الأصل.
** في ظل الفوضى والعنف السائد في معظم بلداننا العربية هل ياترى للقصيدة دور في لم الشمل ؟.
– للقصيدة دور فعّال في لمّ الشمل كيف لا وهي التي تسافر بين الأقطار العربية بلا تذكرة أو جواز سفر , تحمل بين طياتها أسمى معاني الإخاء تتابع الأوضاع الراهنة لحظة بلحظة تفعل في كثير من الأحيان ما لا يقوى الرّصاص على فعله فهي تتطرّق لهموم وأفراح البلدان العربية والإسلامية على اختلاف سياساتهم واختلاف توجهاتهم, تتصدّى للعدوان ولا تخشى في الحق لومة لائم.تحارب لأجل القيم والأخلاق والحريّة والمساواة .
**الحواجز والحدود السياسية بين بلداننا العربية التي صنعت التفرقة والشتات. .. ماهو دور الأدب العربي للتأليف بين الشعوب العربية والإسلامية ؟.
– الأدب العربي على اختلاف ألوانه يلعب دورا مهما للغاية في توطيد العلاقات بين الشعوب وخاصة العربية والإسلامية منها لما له من أثر طيّب فهو يزاوج بين الثقافات ويلغي كل الحواجز والحدود السياسية التي فرضتها الأنظمة الجائرة والأدب ليس مجرّد قصة أو رواية أو قصيدة نقرأها ونمرّ عليها مرور الكرام فهو يطرح القضايا التي تتعلّق بالمجتمعات العربية ويدرسها ويجد لها الحلول في كثير من الأحوال وبذلك يقرّب المسافات بينها.
** في كونك شاعرة جزائرية في بلاد تتحدث اللغة العربية بصعوبة نتيجة الاستعمار ومحاولته طمس هوية هذا الشعب العربي الجبار. . كيف كان تقبل المجتمع الجزائري للقصيدة المكتوبة بلغة عربية فصيحة ؟.
– رغم محاولات الإستدمار الغاشم في طمس الهوية الوطنية إلاّ أنّه فشل فشلا ذريعا كون الشعب الجزائري شعبا قوي الإرادة وقد تمسّك بدينه ولغته العربية رغم صعوبة الظروف وقد كان شعار جمعية العلماء المسلمين إبّان الحقبة الإستعمارية”الإسلام ديننا ,العربية لغتنا ,والجزائر وطننا” وقد أنجبت ثورة التحرير الكبرى العديد من الشعراء الفطاحل نذكر منهم شاعر الثورة مفدي زكرياء وقد كتبوا بالفصحى بالإضافة إلى العديد من الأئمة والعلماء والأدباء مثل عبد الحميد بن باديس , محمد العيد آل خليفة, البشير الإبراهيمي , العربي التبسي وهم في غنى عن كلّ تعريف وغيرهم كثير يعني اللّغة العربية ليست دخيلة أو صعبة بالنسبة للجزائريين زد على ذلك هي اللّغة الرسمية الأولى في الجزائر تُعتمد في المدارس الحكومية والمدارس القرآنية والحركة الثقافية بالجزائر لا يُستهان بها ,لذلك فالجزائر كغيرها من الدول العربية رغم تعدد اللّهجات فيها إلاّ أنّ العربية الفصحى هي اللّغة الأم.
** من المعروف في الشعر تنوع المدارس كما تتنوع بحور الشعر ؟. فهناك المدرسة الكلاسيكية والرومانسية والحديثة. . من أي مدرسة شعرية أم عبدالرحيم ؟.
أم عبد الرحيم تنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية تعشق كل ما يتعلّق بالزمن الجميل بعيدة نوعا ما عن الرومانسية ولا تستهويها الحداثة.
** هناك مقولة نسبت لهيكل على ما أعتقد تقول (بدأ عصرالقدم ومات عصر القلم ) وذلك تشخيص لعصر تراجع فيه دور الثقافة والأدب . ماهي وجهة نظرك في هذه المقولة ؟.
– كردّ على هذا السؤال يحضرني قول الشاعر نزار قبّاني ” إن الفجوة بين الشعراء والناس سببها ابتعاد الشعراء عن واقع الناس وآلامهم” إضافةً إلى زيادة الاهتمام الحكومي والإعلامي بفنون أخرى على حساب الشعر والأدب بشكل عام وعلى كل حال أنا أخالف الكاتب فهناك موجة شبابية لا بأس بها ظهرت في الآونة الأخيرة أرى أنّها ستحمل لواء الأدب وستعيد مجده التليد خاصة الشعر لا أنكر أنّ للركاكة عنوان في العديد من المنابر لكن هناك من يحاربها ومهما كان فلا يصحّ إلاّ الصحيح يذوب الثلج وتظهر الأرض على حقيقتها.
** من هو الشاعر الذي تود أم عبدالرحيم الوصول الي مستواه ؟.
-الحقيقة هناك العديد من الأقلام العربية التي تأسرني بحرفها باختلاف أساليبها لكني أحبّ أن أكون نفسي وبأسلوبي الخاص ولا أطمح لأن أصير مثل أيّ كان.
** في ظل الثورة المعلوماتية هل ترين بأن الانترنت خدم الأديب وسهل له الوصول إلي مبتغاه ؟ أم أنه نشر الفوضى وخلط الغث بالسمين ؟
– الأنترنيت سلاح ذو حدين إن أحسنت استغلالها كانت لصالحك وإن أسأت ذلك كانت وبالا ووباء أمّا بالنسبة للأدب فهي قد فتحت الباب على مصراعيه أمام المواهب فالكاتب ومن بيته يصل إلى أبعد نقطة يسافر من مكان إلى آخر بلا قيود .
** هناك اسماء نسائية ظهرت في سماء الادب العربي كنازك الملائكة والأدبية فدوى طوقان وغيرهن الكثير ؟ هل سنرى أسماء أخرى ياترى سيخلدها التاريخ مرة أخرى ؟.
– نعم بكلّ تأكيد سنرى أسماء أخرى تضيء سماء الأدب من جديد فرحم الأدب ما تزال ولاّدة.
** نحن في اليمن نمتلك شاعر عظيم نفخر به اسمه عبدالله البردوني هل قراتي له شيء ما ؟.
يرحمه الله. من لا يعرف البردوني ومن لا يقرأ له ,الشاعر الفذّ الذي سجدت له جباه الحرف صاحب القلب النابض بالمشاعر الصادقة والجريئة كتب العديد من الروائع ولعلّ أكثر قصيدة أسرتني هي قصيدة “العروبة”رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.
** ماهو السؤال الذي توقعته مني ولم اطرحه عليك ؟
– توقعت أن تسألني عن عدم كتابتي لشعر التفعيلة رغم رواجه إعلامياً أكثر من العمودي، ولكني أعشق بحور الخليل والشعر العمودي.
** لا يخلو شاعر من المرور في تجربة الحب والغرام وكتابة أجمل القصائد الغزلية في المحبوب. …. هل عشتي هذه التجربة ؟.
– تتعدد المؤثرات الشعورية التي تدفع الشاعر للكتابة وما الحب إلا واحد منها بل إن الحزن والقهر وتشتت الأمة وضعفها، أكثر قوة في تغذية خيال الشاعر ولكن هذا لا يمنع أنني أعيش في سكينة ومودة ورحمة بالغة مع زوجي الكريم.
** مسك الختام نود قراءة نص جميل على ذوقك الخاص.
-اخترت لكم قصيدة “بلاد العرب” التي كتبت أثناء سجال في مجموعة بيت الشعراء العرب بلاد العرب…
بُحورَ الشِّعْرِ موْجُكِ قدْ سَبَانِي
وَأفْقَدَنِي صَوابِي واتِّزانِي
تَلاطمهُ الجَريءُ يُجيدُ قَـتْلِي
وَيَبْعَثني شَهيدًا لِلْعَيَانِ
سَلُوا الأصْدافَ عنْ عِشْقٍ دفين ٍ
سَلُوا الرَّمْلَ المُحَلَّى بالأَماني
لِسَانُ قَصَائِدي العَرَبِيُّ لَفْظاً
يُضَاهِي الشَهْدَ يَقْطُرُ بِالبَيَانِ
وَتَأْسِرُنِي بِلادُ العُرْبِ حُبّا
كأسْرِ البَحْرِ للحُورِ الحِسانِ
بلادييا شَذَا الأزْهارْ فينَا ويا
شَهْدَ الكَلامِ على اللّسانِ
ويا أملاً تدفّقَ في رُبانا يَصُوغُ
الكَوْنَ عِـقـدا منْ جُمانِ
يَئِنُ فُؤادِيَ المَكْلومُ صَمْتا
وتَدْمَعُأَعْيُنُ القَلْبِ المُدانِ
وتَجْلِدُني المآسِي كُلَّ حينٍ
وتَسْقيني كُؤوسًا في ثوانِي
مُدامُ العِشْقِ يُثْملُ كُلَّ حَيٍّ
ويُحْيِي النَبْضَ في قَلْبِ الأَمَانِي
وَيَنْسُجُ ضِحْكَةَ المَحْزونِ مُزْنًا
تَطيبُ الروحُ في كَفِّ الزَّمانِ
أُحَرِّرُ لَهْفَتِي والشَّوْقُ يَسْرِي
وَتَسْبِقُنِي الحُروفُ مَعَ المَعانِي
وَمِسْكُ القَوْلِ أَخْتمُ باعْتِزَاٍز
بِلادُ العُرْبِ يا رَوْضَ الجِنانِ
كل الشكر والتقدير أستاذي الفاضل على منحي هذه الفرصة جزاكم الله كل خير جعلكم الله ذخرا وفخرا للغة الضاد.