شاءَ القدرُ أنْ تكونَ أعيادُ الأُمومةِ معَ بداياتِ الربيع لترتسِمَ على جدرانِ الحياةِ ألوانهُ الزاهية ويُخط على قرطاسهِ كلماتٌ وأَحرف من نورٍ وتُوشم الزوايا قصائد بنكهةِ البحرِ حينَ شَعّ بريقُه فلامسَ القُلوب وفاحَ أريجُهُ فانتشتْ بهِ النفوسُ ، ورغم اندلاق أقواسِ الفرح القزحيةِ وحضور أَطيافِ الحبورِ الورديةِ فإنّ روحي الهائمةَ قَدْ وجدتْ لها هُنا مرسى وملاذاً فأقامتْ واستقرتْ بعدَ ما أسفرَ وجهُ أُمّي في الظلامِ فوددتُ لو اضع القمرَ في حجرها الليلة ثُمّ أَمضي بعيداً ولكننّي نثرتُ خصلات من شَجَني المسكوب بمدادٍ من وجعٍ وطفقتُ أَخصفُ من ورق جنةِ حُبِّها حتّى آخر لحظةِ جنونٍ ، عُذراً أيّها الربيع فحضنُ أُمّي هو الربيعُ فمجرد تذكّرها وتمثل طيفها تمرّ نسائمُ عطرها كسحابةٍ ماطرةٍ تسقي أرضي الممحلةَ وقيعانَ شتاتي المقفرةَ فيخضرّ قلبي وتينعُ روحي فهي بدرٌ في سماء الدُجى يضيءُ ودرٌ في بحر الشوقِ يتلألأُ وقطرةٌ من سماءِ الحبِّ تترقرقُ .