الدوامة 1 /بقلم : د ميسون حنا

 اللوحة الأولى من المسرحية التي سأنشرها على حلقات

شخصيات المسرحسة :

العبد

الرجل

المرأة

اللوحة الأولى

 

(قاعة في بيت الرجل. الرجل يمسك مصباحا بيديه ويدعكه، يُثار الغبار ويظهر العبد)

العبد              : (يصرخ) سئمت طلباتكم… يبدأ المرء منكم بطلب واحد، يُلحقه بآخر… ثم طلبات متلاحقةتنسيه أصله وفصله… وبريق الذهب يشدكم إلى عالم تنسجون خيوطه منه، خيوط تتشرنق حولكم فتمعنون في التيه.

الرجل            : (مأخوذا) هل جننت؟

العبد              : (مسترسلا بصراخه) وأخيرا المال … نعم المال… أسخره عند الطلب، وعندما ينساب من بين أصابعكم كالشلالات أقول آن الأوان لأستريح، فتلك الشلالات ستحقق لهم  كل ما يريدون فيكفون عن إقلاق راحتي، لكنكم لا تكتفون فتطلبون القصور الشماء، والحدائق الغناء… والبرك… والبحار… والثريا، ولا تكتفون (أشد صراخا) متى تكف عن الطلب وتحيلني إلى التقاعد؟

الرجل            )متمالكا) لا تصرخ… أنت عبدي.

العبد              : أنا عبد المصباح.

الرجل            : والمصباح ملكي ( يلوح له بالمصباح فيخطفه العبد من يده)

الرجل            : (بهلع) ماذا تريد أن تفعل أيها المجنون؟

( العبد يكسر المصباح ويرميه لتتناثر أجزاؤه على الأرض ويضحك)

العبد              : لا عبودية بعد اليوم.

(الرجل ينظر إليه بدهشة بينما يتابع)

العبد              : الوداع.

(يهم بالخروج بينما تدخل فتاة شابة، ترفل في ثياب شفافة وحلي، تندفع أمام العبد)

الفتاة              : آه… الآن تريد أن ترحل بعد أن جعلتني أتمرغ في الوحل؟ هذا المكان الموبوء يخنق كل شيء جميل يعيش في داخلي… الضجر يقتلني، والقهر يحز قلبي … فك قيدي الذي لولاك ما صرت إليه.

العبد              : (بدهشة) أنا ؟

الرجل            : أي قيد هذا سوى تلك الأساور التي تزين معصميك، فقد جعلت حليك الذهب الخالص واللؤلؤ والياقوت.

(العبد يضحك بسخرية)

الفتاة              : أتخلى عن كل شيء مقابل حريتي … مقابل أن أعود كما كنت ، أجمع الفراشات، وأغني للحب الذي وأدته هنا ( للعبد) أعدني إلى هناك.

الرجل            : ( يسحبها نحوه بقسوة) مستحيل … أنت زوجتي.

الفتاة              : برغمي.

الرجل            : أنت ملكي.

الفتاة              : ملكت جسدي بعد أن توقف قلبي عن الخفقان، وتجمد الدم في عروقي، وأصبحت جثة باردة، أبحث عن ملاذي الأخير… ذلك المكان الذي قد أجد فيه السكينة والطهر والنقاء… بعيدا عن الدنس الذي يغلفني ويكبت أنفاسي (للعبد بحرقة) أنت السبب.

العبد              : طلب مني أن أجيئه بأجمل من رأيت من العذارى، فوقع اختياري عليك… ظننتك ستسعدين.

الفتاة              : وبعد أن عرفت الحقيقة؟

العبد              : خرج الأمر من يدي الآن.

الفتاة              : لا … لم يخرج… إحملني وطر بي بعيدا.

العبد              : لأفعل هذا علي أن أعود لعبوديتي وهذا مستحيل… كسرت قيدي بيدي … كما أنك لست صاحبة الشأن.

( الفتاة تجمع أجزاء المصباح المكسور بلهفة وهي تقول)

الفتاة              : سينصلح الأمر… ها هو المصباح… قد نعيد ترميمه، وهو بيدي الآن.

(الرجل يقترب من الفتاة ويخطف المصباح منها بوحشية ويصرخ)

الرجل            : إنه ملكي أنا … ورثته عن أجدادي.

( يقبض على المصباح جيدا، الفتاة والعبد يتبادلان النظرات بخيبة، لحظة ومحاولة جديدة من العبد ليستولي على المصباح)

الرجل            : (مهددا) أرمم هذا المصباح وتعود عبدا كما كنت… أو أقتل المرأة.

(العبد يتراجع وينظر إلى الفتاة بجزع)

الفتاة              : (تندفع أمام الرجل) أقتلني.

الرجل            : مجنونة أنت ؟

الفتاة              : بعد موتي ستكون روحي طليقة (حالمة) سأحلق مع العصافير… وأتسلق السحب، سأعانق القمر، وعندما أشتاق للأرض سأنزل مع حبات المطر لأروي نخلة أو زيتونة . أقتلني… لقد اخترت الموت على هذه الحياة الرخيصة هنا …

الرجل            : (للعبد) لك القرار.

( العبد ينظر للمصباح تارة وللفتاة تارة أخرى. لحظات حرجة)

الفتاة              : (للعبد) سأموت سعيدة ، صدقني.

العبد              : لا … لا … سأنتظر سانحة أخرى …

( الرجل يضحك مزهوا، الفتاة والعبد ينظران إليه ثم يتبادلان النظرات)

 

 

*****

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!