النصّ1
ذاهلة عيون الشوق؛ فلا تحتجبي في سري ؛ وامشي ولا تخبريني بالسفر ؛ وامضي إلى حيث لا بعد؛ ولا قرب . أنا بداية التوق ؛أطيل العبورإلى نهر الحياة ؛ فأدنو من ليل الفواكه ؛ أنتقي تفاحا بعطر يفوح من ربعة صدرك ؛ وأرفع من حاجب الليل عنقود عنب حباته يقين حلمات نافرة من نهدك؛ وأدير كأسات الصحو ؛ببطء على حلم يرفل بين شفاه هادئة من غجرية التكوين. في الطريق إليك ؛ يتسع قلبي كأرض أندلس ؛ فيكون الفسيح ؛الفسيح في حدائق الحياة ؛ أحوز خياما من نور الأبدية ؛ وأدس وجهك في نهر صغير هو الحب.كأن العدم معدوم أصلا ؛واستيقظ من غفوتي على أعتاب القصيدة ؛ لأنحني لضوء يأتيني من لون عينيك؛ وأغني مع الفلاحين في موسم الحصاد أغنيتك الآسرة . ومن فرط الشوق أضحك للماء في نهاية العطش ؛لأن أراك في مشية الحمامة على حافة الوقت ؛ ولم تشف من ذكريات ترعرعت فيها حقول الزعفران . ينبئني الأبد أن ذهولي غربة تحترق في ليل الألهة ؛ وأن حاجتي للغناء تدوزنها غابات النهر الكثيفة. فأذرع نهاراتي ؛ولا فخ يمكنني من سطوة النهار ؛ إذ يطول بي الترحال ؛كأن الخطاب الذي يشد أسماع تقوس في اللامكان ؛ وتولى التأويل نسج أعمار ذاكرة الرحيل.
النصّ2
أقول؛ لي من الوقت وردة يجرح دمها سمك الليل؛ فلا أرى سوى استدارة وجهك في دمي؛ أنا القادم من هسيس البدايات. لكن طقس الأغنيات انسكب على مقربة من رقص الفراشات؛ فصرخت لست وحدي؛ أنا الآن أولد من تفاحة أكملت حياتها في شجرة الكلام . لم تصدني الصدف؛ لأكون وليمة للمجاز ؛ أو فقيه تستر بالدواة والقلم يجمع شتات اللغات في برية خالية؛ لا يعرفها سوى من تحدث بلسان قديم. جئت من مغارة لطفل ولد من أنسال الحياة في غابة من الأمهات. أعرف الموت؛ كما أعرف الحياة؛ وأغتسل في جداول اليقين ليل نهار ؛ ولا يفوتني قول من حديث النهر للأبدية . أنا الآن أصنع شمسي؛ ولا أعبدها؛ وأنشق من خيالي كمن يروض هبوب الأنفاس على مقامات الأحوال؛ وأحتطب مكاني من هجرة أبي إلى كل مكان . لن أقيم؛ما وسعتني الأمكنة؛ إلا قلبي؛ ومنه أفتق لغتي؛ أراها مكاني الذي يشبهني؛ تسعني في شمولي؛ وتستحوذ على ضيقي حين تطرنا الغربة من ركب المطر. مثل غريب أكمل حديثي عني؛ وعن شهوات المجاز؛ في تلك الشهوات جسد يشتعل في حمأة الاستعارة ؛ واستعادة الرطوبة وأملاح الطين من سطوة البحر. على باب الشهوة ؛ خبز فطير يهدى يوم العيد ؛ وطواويس من حدائق الأميرة تراقص نجوم الليل في أعين الإناث. وأنا ؛ الآن ؛ أشرب قهوتي على مزاج من الاستغواء ؛ أنقحها من حراس القول النبيل؛ وأكرع من أباريقها ما تشابه ؛في ميزان الوقت ؛ بين الغياب و بين الإياب . لا أعرف للعطش سدرة ؛ ولن أحفر في العبارة بئرا ؛ وعصافير الشوق تنقر من كفي حبات النهار؛ وتحاصر أنفاسي بالرغبات الشريدة . فارهة مقامات الاصطفاء ؛ يافع ظلها ؛ ومرشوش بالغبوق صباحها ؛ كأني استرق السمع لإيقاعات النبض في دمي ؛ وأنا دمي يرفعني؛ كما أشتهي؛ إلى غدي ؛ أراني أسوخ في اللامرئي كالحلم في غيبوبة الشعراء.