عندما يغطي التطور جميع المفاصل فبلا شك ستشمل بذلك أساليب الحرب ومتعلقاتها , ومن مظاهر ذلك الجيوش الالكترونية والتي ظهرت استجابة للتطور في مجال التقنيات ووسائل الاتصال ودخول هذه الوسائل في البنية الأساسية للدول , ناهيكم عن تأثيرها في نفسية المجتمع والذي يمتد بدوره للتأثير في توجهاته وهو أهم واخطر ما تضطلع به هذه الجيوش.
أن تعريف الجيوش الإلكترونية في العراق وفق مفهومنا الخاص: هي عبارة عن مجاميع تعمل وفق أجندات خاصة من أجل غاية معينة عن طريق ترويج مايخدمها من وسائل لغرض الوصول لتحقيق هذه الغاية.
آلية عمل الجيوش الإلكترونية:
1- ترتبط هذه الجيوش بقوى استخباراتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق جهات تتبعها مرتبطة بالاستخبارات .
2- تعمل هذه الجيوش بطريقة منتظمة ودقيقة ووفق سياق وهدف واحد .
3- يتخذ تنظيمها شكلًا مخادعًا يتمثل بتوزيعها على حلقات فرعية متنافرة ظاهريًا وذلك لإيهام الجهات المستهدفة.
4- تعمل عبر الطرح المختلف بين حلقاتها الفرعية من أجل تعزيز ما ذكرناه أعلاه مضافا إلى أن ذلك يؤدي لإضفاء الضبابية على عملها للحيلولة دون كشف ارتباط بعضها ببعض , مع التأكيد على وحدة الهدف .
5- إنشاء العديد من الحسابات الوهمية والدخول بقوة في معترك التغريدات من أجل تصديرها كما لو أنها رأي عام.
وفي ظل مايشهده العراق من حراكٍ شعبي للمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق، فقد اسالت هذه الصرخة الشبابية لعُاب الكثير سوى كانوا جهات داخلية أو خارجية من أجل استخدامها في الطريق الذي يحقق مكاسبهم الخاصة، ولايوجد طريق أسهل وأكثر ضمانًا من استخدام الجيوش الإلكترونية لمعرفتهم المسبقة بمدى تعلق وارتباط العراقيين بمواقع التواصل الاجتماعي إضافة لسرعة خداعهم باغلب ماينشر نتيجة انعدام الثقافة الإعلامية وعدم الإلمام بالطرق الصحيحة لاستخدام هذه المواقع، كذلك استغلال السخط الشعبي المستحق على جميع من في السلطة نتيجة فشلهم الذي تجاوز حدود الكلمة،
ويبدو دور الجيوش الإلكترونية في الاحداث الجارية بارزًا للغاية خصوصًا ماحصل في كل من الناصرية والنجف مؤخرًا، إذ تم أستخدام الأساليب التالية:
_ استخدام فديوات ذات دقة رديئة في نقل حالات عنف التي حصلت في الناصرية، وبالتالي ضبابية المشهد واظهاره بصورة عفوية دون إمكانية معرفة الحقيقة.
_اللجوء للطرق غير المباشرة،وذلك لابعاد التهمة عنهم كاستخدام جمل مثل (القتل رغم السلمية) (إلى متى السلمية وشبابنا دتروح) وهي تعطي انطباع تحريضي نفسي.
_ تحميل الأباء أوزار أبنائهم عن طريق خلط الأوراق لتبرير ما لايمكن تبريره مثلما حصل في مرقد السيد الحكيم.
_ التركيز على العاطفة من منطلق معرفتهم السابقة بنفسية المجتمع العراقي ومكامن تأثره، لذلك تم الإكثار من مشاهد العويل لتمرير مايرغبون به.
_ تكرار نشر الفديو الواحد على أكثر من صفحة من أجل تحقيق غاية التكرار على عقلية المتلقي، وهو أسلوب نفسي يهدف لحث اللاوعي او العقل الباطن لتبني مايُطرح ذاتيًا.
وكانت هذه الخطوات تهدف :
_ قتل الثقة المتبادلة ما بين القوات الأمنية والمتظاهرين، لحين الوصول لمرحلة الصدام.
_ الدفع باتجاه حرق مراقد أخرى، وصولًا لمرحلة الصدام الأهلي مابين المتظاهرين ومحبي هذه المراقد.
_ الضغط على المرجعية الدينية ومحاولة إجبارها على تغيير موقفها المعتدل والضامن لاتزان المصالح المختلفة للبلد.
_ تأمين هروب مجرموا سجن الحوت، عن طريق إشعال الحرب مابين الأهالي والقوات الأمنية.
في الختام على المتظاهرين أن يعوا مسألة السوشل ميديا وحقيقة أنها ليست مجرد وسائل تواصل بقدر ماهي أداة فاعلة في السياسات الخارجية والداخلية مادامت متحكمة ومؤثرة قي الرأي العام، ومن خلال معرفة غايات هذه الجيوش لابد من اللجوء للأساليب العلمية في البحث والاستقصاء عن الخبر المنشور أو الفديو المتداول خشية الوقوع في شراكهم المتشابكة والتي لم تنسج للوطن يومًا.