تخفق اللواعج في حكاية حبكت سطورها بأكداس المظالم والشتات وبين أعماق دهاليز الألم ، وبقلم ينجرف بصراخ قطرات حبره سطور اليأس والضياع ، على سجين جريح يرفل في السلاسل بألم متوهج ، سجين كان يبحث ويصارع من اجل التغيير ، لم يجده ولكن انجلى وراءه ، ليجد ذاته في مقتل من جسده وكسر روحه داخل احد الكهوف المظلمة ، كهف كتب للسجين أن يعيش داخله تحت وطأة رحمة الجلاد ، وقد أصابه الظمأ واشتدت به المأساة حتى سئم من الحياة بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة ، ليجد نفسه على قارعة الطريق بين زلزلة كيانه وتضاريس الفراغ ، ناهيك عن الزنزانة التي يخشى البقاء فيها لمدة طويلة ، والتي تئن عن فتحة جب الظلمات بين ثنايا صمت الأفق البعيد ، وسماعه الصدى يرن في الخارج ، وتلك القطرة من الماء التي تتساقط بين الفينة والأخرى وعلى الدم المستباح ارضا ،ليأخذه ذلك في لجة النسيان وتبتل لا متناه عن أديم التجلي وآلام التوغل في جروح المدى ، ومن ذكرى الأرحام المقطوعة وقد أنساه التمني عن لهب الحضور في زاوية الزنزانة البشعة ، وفي لهاث ذئاب الجلاد وهم يمدونه تحت الباب بحصته من الطعام … وعيناه مغمورة بالدموع ، وروحه تئن وتشتكي جراء الجوع والعطش واحمرار جلده بالجروح والأمراض اللامتناهية …
وهكذا تتوالى عليه الأيام المظلة وقلبه يزداد قساوة وينعدم رحمة ، وتفتح عليه الباب ، ليقرر الجلاد مصيره ، إما ان يرقص على شهوات الموت واما الى مبسم جديد ….