“الفن لترميم ما أتلف سابقاً” فريدريك نيتشه “1844-1900”
ها هي الشاعرة ابنة الرافدين “عطايا الله الحمداني” تأتينا بطرح في المتن من خلال ديوانها الثاني: “منافي الرماد” بعد باكورة نتاجها: “مواقد ذاكرة مقيمة” لتعلن لنا بأن أحفاد المتنبي وأبي نواس قد ضاقت بهم المنافي، والتي تحولت معظمها إلى اللون الرمادي، وحان الوقت لتغيير المفاهيم والعودة إلى الحياة الطيبة الكريمة.
هنا لنغلق ممرات الليل ونبدأ من أيام “الحجاج بن يوسف الثقفي” مرورا بهمجية المغول والصراع الوجودي بين الصفويين والعثمانيين.. وصولاً لنظام البعث المقبور، الذي هيمن منذ ستينيات القرن الماضي على مقاليد الحكم في العراق، والشعب يتعرض لحروب إبادة تقشعر لها الأبدان.
منافي الرماد يختزل في سيميائياته جلَّ هذا الغبن، النفي هو إكراه، والرماد هو بقايا النار؛ أي أن الشاعرة تصرخ بحرقة من خلال هذا العنوان، فأبناء العراق هم في منافيهم القسرية يعيشون مثل الرماد، وحتى هؤلاء الباقون في الداخل العراقي كأنهم في منفى.
هذه معضلة شعبنا أبناء الرافدين الطيبين هؤلاء الذينَ حولتهم الحروب إلى أعداء لبعضهم وأعداء لأبناء الثقافات المغايرة.
العراق مهد الحضارات يملك من الإرث ما يؤهله لمواكبة سرب المتحضريبن من خلال بث ثقافة قبول الآخر، لخلق إنسان وازن متصالح مع ذاته يقبل التنوع ويعشق الحياة؛ لتتحول المنافي بكل ألوانها إلى جزء من الماضي ولتبدأ مسيرة البناء في بلاد علي الوردي والسياب.