والدي العزيز قبلة مسروقة من تجاعيد الألم على جبينك أما بعد:
من إبنتك الباذخة بدمع الحنين أقول لك ” صباح الخير” .
يؤسفني يا أبي أنني أكتب لك رسالة الكترونية خالية من زرقة حبري، و لم تزين ببقع دائرية من دمعي حينما ينهمر على صفحات كفيك . فالكتابة على يديك كما تعرف هي أشبه بوضوئك يوم الجمعة.. يا طهر طهرك حين يغدو حرف و مطرقة..
والدي أود إخبارك عن مساحة متلازمة الكآبة بدواخلي، كنت سابقاً أستطيع السيطرة عليها، لكني اليوم لا ألمح مداها..
إذ لم أعد أصرخ كالسابق، فوتيرة صوتي بعلوه أو حتى إنخفاضه بات يفهم بشكل مغلوط،
أبي أحتاج أن أتذمر، أشتم، أصرخ، أحزن، أثرثر بكلام غير مفهوم، أبرطم على سجيتي، أضحك بلا سبب، أحتاج للكثير من السوداوية لأنهي كآبتي..
فأنت تعلم جيداً بأني أسير على قاعدة المعكوس من الشيء..
أحتاج للمزيد من الظلام لكي أكتب و أرى وجه الله في كتاباتي..
أحتاج أن أخرج في مساء قارس أمشيه والليل وحدي لألتقي بنفسي..
أحتاج أن أكتب رسالة غرامية لذواتي المضطربة..
ما عدت أهدي نفسي شيء حتى ولو كانت إبتسامة..
الحياة يا أبي تتبدل.. و أذكرني يوم قلت لك وراء كل مخاض أعظم مولود أعظم..
لكن أرضي جرداء، و شمس أملي تتوارى عني، ولا أدر ما السبب..
إن كل الأشياء صارت مجاز الحرقة و الفرقة..
لذا إعذرني إذا أعدت لك يوماً البذر ضامر و جاف، ففزاعة الحقل ترعبني، و تجردني من أمس قلت به سأكون..
أنا لن أكون..
لن أكون سوى آلهة لفشلي، ولن أسميه إخفاق مطلقاً، هو فشل يغلق فكيه علي…
في النهاية كل ما أستطيع الإيمان به بأن لا ضرورة لنا بالعيش لطالما تنتظرنا ذات النهاية..
الرب في السماء و نحن في الأرض.. نحن من نتألم ما إذ فقدنا، ضعنا، مرضنا، ضعفنا…
لم يكن حزن أكبر في حياتي غير رصاصة إخترقت صدر توأمي فينست جوخ..
اخيرا وليس أخرا.. سأشعل يومي بالسجائر ليمضي..
لا تدعو لي..
لا تمتن لي..
السعال يأتي من جديد، و روحي تحترق…