الليل غطى عيون النهار ..
طعن الفجر
بسهم الغيم …
فرحل الندى … وغادرت
الزهور الطرقات
مذ رحلت سيدي …
والشوق يستوطن
منى الاجفان
ينبت شوكا
وجمرا يصير
في الشريان
مذ غبت ….
والسهر بلا معنى
مذ غيابك
والوطن فاقد لمعانيه
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
يا سيدي
كيف تتحول الاشياء
كيف صار
الوطن كذبة
وهواك كذبة
اه كيف اكتشفت
بعد رحيلك
اني لست
اكثر كذبة))
محمد صوالحة
********************************************************************************
قراءة في هلوسة الغرب / بقلم أحمد وليد الروح
” الشمس غربت…. ” جملة شعرية نستوحي منها الهدوء و السكون بخيال الشاعر ، خيال يشف عن مخزون كبير لمرئيات عابرة في الذاكرة ، يسترجعها الشاعر عبر صور تجعلنا و كأننا نراها في لحظة تكوينية جديدة و متجددة ، فالشاعر لا يقرأ مخزون ذاكرته و لا يتذكر بل يرى ،و هذه الرؤية الشعرية لعناصر المكان و الزمان هي التي ستحول تلك العناصر فيما بعد عبر تصعيد حسي إلى كائنات شعرية حية ، و تشتغل على ترميز الغياب فنجد الشاعر يقول :
الشمس غربت….
الليل غطى عيون النهار ..
طعن الفجر
بسهم الغيم …
فرحل الندى … و غادرت
الزهور الطرقات
مذ رحلت سيدي …
و الشوق يستوطن
منى الاجفان
ينبت شوكا
و جمرا يصير
في الشريان
مذ غبت ….
و السهر بلا معنى
مذ غيابك
و الوطن فاقد لمعانيه
يحرص الشاعر في النص على إشارة مقلوبة أو معكوسة تكشف عن لحظته الراهنة ( الغياب ) … فكما أن الفجر طعن بسهم الغيم ، رحل الندى و غادرت الزهور الطرقات و نبت الشوك … على عكس الصور الحقيقية فالفجر يضيء رغم الغيم ، الندى لم يرحل و الزهور لم تغادر الطرقات ، إلا أن الغياب جعله يرى بلا رؤيا فالزهور أصبحت عنده أشواك و الفجر أصبح معتما و مظلما .
نحس و كأن شاعرنا غاب طويلا نسي أو تناسى نفسه لم يتفقدها منذ زمن ، مشاعر و أحاسيس خزنها القلب و الذاكرة معا ، و حين يعود إليها ـ إلى نفسه ـ يؤرقه الغياب ، فيتعمد خلق صور خيالية ، يحرص على أن تكون من مراتب الخيال غير معقدة ، و لا تحتاج إلى إعمال فكر في تمثلها ، شاعر يتصالحُ مع نفسه و يضع يده على موضع الألم ، ذلك أن تصالحه مع نفسه علَّمه كيف يخرج الآه و ينفث من روحه الألم ، عرَّفه كيف تتحول الأشياء ، كيف أصبح الوطن كذبة ، و هواها كذبة ، متأخراً إكتشف بعد رحيلها أنه ليس أكثر من كذبة …
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
يا سيدي
كيف تتحول الاشياء
كيف صار
الوطن كذبة
وهواك كذبة
اه كيف اكتشفت
بعد رحيلك
اني لست
اكثر من كذبة
إن المعنى ينتشي في النص عبر تكوينٍ ناظم لبنيته المجملة ، و فكرته التي تتمحور حول الغياب ، الذي يشكل جسرا داخليا للذات الشاعرة ، يعْبُر بواسطته الشاعر إلى آلامه و تأوهاته ، فهو الخيط الشفيف الذي يوصل بينه و بين عذابه .
يحتفي النص بالغياب و يوقظ الليل ذاكرة الأحزان ، يشعلها و يرسلها صورا تضطرم بقلب الشاعر … فيختم الشاعر النص برحيل الحبيبة الذي خلف وراءه الكثير من الآلام و الحزن العميق ، جعلته يعتبر نفسه و كأنه لا شيء ( عندها هي ، اي الحبيبة ) و كأنه لم يكن أكثر من كذبة …