كأني أرى أناملك تفتح للقرنفل ممرات الوجدان ؛ تطعم صغار الفراشات عطر
الحبق ؛فلاخوف للماء ؛ إذ تستحم فيه الظلال مترعة برائحة النعناع . فأنت فيحاء
البيلسان ؛ وقصيدة ترقص على ثغر الأقحوان .
ها هو اللوتس يخيط ذاكرة السفر ؛ كأنه أول الكتاب في مدار العطش ؛لا يعبأ
بالصخب ؛ يبلع اليابس من الصلصال ؛ولا يفتت وجه قمح الروح في كل
بستان .
تلك رؤياي تفيض من تباريح المسافات ؛ ما فتئت توسع حق الإقامة في السفر ؛
تأتي حلما أزرق صافي اللون ؛ ترعى فجر الخيال عند أعتاب الندى ؛ فيورق
بياض النسرين في أحداق الغربة ؛ عازفا لحن البقاء للنور الذي لا يغادر .
في يدك خطوط من تعالق النبض بالروح ؛ ألمسها بدفء الحياة ؛ كأن الحياد
ورقة ساقطة في أمسنا المجاور . فلا الريح تمنعني من الوقوف على أعشاب
براريك ؛ ولا الدخان يحجب عني حدائق الماء في عينيك.
كأن عينيك كتاب اللوز ؛ أخفى كاتبه أسراره في لون الغياب ؛ وفتح لأهل التأمل
احمرار الغسق ؛ لا أذكر كيف عبرت بينهما سالما ؛ في ليل يسيجني فيه الشجن .
لعلي كنت ساهما في اللوز ؛لا فيهما ؛ فعبرت كسروة فوق الظل ؛لا تحت الشمس ؛
ثم فتحت في الغموض ثقبا يكسر زجاج الوضوح حتى استبين الغيمة من الحجلة .
لقلت لكتاب اللوز : من كتبك ؟ ومن خلدك في عينيها .
قال : انظر إلى أناملك وأناملها ستجد أثر البياص نائما مغشيا عليه من أثر النسيان ؛
ثم تمعن في السواد فسترى ظليكما يمشي وحده ؛فذانك برهانان من الكاتب ؛ولا
ريب .