الأخوات والإخوة
أسعد الله أوقاتكم بالخير والعِزّة، وبروق المحبّة والجمال التي تَعْمُرُ قلوبكم الدافئة بالأصالة والانتماء في هذا المساء.
ومعكم أستذكرُ في حفل الإشهارِ هذا، وفي هذا المقام العامر بحضوركم المُؤنِس ما قاله صلاح الدين الأيوبي في حقِّ قلم القاضي الفاضل، وذلك في قول صلاح الدين: (لا تظنّوا أني ملَكتُ البلاد بسيوفكم وإنّما بقلم القاضي الفاضل). فأعطى القلم القدرة والأهميّة التي يفعلها السيف.
وكتاب الأديبة كفاية عوجان (واحد وأربعون قمراً – أدباء من قرية زكريا) يقع في مضمار الكلمة المُقاوِمة، والحرف المنتمي لقضيته. فما بين عسقلان التي وُلد فيها القاضي الفاضل، وبين زكريا التي تنتمي إليها كفاية، تاريخٌ من جذوة العزيمة والنضال.
أيها الحضور العزيز:
لقد شَرُفتُ بقراءة هذا الكتاب اللامع في بابه وموضوعه، ولمستُ بحسّي التاريخي والأدبي تضحية مؤلِّفته بوقتها وطاقتها لإنجازه على ما أتمِّم ما تتمنى له كاتبته، فكتابةُ الكتبِ أحياناً كثيرة تُشبهُ خوض المعارك، واجباتها الاجتماعية. وهو ما يحفزنا معشر القرّاءِ إلى مزيد من شكران المؤلّفة والامتنان والعرفان على ما أفاض به قلمُها من سطور هذا الكتاب، الذي ندبت له نفسها بجهد علمي وأدبي وتاريخيّ.
وسعادتي بهذا المنجز تتكاثر إذا أخبرتُكم أنني لم أقف على واحدة من نساء حضارتنا العربية والإسلامية أسرجت صهوة قلمها للاشتغال في أدب التراجم والأعلام غير الأديبة السورية ” زينب فواز” في كتابها ” الدرّ المنثور في طبقات ربّات الخدور” لتكون الأديبة كفاية عوجان ثاني سيّدة في هذا المضمار. وقد أشارت في مقدّمة كتابها المُحتفى به اليوم إلى الصعوبات والعقبات التي واجهتها غير عابئة في سبيل هدفٍ أسمى ووفاؤها لأهل بلدتها وأدبائها.
فشكراً مرة أخرى لكفاية على هذه العزيمة الوقّادة التي أثمر شجرها هذا الكتاب بجهدٍ فرديٍّ تجلى في منهجية تأليفه الواضحة من حيث مصادرها التي اعتمدتها ومن حيث دوافعها وتنظيمها وكشفها جوانب من تطور الشخصيات الأدبية التي اشتمل عليها هذا الكتاب الذي يعكس كثيراً من المظاهر المهمة للتطور الفكري والثقافي لهؤلاء الأعلام ولبلدتها التي انجبتهم.
والمُتَرجَمُ لهم في هذا الكتاب يشتركون في سِمة جغرافية واحدة يرتبط اسمها ببلدة زكريا، وهذه إحدى ميزات هذا الكتاب، وبالتالي فهي تعكس النضج الثقافي والعلمي لبلدة زكريا تاريخاً وهويّة.
لقد جمعت الأديبة كفاية عوجان مادةَ كتابها العلمية والتاريخية مستعينة بعدد من المصادر التاريخية والأدبية وجعلت منها بناءً مركّباً محكماً، فاستطاعت تعزيز مكانتها بوصفها كاتبة راسخة، وأن تفسح لقلمها وقَدمها مكانة مرموقة،
وأعرف أن كثيرين سيسارعون إلى تقديم وجهات نظرهم في عملها هذا.
ولهؤلاء اقولُ: بمقدوركم التمييز بين ما ترونه كقرّاء وبين ما هو مكابدة وعمل عاشته الكاتبة لإنجاز هذا الكتاب.
لا أحد يفكّر في توجيه اللوم للمحامي والطبيب والمغنّي والصيدلي أو أي إنسان يتطلّب عمله استخدام الذهن، فالأمل معقود عليكم أيها الأغيار أن يحظى كتابها هذا لديكم بالرضا والإنصاف. ولكم ان تقرأوا مقدمة كتاب كفاية هذا قبل أن تلجوا إلى سطوره لتدركوا شجاعتها كأديبة عربية فلسطينية ما زال نبضها مشتعلاً بالحنين إلى تلك الرُّبا المضاعة… إلى زكريا وأعلامها.
أيها الحضور الكريم:
كلامٌ كثير يستحقه هذا الكتاب
وشكر عميم جديرة به الأديبة كفاية عوجان
وامتنان عميق لحضوركم ومشاركتكم وإصغائكم
أشكركم وأسلِّمُ عليكم.