كنتَ أقوى من السيول اندفاعا
بل وأعلى من السقوف ارتفاعا
حينما الموت كان أطول مما
ينبغي كنتَ منهُ أطول بـاعـا
لم يرَ السيل منك أكثر بأساً
أو ترى مثلك المنون شجاعا
كنتَ تطفو على المياه وتعلو
فوقهـا لا تحـسُّ تحتـكَ قاعا
صارخاً في الرياحِ بالأمرِ كوني
لي على موجـةِ المياهِ شِراعا
فامتطيتَ الرياحَ خيلاً عصيّاً
ولهــا كنــتَ آمـــراً ومُطـاعــاً
عابـراً غضبةَ السيـول كَفُلْــكٍ
لم تزدك الخطوبُ إلا اندفاعا
لم تكـن أبيضــاً ولا نرجسيَّـاً
لـم تكن ليِّنــًا؛ يــدًا وطباعــا
كنتَ كالأرض أسمراً وشديداً
لا تعـاني تشققًــا وانصـداعــا
قلـتَ للسيـل هـا أنــا فابتلعني
لستُ ممَن يخاف منكَ ابتلاعا
إن نفسَ الشجاعِ تهوى المنايا
مثلما يعشـق الجبـانُ المتـاعـا
وكـأنـي بـــه يقـــول بهمــسٍ:
ويحها لن تطيرَ نفسي شُعاعا
إن من يركبُ المخاطرَ لا يخـ
ـشى رداهـا ولا يعـودُ امتناعـا
جاء كي ينقذ النفوس بنفـسٍ
حـرةٍ فيـه لا تهـابُ الصـراعـا
صارعَ السيلَ وحدهُ كي يفدِّيْ
أنفُسَ الحائرين حتى استطاعا
شــدَّ بالحبـــل ظهــرَهُ فتـدلـى
مــن أعاليـــه طـائـــراً فـزَّاعــا
رغم أن السقوط بالحبل صعبٌ
لم يكن خائفـاً عليـهِ انقطاعا
ظـلَّ يدنو من المهـالـك حتى
قاب قوسين نحوها أو ذراعا
مـدَّ للغارقيـن في المـاء كفًّـا
وافتـدى كـل هالـكٍ يتـداعى
حيـن لا دولـــةٌ تمّــدُّ إليهـــم
بيــد العــون أو تمّــدُّ صواعا
مــدَّ روحـاً إليهــمُ وضميــرًا
وبنى جسمـه النحيـل قلاعا
بينما الخائفون كانوا وقوفاً
يطلقون العيـون والأسماعا
صارَ هذا النحيلُ جسرَ نجاةٍ
عبـرهُ الغارقـون مـرّوا تباعـا
هكذا يفعـلُ الأساطيـرُ دوماً
حينما تكبـرُ النفـوسُ طِباعا
يا لعجز الرئيس عن فعل هذا
يا لـهُ مـن غــدٍ ينُــمُّ ضياعـا
نحن شعبٌ إن لم نمتْ بشظايا
الحربِ متنا كما الطيور جياعا
كُلنا غارقـون في اليـأسِ لولا
أن بعضـاً لنــا يمـــدُّ شـراعــا