كنت أعرف / بقلم : إسماعيل هموني – المغرب

كنت أعرف أن المساء فسحتك المفضلة مع الذات ؛ تجلسين إلى دواخلك ؛ وترقبين

كيف تشرب النشوة منك لون الكلمات ؛وأنت تطرزين غفوات الماء على سرير

اللغات . على جنبات المساء يقيم الوصل ؛وتزهر في الوجدان وشوشات البين ؛

فكنت تدربين خطواتك على الأسرار ؛ وما لا تدركه الأبصار.

كأن المساء لديك معرفة بأحوال التيه في ارتعاشات الكلام ؛ وأنت تنسجين طلائعه

من عطرك المستخلص من موج الطمأنينة . هادئة كالصمت تخيطين خدوش الوجد

بأنفاس خفيفة من الأبدية .

هل تحرسين المساء في وحدتك أم تفتحين للشساعة حدا من حدود التأمل في انتساب

المــاء إليك؟

كنت أسمع أنفاسك تتسع في مداها ؛ فأحمل قدمي إلى هواها ؛فيضحك الطفل الذي

يكوننا بين شقائق النعمان وأطواق الحمام ؛كأنه قنديل يقود خطونا كل الفصول .

ورأيتك تضحكين تحت سقيفة المساء ؛ والسكون يضرب خمائله على شفتيك ؛

وإذا بخطوتين منك تسرج الشوق في دمي؛ هبت جمرة الذهول في داخلي ؛ وعبرت

قبة المساء بسلام .

هل المساء ورعك الهادر بصخبك ؟

أحسبني أسأل خلوتك عني ؛ فأقنع بالنظر إلى شفتيك ؛ثم أدفع عني حرق الهوى

حتى أضحك بين يديك ؛ وأحيا عامرا بك ؛ قائما في كينونتي أرى الكون من ذاتك

مستقلا بك وقائما في إدراكي.

لست أدري إن جاء العالم ملفوفا بسطوعك لا غياب فيه أبدا ؛كأن المحو انغمس

بعيدا عن اللغة ؛ وتولى وجدانك الشفيف بناء المعنى. الآكد أن كيمياء الحال توأم

الإرادة فيك ؛ وأن المقاصد جوهر تناسبت ماهيته مع لون عينيك.

كأني أبصر ملامحي تتوطن في معناك ؛ ولا معنى لي سواك. على حد الوقوف

رأيت لغتي تفك عزلتها عن المعنى فيك ؛ وتشابع كل نظام رمزي داخل أنساق

تواتر خطوك ؛والمساء لسان المعنى ؛وإرادة الرغبة ؛فكان الثراء بالدلالة ؛

والفطام عن كل سهو أو ذهول يتكلمان عنك بإطمئنان نفيس .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!